في ذكرى وفاتهما.. 4 أشياء جمعت بين "جاهين" و"الأبنودي"

طاهر عبد الرحمن

تمر اليوم ذكرى وفاة اثنين من أهم المبدعين المصريين في النصف الثاني من القرن العشرين، هما صلاح جاهين وعبد الرحمن الأبنودي.

لم تقتصر التجربة الإبداعية للراحلين الكبيرين على كتابة الشعر والأغاني، وإن كانت تلك بالطبع أهمها، ولكنها كانت متنوعة وشاملة. فمن المعروف أن صلاح چاهين هو أول من نشر لعبد الرحمن الأبنودي وقدمه  -مع غيره مثل سيد حجاب- من خلال الباب الصحفي الشهير الذي كان يكتبه في مجلة صباح الخير، “شاعر أعجبني”.

وبالنظر إلى تجربة ومسيرة الشاعرين الكبيرين، فإن هناك متشابهات كثيرة جمعت بينهما، خلال مسيرتهما الحافلة، وفيما يلي يرصد إعلام دوت كوم، أبرزها:

الرحيل في نفس التاريخ

في 21 إبريل 1986 رحل صلاح جاهين، وفي نفس اليوم عام 2015 رحل عبد الرحمن الأبنودي، ومن المصادفات أن الأبنودي كتب قبل رحيله قصيدة رثاء لجاهين بعنوان “موال.. طقطوقة”، وبالطبع لم يكن يعرف أن يوم وفاته سيكون هو نفس يوم رحيل صديقه بفارق 29 عاما.

ولم يكن الأبنودي – في كل حواراته وأحاديثه – يخفي الدور الكبير الذي لعبه صلاح جاهين في حياته، فهو أول من قدمه للوسط الأدبي، وكذلك الوسط الفني، حيث كانت أول أغنية له من خلاله.

نرشح لك: سر خلاف “الشريعي” و”الأبنودي” الذي دام 20 عامًا

الاهتمام بالتراث

اهتم الشاعران بالتراث الشعبي جدا، فمن المعروف أن الأبنودي قضى سنوات طويلة في جمع الملحمة الشعبية الشهيرة، السيرة الهلالية، وقدم صلاح جاهين واحدا من أهم الأوبريتات الغنائية المصرية، الليلة الكبيرة، والتي يرصد أجواء الاحتفالات المصرية التقليدية في الموالد، وكذلك القصة الشعبية الأشهر، “شفيقة ومتولي” كما قدمها في الفيلم الشهير.

كان كل واحد منهما متأثر بالأجواء التي تربى ونشأ فيها، ففي الصعيد حيث عاش الأبنودي تستحوذ السيرة الهلالية على أكبر الاهتمام من الناس بكل تفاصيلها الدرامية المثيرة، وهو ما ظل محفورا في عقله ووجدانه، ودفعه لبذل كثير من الوقت والجهد والمال لجمعها وتوثيقها بشكل يكاد يكون أكاديميا، ليس في مصر وحدها بل في كثير من الدول العربية.


أما صلاح جاهين، ونظرا لتنقلاته الكثيرة في المدن المصرية بسبب عمل والده القاضي، فكانت أمامه الفرصة لمشاهدة ودراسة  الكثير من الظواهر والمعتقدات الشعبية التي قدمها بشكل مكثف ومركز فيما بعد في أعماله الغنائية.

كتابة السيناريو

امتلك الاثنان موهبة لا تنكر في كتابة السيناريو والحوار للأفلام السينمائية، كما في أفلام “خلي بالك من زوزو” و”أميرة حبي أنا” و”الاختيار” و”شفيقة ومتولي” لصلاح جاهين، وأفلام “شيء من الخوف” و”الطوق والإسورة” لعبد الرحمن الأبنودي.

يعتبر “خلي بالك من زوزو” علامة من علامات السينما الغنائية حيث قدم جاهين “خلطة” فنية يصعب تكرارها، من القصة إلى السيناريو إلى الأغاني، مع ملاحظة أن توقيت إنتاج الفيلم، عام 1972، كان حساسا جدا في ظل ظروف ما بعد هزيمة يونيو 67.

نرشح لك: قصيدة إسلام وهبان في ذكري الأبنودي : صدقت يا خال

وأيضا فيلم “شيء من الخوف” علامة أخرى في تاريخ السينما المصرية، وكان دور الأبنودي فيه – في البداية – يقتصر على كتابة الأغاني، لكنه ودون أن يخبر أحدا أعاد كتابة الحوار، بما يتناسب مع روح وطبيعة المجتمع الذي تدور فيه الأحداث، وقد كتبه في وقت قياسي، وكان مفاجأة لصناع الفيلم، مما كان له أثر كبير في نجاحه، مع أنه لم تُكتب مساهمته تلك على الأفيش.

أغاني الحلم الكبير

كتب كلاهما أشهر أغنتين وطنيتين غناهما عبد الحليم حافظ، فكتب جاهين أغنيته الشهيرة، “صورة” تبشيرا بالحلم الناصري، وكتب الأبنودي أغنيته المعروفة، “عدى النهار” لتجديد الأمل عقب هزيمة يونيو 67.

 


ارتبط الاثنان بالحلم الذي مثله جمال عبد الناصر في الخمسينيات والستينيات، وكان كل واحد منهما يعتبر نفسه ابنا للمشروع، لذلك جاءت مساهمتهما صادقة ومتحمسة، بغض النظر عما حققه المشروع فيما بعد أو لم يحققه.

كان عبد الحليم حافظ هو الصوت الذي من خلاله نقل صلاح جاهين أحلامه الكبرى، وكان هو أيضا الصوت الذي بث الأبنودي منه الأمل والحلم في النهوض مجددا عقب النكسة المروعة.

 

الرباعيات والمربعات

امتلك كل واحد منهما الموهبة الكبيرة والقدرة على كتابة ألوان صعبة من الشعر، فكتب جاهين “الرباعيات” وكتب الأبنودي “المربعات”، حيث قدما أفكارا ورؤى فلسفية عميقة بأسلوب سهل وبسيط ومباشر، يفهمه القارىء العادي والمثقف على حد سواء.

وكانت التجربة التي عاشها الشاعران الكبيران في الحياة والفن تساعد على ذلك وتتيح لهما إبداعا لا يستطيع تقديمه كثير من الشعراء.