10 تصريحات لـ ميسلون فاخر عن روايتها "الكلب الأسود"

إسراء إبراهيم
ميسلون فاخر
الحروب والصراعات تخلف الدمار وضياع الأوطان، كما أنها تترك دوما حكايات أليمة للبشر لا تنتهي بمرور الأيام والسنين. لذا فأنها مادة مثيرة للأدباء والفنانين، تجعلهم ينقلون معاناة الشعوب ويعبرون عنها على طريقتهم الخاصة، فـ يرون الحكايات من منظور لم نرِه من قبل.

وفي روايتها الأحدث “الكلب الأسود” الصادرة عن دار سطور للنشر، تحلول الكاتبة العراقية ميسلون فاخر، نقل معاناة الشعب العراقي الذي عانى ولا زال يعاني من جراء الحرب، ولكنها ركزت في روايتها على الجانب النفسي الذي قد يغفل عنه الكثيرون في الكتابة عن الحروب بشكل عام.

نرشح لك: بعد إثارة الجدل حول صدورها بالعامية.. أول رد لمترجم رواية “الغريب”

تواصل إعلام دوت كوم مع الكاتبة العراقية ميسلون فاخر، لتعرف أكثر على مشروعها الأدبي، وكواليس كتابة “الكلب الأسود”، وذلك من خلال التصريحات التالية:

1- أنا من مواليد العراق وأحمل الجنسية السويدية، أعمل في القناة الوثائقية منتجة أفلام. جئت إلى عالم الكتابة متأخرة ليس لأني شئت ذلك، ولكني لم أكن أحمل معي حكمة الحياة التي تمنحني القدرة على السرد وجرأة التجريب، لذا أن تأتي لهذا العالم الذي تعشقه متأخرا أفضل من أن تأتي مبكرا خالي الوفاض. علاوة على ذلك للكتابة قدرة على التطهير الذاتي وغسل ذنوب الآخرين. ورص مسافات شاسعة من الأسئلة بين الكاتب ومجتمعه.

ميسلون فاخر

2- تجربة الهروب من الأوطان والهجرة غير الشرعية رغم أني لم أعشها على المستوى الشخصي ولكنها لاحقتني مثل كابوس مفزع، وأضافت قتامة سوداء وحزنا كبيرا على أغلب جيلي ومن بعدنا. وجعلت تلك التجربة المؤلمة عتبة لكل نص سردي يكتب في منطقة تعج بالهجرة والموت على قوارب المهربين. أما حروب العراق التي خاضها متبرعا أو مرغما فهي التي نخرت في عظامنا وجعلت من أرواحنا شريدة لا تنعم بأوطان هاجرت لها، ولا تتمكن من العودة لوطن ضاق بمواطنيه.

3- سبب اختياري “الكلب الأسود” اسما لروايتي، أنه من أعقد الأمراض وأكثرها تدميرا للنفس البشرية هي تلك النزاعات الداخلية والاضطرابات النفسية التي تترك صاحبها حبيسا في غرفة مظلمة يطارده نباح كلبه الأسود دون هوادة، وحين يحاول الانفكاك من ذلك الفزع يجد نفسه مرة أخرى في محبس المهدئات التي يحاصره الأطباء النفسيين بها لينتهي به المطاف جسدا مستباحا مرتين، لا يمكن الانفلات من ذلك دون إرادة كبيرة وعظيمة للعودة للحياة.

ميسلون فاخر

4- ليس هناك توصيف دقيق لأية معاناة إلا حين يزفرها ذلك الشخص المعني، أما الأطباء الذين استعنت كثيرا بشروحاتهم العامة، وأطلعت على أفلام تعالج الهم ذاته لكتابة “الكلب الأسود”، تركت بداخلي كم كبير من الفهم واستيعاب الإحساس ثم فجأة وجدت نفسي في صندوق ضيق مظلم يشابه ما عانى منه “جمان” و”عماد”، في تلك اللحظة وجدت نفسي شاهد عيان لما لديهم من اضطرابات لأعبر عن معاناتهم بشكل صادق، ووجدتني تحولت إلى كتلة متماهية مع كوابيسهم.

