أرشيف إعلام| توقفت الصلاة فيه 17 يوما.. هذه ليست المرة الأولى لإغلاق الحرم المكي

شهدي عطية

في حدث تاريخى وغير عادى، أخلت السلطات السعودية، مساء أمس الخميس الكعبة الحرم المكى من المعتمرين والمصلين، تخوفا من انتشار فيروس كورونا، ولتعقيمه وفقا لما أعلنت عنه المملكة من إجراءات احترازية لمواجهة فيروس كورونا القاتل.

نرشح لك: نرشح لك: صور.. إخلاء صحن الحرم المكي

وإن كان الحرم المكي قد أغلق مؤقتا تحسبا لانتشار فيروس كورونا فقد شهد التاريخ الحديث واقعة أخرى أغلقه فيها بل وتوقفت فيها الصلاة 17 يوما داخل الحرم لكن بسبب إعتداء إرهابي مسلح عام 1979 وبالتحديد في اليوم الأول من محرم عام 1400 هجرية أي في اليوم الأول من العام الهجري.

بدأت واقعة حادثة الحرم المكي فجر يوم 1 محرم 1400 والموافق 20 نوفمبر 1979، حين استولى أكثر من 200 مسلح على الحرم المكي، مدعين ظهور المهدي المنتظر، وذلك في عهد الملك خالد بن عبد العزيز. وقد هزت العملية العالم برمته، فمن حيث موعدها فقد وقعت مع فجر أول يوم في العام الهجري الجديد، ومن حيث عنفها فقد تسببت بسفك للدماء في باحة الحرم المكي، وأودت بحياة بعض رجال الأمن والكثير من المسلحين المتحصّنين داخل الحرم.   

بعد صلاة الفجر وقف جهيمان العتيبي وبجانبه محمد عبد الله القحطاني، ليعلن أمام المصلين خروج المهدي المنتظر، وطلب منهم مبايعة محمد القحطاني باعتباره المهدي الواجب اتباعه، وفي هذه الأثناء، قامت مجموعة من الرجال التابعين له باستخراج أسلحة خفيفة من توابيت أدخلت قبل الصلاة باعتبارها تحوي على جثامين لموتى للصلاة عليهم في المسجد، و لكنها كانت معبأة بالأسلحة والذخيرة بدل من ذلك، وتمكن المسلحون من إغلاق الأبواب وسد المنافذ الحرم والتحصن بداخله،

وجدت الحكومة السعودية نفسها محرجة ومكبلة في مواجهة العملية، وبدت كما لو أنها مصابة بالشلل. وتحدث بعض المحللين بأنها تعاملت مع حادثة الحرم على أنها محاولة انقلابية تستهدف الإطاحة بالنظام السعودي بأسره، وكان لا بد قبل الشروع في أي عمل عسكري من استصدار فتوى تبيح التدخل بالقوة وإدخال الأسلحة إلى الحرم المكي لإنهاء الحصار، وتمكنت السلطات من الحصول على أصوات 30 من كبار العلماء لاستخدام القوة ضد حركة جهيمان.

ولخطورة الموقف بعد فشل المحاولة الأولى وضعت القيادة السعودية عددا من الخطط لتحرير الحرم، منها إغراقه بالمياه، ثم تسريب الكهرباء وصعق المتمردين، وهو ما بدى أمرا صعب التحقيق مع إمكانية وقوع عدد كبير قتلى بين المدنيين .

ومع ازدياد خطورة الموقف لم يكن هناك من حل سوى اللجوء إلى المساعدات الأجنبية، وبموجب تكليف رسمي فرنسي، ومن الرئيس الأسبق جيسكار ديستان؛ توجه باريل واثنان من زملائه؛ أحدهما يدعى كريسيتان لامبرت، وكانوا من أشهر القناصة في العالم في ذلك الوقت إلى الرياض، والتقوا العاهل السعودي خالد بن عبد العزيز آل سعود وكبار القادة العسكريين.

وبغياب المعلومات عن أماكن تواجد المسلحين وأعدادهم تولى الوفد العسكري الفرنسي تقدير الموقف والإعداد لخطة محكمة لتحرير الحرم قامت الخطة الفرنسية على استهداف القناصة للعتيبي وأتباعه المتواجدين في الأماكن المرتفعة بالحرم، وإجبارهم على التوجه للطوابق السفلية، انطلقت العملية بشكل فعلي يوم الرابع من ديسمبر1979 عبر محاصرة الحرم من كل الجهات ورمي الغاز على أماكن تواجد المسلحين، وانتهت بالسيطرة الكلية على الحرم ومقتل غالبية المتمردين وأسر البقية.

وبعد تحرير الحرم المكي من المتمردين عادت شعائر الصلاة مرة أخرى للمسجد بعد انقطاع دام 17 يوما.