تفاصيل صدور "مرايا".. أحدث مجلة ثقافية

أحمد شعبان

تعيش المطبوعات والمجلات الثقافية حاليًا، واحدة من أشد مراحلها تراجعًا؛ أزماتها متعددة ومركبة، مطبوعات مهمة لها تاريخ عريق ودور مؤثر تتوقف عن الصدور، والموجود على الساحة الآن يحارب من أجل البقاء والاستمرار. مستقبل مجهول؛ خاصةً في ظل الأزمة التي تعصف بالصحافة الورقية، وتراجع الإقبال عليها؛ سواء لضعف المحتوى المُقدّم، أو بسبب طُغيان الإعلام الجديد والنشر الإلكتروني، ووسط كل ذلك يبقى السؤال المُلحّ؛ كيف يُقبل القارىء على المجلات الثقافية، أو كيف تستعيد المجلات دورها الريادي؟

ووسط أزمات المجلات الثقافية التي تصدر عن مؤسسات حكومية، ظهرت في مصر خلال الفترة الماضية، عدة إصدارات ثقافية خاصة، تحاول أن تملأ الفراغ الموجود على الساحة، وتطمح أن تلعب دورًا بارزًا ومؤثرًا، وتجذب إليها قطاعًا كبيرًا من القراء، آخر هذه الإصدارات مجلة “مرايا”، التي صدر العدد الأول منها شهر سبتمبر الماضي، عن “دار المرايا للإنتاج الثقافي”، ولقي ترحيبًا وإشادات كثيرة.

وفي هذا الإطار، تواصل “إعلام دوت أورج” مع الكاتبة دينا جميل، مدير تحرير “مرايا”، للتعرف أكثر على التجربة الوليدة، وكيف تم الإعداد لها، وما هي أهداف المجلة، كما تتحدث عن خطة المجلة لجذب القراء، ومحاولة التأثير في قطاعات مختلفة قي مصر وخارجها.

– ليست مجلة أدبية

في البداية توضح “جميل” أن الهدف من إصدار “مرايا” هو أن تكون منبرًا للتفكير، يسعى إلى تقديم إجابات عن القضايا الملحة التي تشغل القاريء على جميع المستويات، وتسعى لأن تقدم للقارىء موضوعات تناقش بعمق ما يشغله، تضيف أن خبرات الربيع العربي تؤكد أن هناك قارىء لديه نهم وشفف للمعرفة، “اتربى جيل من الشباب بقا مهتم بالشأن العام، والقضايا الاجتماعية، وللأسف أغلب المطبوعات العربية اللي موجودة لم تقدم للقارىء أي مادة صحفية جادة ووافية لما يشغله، سواء في القضايا المصرية والعربية المطروحة”.

فريق عمل “مرايا” الذي يتكون من تامر وجيه، مستشار التحرير، ومصطفى عبد الظاهر، محرر رئيس، وسكرتير التحرير مروة الناعم، يهتم بـ”نشر المساهمات ذات القيمة في الفلسفة والفكر والعلوم الاجتماعية، والنقد الأدبي والفني، عبر كتابات تلقي الضوء على الواقع المصري والعربي بنظرة نقدية وتجديدية”، وفي هذا الشأن، توضح “جميل” أن “مرايا” ليست مجلة أدبية، وإنما هي مجلة ثقافية بالمعنى الأوسع والأشمل، غير المختزل في نشر الأعمال الإبداعية كالشعر والقصة وغيرها “الثقافة أوسع من كده.. ومرايا ترى نفسها ليس فقط كإصدار؛ ولكن كمشروع فكري”.

 

– توازن بين الكتاب الكبار والمتخصصين والجدد

“بنحاول إننا منبقاش محلقين مع ذاتنا”، هكذا قالت “جميل” مؤكدة على أن “مرايا” تحاول أن يكون تناولها للموضوعات بشكل عميق يتناول القضايا التي تشغل القارىء، بلغة وطريقة يفهمها ويتجاوب معها، وعن مشاركة الكتاب في أعداد المجلة، ذكرت: “عاملين دعوة للمشاركة لكل كاتب مهتم، وبنستقبل المشاركات ونشوف ممكن نتعاون معاهم إزاي، كمان بنوجه دعوة لاستكتاب كتاب بعينهم عندهم مشروعات فكرية، ومتخصصين في مجالات معينة”.

