بسبب مسرحية.. تفاصيل خلاف لطفي الخولي وأحمد عباس صالح

طاهر عبد الرحمن

في عدد يوم 11 أبريل 1964 من جريدة الأهرام، وفي زاوية فكر وفن في صفحة الرأي التي كان يشرف عليها.. كتب لطفي الخولي مقالا تحت عنوان: “نطالب بلجنة صحفية ثقافية تحدد القيم ومسئولية الناقد”.

المقال كان ردا على مقال كتبه الناقد والكاتب المعروف أحمد عباس صالح، في جريدة الجمهورية، وفيه تناول مسرحية الخولي الشهيرة، “الأرانب” والتي كانت تعرض وقتها على مسرح الحكيم.

نرشح لك: ذكرى ميلاد نبيل فاروق.. ملف خاص

لكن “صالح” في مقاله لم يتعرض من قريب أو بعيد لنقد المسرحية وفكرتها وأداء الممثلين فيها، كما هو المعتاد في نقد أي عمل فني، بل خصص مقاله كله للحديث عن المؤلف، وهو ما دفع لطفي الخولي إلى كتابة رده.

اعتبر لطفي الخولي، أن مقال عباس صالح، ومقال آخر لناقد لم يذكر اسمه، نوعا من هجوم شخصي على أساس منطق الشلل ومصالحها، وذلك -في رأيه بسبب مقالات كان كتبها مع آخرين- في صفحة الرأي بالأهرام عام 1963، عن قضية “أزمة النقد”، ولقد اتخذ البعض من مسرحيته، ومن شخصية أحد أبطالها، فرصة للهجوم عليه.

كتب عباس صالح، أن الخولي قام بفرض مسرحيته على مسرح الحكيم، في إشارة إلى نفوذه وعلاقاته مع القائمين على إدارة المسرح، أكثر من ذلك نسب إليه أنه قال: “إن النهضة الثقافية في مصر تعتمد على ثلاثة أعمدة هم: طه حسين وتوفيق الحكيم وأحمد حمروش”.

بالتأكيد لا توجد أدنى مشكلة في اسمي طه حسين، وتوفيق الحكيم، ولكن المشكلة أو الإشارة في اسم أحمد حمروش، والذي كان وقتها يشغل منصب مدير مؤسسة المسرح والموسيقى، والمعنى في كلام صالح أن ذكر اسم حمروش مع الاسمين الآخرين دليل على نفاق واضح من لطفي الخولي تجاه المسئول الأول عن النشاط المسرحي في مصر، وبالتالي فإن عرض مسرحيته لا يعدو أن يكون إلا نتاج “الشللية” والعلاقات الشخصية بغض النظر عن المسرحية وقيمتها.

كان ذلك الاتهام هو أكثر ما استفز لطفي الخولي ودعاه لمخالفة تقاليد جريدة الأهرام، بالكتابة في أمر شبه شخصي، وكتب رده على عباس صالح.

كتب الخولي تقول إنه يتحدى الناقد المعروف ليذكر اسم الصحيفة أو المجلة وتاريخ ورقم العدد ونص المقال الذي وردت فيه تلك العبارة.

ويستطرد الخولي ويحكي قصة المسرحية حيث طلب منه د. علي الراعي، مدير المسرح القومي عام 1963، كتابة مسرحية ليبدأ بها الموسم، وهو نظام معمول به وقتها، وبالفعل كتب وأرسل النص له، وأختير سعد أردش لإخراجها، ثم حدث أن اعتذر أردش لانشغاله فتم تحويلها إلى عبد الرحيم الزرقاني، ولكنه طلب تعديلات لم يقبلها الخولي، واحتدم الخلاف بينهما فقام بسحبها من المسرح القومي وقدمها لمسرح الحكيم، وقرأتها اللجنة المشرفة على المسرح وهي مُشكلة من: توفيق الحكيم ود. حسين فوزي ود. رشاد رشدي ونبيل الألفي ووافقت عليها.

في مقاله يقول عباس صالح أنه لم يقرأ لأحد “مدح تلك المسرحية” ما عدا مقال واحد نشرته مجلة المسرح واعتبره مدحا وتسخيرا للمجلة باعتبار نفوذ المؤلف.

وهو ما رد عليه الخولي وكتب قائمة بأسماء من كتبوا عن مسرحيته، وكلهم نقاد لهم وزنهم، مثل: محمد مندور ودريني خشبة وسامي داود وسعد الدين توفيق ورشاد رشدي ومراد وهبة، وكلهم كتبوا عن الإيجابيات والسلبيات في المسرحية.

ويختم لطفي الخولي مقاله بإشارة -ربما يكون لا يزال صداها معنا حتى الآن- أن الناقد أحمد عباس صالح “يفهم النقد على أنه إما مدح أو ذم”، وهو “نقد محكوم باعتبارات ذاتية أو شللية مغلقة على نفسها”.