زيارة لمكتبة "حوش عيسى".. (1-4)

أحمد شعبان

على مدى سنوات طويلة من العمل التليفزوني، قدّم الكاتب الصحفي الكبير إبراهيم عيسى خلالها العديد من البرامج السياسية والاجتماعية والدينية والتاريخية، على شاشات مختلفة، ظلّت استعانته بالكتب ملمحًا رئيسيًا من ملامح برامجه، خاصة الأخيرة منها، فالصحفي غزير الثقافة واسع الاطلاع يعرج إلى الكتب مفتشًا عن وقائع من تاريخ مصر الاجتماعي والسياسي والفني، يرويها ويستشهد بها، عند التعرض لقضية ما، أو خلال حديثه عن موضوع بعينه، فيأخذك في جولات، ويقرأ على متابعيه مقاطع عدة من الكتب التي يسلّط الضوء عليها.

نرشح لك: إبراهيم عيسى: “اللي بنى مصر كان بتاع كنافة”

بعيدًا عن السياسة التي ملّ منها المشاهدون، والآراء الدينية التي ثثير جدلًا، اختار “عيسى” لبرنامجه الجديد “حوش عيسى” ، الذي يعود به بعد غياب عام كامل عن الشاشة، ويُعرض على شاشة “أون”، أن يركز على موضوعات اجتماعية وتاريخية وفنية، ويذكر أحاديث وحكايات مختلفة ومتفرقة وممتعة في آن واحد، ويشرح ويحلل بالأفلام والأغاني، كما يروي حكايات سينمائية لأفلام شهيرة. ويبقى بارزًا في كل حلقة استعانة “عيسى” ببعض الكتب، التي يقرأ على مشاهديه مقاطع وفقرات منها، عند حديثه عن مسألة معينة.

وفي السطور التالية، يقوم “إعلام دوت أورج” بزيارة لمكتبة “حوش عيسى”، مسلطًا الضوء على الكتب التي استعان بها “عيسى” في حلقات برنامجه، ولماذا استعان بها، والمقاطع والفقرات التي توقّف عندها، وذلك من خلال سلسلة موضوعات تُنشر تباعًا.

1- كتاب “وزير داخلية عبد الناصر- شعراوي جمعة- شهادة للتاريخ” لـ محمد حماد

صدر عام 2016 عن مركز الأهرام للترجمة والنشر

في حلقته الأولى يوم الخميس 11 يناير وخلال حديثه عن محافظة المنوفية، وكيف سيطر أبناؤها على حكم مصر والمناصب النافذة، يحلل “عيسى” أبعاد الشخصية المنوفية، ويحاول أن يفسر سبب سيطرة أبنائها على المؤسسات التعليمية والدينية فضلًا عن مؤسسات الجيش والشرطة والقضاء، موضحًا أن ذلك حدث بسبب اتجاه أبناء المحافظة إلى التعليم والابتعاد عن أعمال الزراعة كغيرها من محافظات مصر، كما يتطرق إلى ارتباط الرئيس الراحل محمد أنور السادات بقريته “ميت أبو الكوم” وحرصه على زيارتها، وارتدائه الجلباب والعباءة الريفية، وهو ما ساهم، بحسب “عيسى” إلى ظهور ما يعرف بـ”منوفية السياسة” أو ترييف السياسة.

ينقل “عيسى” من الكتاب فقرة يحكي فيها “جمعة” كواليس لقاء سياسي جمعه هو وسامي شرف مدير مكتب الرئيس، بالرئيس السادات عام 1971، حين زاراه في قريته، وكيف اندهش شعراوي جمعة من مناقشة قضية سياسي بالشكل الريفي، يقرأ “عيسى” من الكتاب: “ذهبنا إلى الرئيس الساعة السابعة في القناطر الخيرية، وطلب منا أن نصعد إلى غرفة النوم، فوجدنا السادات يرتدي العباءة فوق الجلباب، ويجلس على الأرض فدخلنا ودعانا للجلوس على الأرض، وناقشنا في تلك الجلسة الملاحظات حول مشروع الاتحاد”.

2- كتاب “أنور السادات الذي عرفته” لـ عبد الستار الطويلة

صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 1992

يستطرد “عيسى” في الحديث عن السادات وكيفية إدارته وطريقة حكمه، متطرقًا إلى اختيار محمد حسني مبارك “المنوفي” نائبًا له، ويشير إلى حوار أجراه عبد الستار الطويلة مع الرئيس السادات وسأله عن أسباب اختيار حسني مبارك نائبًا له، وأبدى استغرابه من اختياره بالرغم من أنه ليس له تاريخ سياسي، ينقل “عيسى” من الكتاب: “رد عليا الرئيس السادات وقال: ما عشان كده مالوش تاريخ سياسي فدي تمثل ميزة عظيمة، أنا جبته عشان يشرب نوعية الحكم الجديد، ثم سألته: هل اختارته لأنه منوفي؟، ليرد السادات انتو هتخلوها الجمهورية المنوفية المتحدة ولا إيه؟!”.