كما لفتت “جميل” إلى أهمية الإخراج الفني للمطبوعة واستخدم الصور والتصميمات الجذابة، وتقول: “هدفنا إن يكون الغلاف بتاع كل عدد لوحة في حد ذاته، وعندنا ملفات واقسام بتعتمد على الصورة بشكل أساسي”.

– سبب صدورها بشكل “غير دوري”

معوقات وصعوبات كثيرة، تصاحب إصدار أي مجلة أو مطبوعة؛ تتعلق عادة بالحصول على ترخيص للنشر، فضلًا عن التكاليف الباهظة للطباعة والتوزيع، وعن ذلك قالت مدير تحرير “مرايا”: ” أي مجلة أو إصدار بيطلع هو مغامرة، لأن الحصول على ترخيص مجلة صعب ما دام انت مش مؤسسة كبيرة ومش معاك ملايين الجنيهات، لذلك عملنا مرايا كتاب غير دوري برقم إيداع، يصدر كل شهرين أو شهرين ونصف”.

“كل حاجة مكلفة المطابع اللي بتطبع وتكاليف الإنتاج عالية جدًا، غير إنك عايز تدي للكتاب مقابل معقول، زينا زي غيرنا، بالإضافة لمشكلة التوزيع عشان توصل للقارىء”، وتضيف موضحة ما تفعله “مرايا” من أجل ضمان الاستمرار والتأثير، قالت إن “دار المرايا” لديها شبكة توزيع لإصداراتها وكتبها في أكثر من 8 محافظات، وهناك محاولات لتوسيع قاعدة التوزيع حتى تصل “مرايا” إلى القارىء أينما كان، رهان المجلة وتعويلها على أن تملأ الفراغ الموجود في سوق المطبوعات التقافية، “لو نجحنا في ده، هنضمن إننا نستمر”، تضيف دينا جميل.

– التفاعل بين المجلة والقراء

ترى “جميل” أن عملية إصدار المجلة تفاعلية بين القارىء وهيئة التحرير، فـ”التواصل مع القراء مهم جدًا”، لذلك يحرص القائمون على “مرايا” على التواصل مع القراء، واستقبال تعليقاتهم وأفكارهم ومقترحاتهم، عبر صفحة دار المرايا من خلال موقع “فيس بوك”، أو عبر البريد الإلكتروني للمجلة، وتوضح “جميل”: ” بيجيلنا مقترحات وأفكار، واحنا بنهتم بيها جدًا لأن الي بنحاول نقدم اللي بيشغله ونجاوب على أسئلته”.

– النشر الإلكتروني

لفتت مدير تحرير “مرايا” إلى أنه سيتم خلال الفترة المقبلة السعي لنشر المجلة إلكترونيًا، سواء للقارىء المصري، وأيضًا للقارىء العربي، تضيف: “احنا بنستكتب ناس من بره مصر والعالم العربي، العدد الأول كان فيه مشاركات لأجانب من أماكن مختلفة من العالم، سواء من خلال الترجمات أو الحوارات، والمجلة بتسعى أنها تخرج من نطاق مصر الضيق ويكون لها جمهورًا بشكل أوسع في العالم العربي لأن ده مهم جدًا”.

جدير بالذكر أن العدد الأول من “مرايا” صدر الشهر الماضي، وضم دراسات عن قراءة الفرنسيين في القرن التاسع عشر للحملة الفرنسية، وعن المسألة القبطية في مصر، ومقالات عن التليفزيون والرأسمالية، وعن قضية النساء في مصر، وقراءة نقدية في “لائحة الفلاح” التي أصدرها محمد علي في ١٨٢٩ لتنظيم شئون الزراعة والفلاحين، وشهادة عن أوضاع الجيل الثالث من اليهود الشرقيين في إسرائيل، وعرضًا نقديًا لمشوار عادل أسعد الميري في الكتابة، وغير ذلك من النصوص.