5- حين يكون وجه الوطن مشوها بحروب طغاته وأحذية غزاته، وأنت مطرودا من كل منافذ العبور بلا بوصلة لا ينفع حينها أية تدخلات ولا وصوفات، لا لغة تنفع حين يموت هذا الكائن العظيم الوطن، للفن مهمات منها أن يصنع بورتريه للخراب، ولكنه غير مسؤول لخلق البصمة المطابقة للواقع والابتعاد عن المباشرة في طرح ما يراه الناس جزءا من حياتهم العادية، فما حدث للعراق هو على مرأى ومسمع الجميع وعلى شاشات التلفزيون. جثث مسجاة على قارعة طرقاتنا، لذا ليس مهما أن يتحدث الأدب عن كيف تشرق الشمس ولكن أن تراها من خلال ذاتك ذلك تلك هي المفارقة.

6- الرواية التي لا تملك منظورا فلسفيا لا تستحق إلا أن تكون مضيعة للوقت، وإن لم تتوفر فالعمل لن يبقى له أثر بعد حين. وهذا الهدف ينسجم مع فكرة “المحايثة” التي اعتبرها الفيلسوف “كانط”، تداول المعرفة بين الكاتب ومجتمعه وهو نوع من مزاوجة الوعي المشترك بين الطرفين. حيث يديم تلك العلاقة التكافلية التي بنيت على مصالح مشتركة.

7- الأعمال الروائية تحمل في طياتها صور للأمكنة ولكنها تتحكم بالتفاصيل التي هي تقدر ثمنها في جودة السرد لا ما يحتاجها القارئ، وهي بالفعل موجودة على أرض الواقع. السارد يتقمص شخصية مدير المشروع يختار ما يلائم توجهاته ويتماشى مع سياسته في التحكم في المكان، لذا نجد لكل عمل روائي بصمته ومنظوره الخاص.

8- حلم أي كاتب أن يجد ورقه تحول إلى صورة بصرية. ويقول ميشيل فوكو (لماذا يبدو المصباح والشجرة جميلين في الفن لماذا لا يكونان جميلين في حياتنا أيضا)، هكذا إذن حين تحول مشاهد كتبت في الرواية إلى لحظات بصرية تضيف جمالا خلابا وفعلا دؤوبا على البحث في خفايا النفس البشرية. وللشاشة سهولة الوصول لأكبر عدد من الجمهور تتفوق بذلك عما يفعله الكتاب، ناهيك عن كم النجاح الذي يحصده الفيلم لو كان العمل مكتوبا بشكل رصين.

9- السارد المتمكن هو الذي يفاجئك دوما دون أن تتوافق توقعاتك مع الأحداث، حينما تتكهن وتصدق توقعاتك في العمل لم يعد هناك أية شغف لمعرفة المزيد، تتحول إلى متفرج يعرف نهاية الفيلم سلفا، ولكن حين يفاجئك الكاتب بأحداث لم تفكر بها أنت ولم تتوقع حدوثها لكنها تشعل في داخلك الترقب والتشويق لآخر سطر وتصل أحيانا إلى بهجة خفية تتسرب منها حلولك الدرامية للشخصية، حيث تمنحك السعادة لأنك تعرضت للتلاعب العاطفي، وهذا جزء من تلك اللعبة المسلية بين القارئ وصاحب العمل.

10- أنا لا أؤمن بتصنيفات جندرية في الحياة عموما، في الأدب أنا لا أنحاز لفئة دون الأخرى، الهم الإنساني واحد ورواياتي الثلاث هي قصص إنسانية تعرض لها الرجل والمرأة على حد السواء. ولكن بسبب ظروف مجتمعاتنا والتي تكون المرأة الطرف الأضعف والأكثر تحملا والتي تصاب كفتها بالثقل بسبب جور المجتمع، أراني أسهب كثيرا عن حمولاتها الفائضة عن قدرة الإنسان العادي. وللسيدات في مجتمعنا العربي دور عظيم في امتصاص الوجع والخيبة، ولكن تبقى هي قصص إنسانية يعبر طرقاتها الطرفين دون تفوق طرف على الآخر.