لماذا منعت BBC موظفيها من نشر آرائهم السياسية؟

محمد إسماعيل الحلواني

في أعقاب معارضة المدير العام الجديد لهيئة الإذاعة البريطانية “تيم ديفي” لبعض السياسات القائمة، في أول خطاب له أمام موظفيه، ومطالبته بما يسميه “التحول الجذري” في التركيز والاهتمامات إذا أرادت الإذاعة العامة البقاء على قيد الحياة، أخبر ديفي فريق العمل أيضًا أن أولويته القصوى هي “تجديد التزام بي بي سي بالحياد”.

نرشح لك: الصحفي ليس حرا.. حتى اسألوا BBC


وأكد ديفي: “الأمر لا يتعلق فقط باليمين أو اليسار، بل يتعلق أكثر بما إذا كان الجمهور يشعر أننا نرى العالم من وجهة نظرهم”، وشرح وجهة نظره قائلاً: “إذا كنت تريد أن تكون كاتب عمود ذي رأي أو ناشط حزبي على وسائل التواصل الاجتماعي، فهذا اختيار صحيح، ومن حقك تمامًا، ولكن لا يجب أن تعمل في بي بي سي”، مطالباً أولئك الذين يرغبون في أن يصبحوا “معلقين” بالبحث عن عمل بمكان آخر، معلقًا: “وستكون هناك قواعد جديدة لوسائل التواصل الاجتماعي، وسيتم فرضها بصرامة”.

وعلى الرغم من أن الإذاعة البريطانية العريقة لا تزال هي الوسيلة الإعلامية الأكثر ثقةً في المملكة المتحدة، إلا أن معهد رويترز لدراسة الصحافة وجد أن الثقة في بي بي سي قد انخفضت بنسبة 20 نقطة مئوية منذ عام 2018 بين أوساط الملتزمين سياسيًا من اليسار واليمين. وفي غضون ذلك، رصدت صحيفة الجارديان رغبة بين الجمهور البريطاني في الحصول على أخبار أكثر تعبيرًا عن ميولهم السياسية، ويحلمون بقناة على غرار قناة فوكس نيوز لتتنافس مع هيئة الإذاعة البريطانية.

وتحصل هيئة الإذاعة البريطانية على تمويلها من خلال رسوم ترخيص البث بموجب ميثاق مدته 10 سنوات ينتهي في عام 2027. وما يحدث بعد ذلك غير واضح. وطرح ديفي فكرة استبدال رسوم الترخيص بضريبة دخل جديدة، مماثلة لتلك التي طبقتها الحكومة السويدية في عام 2019، وقد اقترحت هيئة الإذاعة البريطانية سابقًا تلقي إيرادات من فواتير ضرائب المجلس أو إضافة رسوم على فواتير البرودباند والإنترنت. ويمكن لديفي أيضًا إنهاء رسوم الترخيص مبكرًا ليحل محله نموذج تمويل طويل الأجل.

شيء واحد لا تفكر فيه بي بي سي، ألا وهو “نموذج الاشتراك”، إذ قال ديفي للموظفين: “يمكننا أن نجعل من نموذج الاشتراك عملًا لائقًا، وأعتقد أنه يمكن أن يحقق أداءً جيدًا في بعض المناطق بناء على الرمز البريدي، ولكن موافقتنا على الحصول على التمويل عبر الاشتراكات سوف تحولنا إلى مجرد شركة إعلامية أخرى تخدم مجموعة معينة في حين نطمح إلى توفير خدماتنا للشعب البريطاني بكافة أطيافه”.

نرشح لك: في محكمة السوشيال ميديا.. الحكم يسبق المداولة


جاء تعيين ديفي، الذي تم الإعلان عنه في يونيو، على الرغم من الدعوات لاختيار امرأة لقيادة هيئة الإذاعة البريطانية للمرة الأولى في تاريخها. ويعد ديفي الرجل السابع عشر على التوالي الذي يتم تعيينه في منصب المدير العام منذ تأسيس بي بي سي في عام 1927 وفقًا للجارديان.

وذكر ديفي إنه يأسف لأن الشركة “لم تذهب إلى أبعد من ذلك لإنشاء منظمة أكثر تنوعًا وشمولية” ووعد بالتأكد من أن هيئة الإذاعة البريطانية “تعكس بدقة أكبر هموم وتطلعات المجتمع الذي نخدمه”.

كما طلب من الموظفين الاستعداد لخفض الوظائف الإضافية والتركيز على “تأثير أكبر بقوى بشرية أقل، وعقد ديفي العزم على تفكيك النظام البيروقراطي العقيم في بي بي سي.

فيما قال راسموس كلايس نيلسن، مدير معهد رويترز لدراسة الصحافة: “لا يمكن لبي بي سي أن تستمر بالفعل إذا حادت عن التزامها بالحياد، ويشكل ذلك تهديدًا وجوديًا لأن الخروج عن الحياد سيعرض المؤسسة إلى لكمات من كافة الاتجاهات، فالجميع في عالم اليوم يسعون لإثبات صحة وجهة نظرهم حتى لو كان ذلك على حساب هيئة الإذاعة البريطانية”.