3- “كتابيه” لـ عمرو موسى

صدر العام الماضي عن دار الشروق

توقف “عيسى” عند حديث وزير خارجية مصر الأسبق والدبلوماسي المخضرم عمرو موسى في مذكراته عن الرئيس مبارك، ينقل عن الكتاب قول “موسى”: “والواقع أن حسني مبارك كان رجلًا وطنيًا ومصريًا حدق، ومنوفيًا بكل معنى الكلمة، لم يكن من السهل خداعه وبالطبع كان يعلم بحجم الفساد المستشري”، ليسأل عيسى : هل معنى كلمة منوفي أنه لا يمكن خداعه؟!، ثم ينقل من الكتاب مقطع آخر: ” كان الرئيس يناقش كأي منوفي حقيقي، وعند مناقشته للموضوعات واتخاذ الآراء، كان يجتمع بخبراء في الظل قبل الاجتماع مع فريقه”.

4- كتاب “نصف قرن مع الميكروفون” لـ فهمي عمر

صدر عن دار المعارف

خلال حديثه عن أهمية ابتعاد الرياضة عن السياسة وعدم استغلال الأحداث الرياضية من جانب الحكومات أو التنظيمات الإرهابية من أجل تحقيق أهداف سياسية معينة، تطرق “عيسى” إلى حادث أوليمبياد ميونخ عام 1972، وعملية خطف مجموعة من الفدائيين الفلسطينين للرياضيين الإسرائيليين المشاركين في البطولة، ويشير إلى ما كتبه رائد الإعلام الرياضي في مصر الإذاعي الكبير فهمي عمر في كتابه عن الحادثة، حيث كان أحد أعضاء البعثة المصرية في ميونخ وقتها.

ينقل “عيسى” من كتاب “عمر”: “وعلمنا أن المسؤول الألماني يطلب أن يقوم أحد المسؤولين في البعثة المصرية بالتفاوض مع الفدائيين الفلسطينين ليتعرف على شروطهم، بغية الوصول إلى حل للأزمة، وهنا وقف السيد عبد العزيز الشافعي وقال إنه على استعداد للقيام بهذا الدور، واتصل بالبعثة الاسرائيلية، فرد عليه أحد الفدائيين وذهب إليهم يناقش مطالبهم، وأبلغ الجانب الألماني بمطالب الجانب الفلسطيني”.

ثم يشير “عيسى” إلى مقطع آخر من الكتاب يذكر فيه “عمر” أن :”حاولت إسرائيل الانتقام من كل من شاركوا في الحدث، وذات مرة في أحد البطولات في نيجيريا، خرجت من غرفتي ونسيت المفتاح بالداخل، فاستعنت بأحد أفراد الأمن فثعد على مواسير المياه إلى غرفتي ليفتح الباب، فقلقا نجيب المستكاوي ومحيي الدين فكري عندما شاهدوه من النافذة لأنهم اعتقدوا أنه سيقتلني، واستمر الذعر والرعب إلى أن اتضح الأمر”.

5- كتاب “حرب الثلاثين سنة- سنوات الغليان” لـ محمد حسنين هيكل

صدر عام 1988 عم مركز الأهرام للترجمة والنشر، كما أعادت طبعه دار الشروق عام 2004

في الحلقة الثانية من البرنامج، التي أذيعت يوم الخميس 18 يناير الماضي، تحدث “عيسى” عن الأكاذيب والشائعات التي ترتبط بأحداث تاريخية معينة، ومنها ثورة 23 يوليو، وما تعرضت له من هجوم، لافتًا إلى عدة أكاذيب ذُكرت عنها في كتاب “لعبة الأمم” لـ مايلز كوبلاند، وكيف ادّعى الكاتب أنها صناعة أمريكية، ويستشهد “عيسى” بكتاب الأستاذ هيكل ليدلل كيف أن مؤلف الكتاب أرسل خطايات عدة لعبد الناصر ورجاله، يطلب منعم “رشوة مالية” لكي يُغيّر ما ذكره في الكتاب، ويُشيد بالثورة وزعيمها القوي جمال عبد الناصر.

يقرأ “عيسى” من كتاب “سنوات الغليان” نص الخطاب الذي أرسله “كوبلاند” إلى “هيكل”: “تعمّد أصدقائي المصريين الذين عرفتهم لسنوات طويلة الخروج على مألوف عاداتهم ليقولوا أن الكتاب الذي ألفته كتاب شنيع وطعنوه في الظهر(..)”، ويكمل أنه لم يفعل ذلك بشكل متعمّد ويطلب التفاوض على تعديل محتوى الكتاب وحذف ما لا تريده السلطات المصرية، وعرض قائمة من الطلبات.