البرشامة في الدراما: أفضل 5 مسلسلات في رمضان 2018

محمد مصطفى أبو شامة

بعيدًا عن عُلُوم النقد وفنونِهِ، وقولِ الحقِّ وشُجُونِهِ، فإن الرأي والتقييم في دراما الشهر الكريم، يتطلَّب منا بعدَ الاستعاذة من الشيطان الرجيم، فَهْم خريطة «البيع الدرامي» اللئيم، التي في ضوئها تمَّ توزيع حصص المسلسلات بين الفضائيات، ووفقها تم تقسيم «تورتة» النجاح و«فلوس» الإعلانات، خصوصًا ما لَذَّ وطاب من أموال الصدقات من تبرعات المستشفيات والجمعيات، وكلُّه كان في السليم على أنغام رمضان كريم.

وعليه، فإنه يمكن أن تُقسَّم دراما رمضان هذا العام إلى خَمْسِ شرائح، تضمُّ كل شريحة أعمالًا بينها أرضيَّات مشتركة، منها طبيعة القالب الدرامي ونوع الجمهور المستهدف، مع ملاحظة أنه في داخل كل شريحة تمَّ ترتيب المسلسلات وفقًا لنجاحِها الجماهيريِّ.

وفي ختامِ مقالي ومع نهاية الشهر الكريم، أعرض ترشيحي لأفضل خمسة مسلسلات، في رأيي الشخصي هي الأنضج فنيًّا والأقربُ تحقيقًا لمعادلةِ الدراما التلفزيونية الناجحة، وهي تقديم محتوى مميز من خلال رسالة مهمة ومؤثرة توضع في إطار ممتع.

وتقسيمي للمسلسلات هذا العام يتضمن الشرائح التالية:

أولاً – دراما المخضرمين.. شباب فوق السبعين

عادل إمام (عوالم خفية).
غادة عبد الرازق (ضد مجهول).
يحيى الفخراني (بالحجم العائلي).
يسرا (لدينا أقوال أخرى).
محمد هنيدي (أرض النفاق).

* وأفضل ممثل في هذه الشريحة يستحقُّه مناصفةً، النجمان القديران عادل إمام ويحيى الفخراني، رغم بعضِ أوجهِ القصور في العملين، إلا أن كاريزما النجمين الكبيرين طَغَتْ وغطَّت على كل شيءٍ، وحافظ كل منهما على مكانتِهِ المميَّزة فوق عرش الكبار.

* ظُلِمَت يسرا ومعها محمد هنيدي بنفي مسلسليهما إلى قناة عربية وحيدة، ويمثل اختفاء المسلسلين من القنوات المصرية لغزاً غير مفهوم، لا يقلُّ في صعوبةِ حَلِّه عن لغز استمرار غادة عبد الرازق في التمثيل حتى اليوم.

* إبراهيم حمودة منتج «بالحجم العائلي» يتقدم بخطوات ثقيلة نحو قمة سوق الإنتاج الدرامي، مستعيدًا شكل الدراما الاجتماعية المصري الجميل الذي غاب عن الفضائيات لسنوات، وعاد بالدعم القوي الذي وَفَّرَته «dmc» بقيادة مايسترو الدراما المحترم يسري الفخراني.

ثانيا: دراما نجوم السينما.. 3 ضباط وإرهابي

أمير كرارة (كلبش).
محمد رمضان (نسر الصعيد).
أحمد عز (أبو عمر المصري).
كريم فهمي (أمر واقع).

نرشح لك: 17 تصريحًا لعمرو وهبة.. أبرزهم عن مصير شخصية الجاسوس في “كلبش 2”

* خرج أحمد عز فائزًا رغم ترتيبِهِ الجماهيري المتراجِع، ورغمَ الحصارِ الأمنيِّ المفروض عليه بوجود ثلاثة (ضُبّاط) يطاردونه في الشريحة الدرامية ذاتها؛ فلقد نَضَجَتْ قدرات عز التمثيلية ومكَّنَته من التألق والنجاح رغم شراسة المنافسة، ورغم ما أثير من مشكلات حول مسلسله (أبو عمر المصري)، التي لم يكن أولها اختفاءَ اسم مؤلف الروايةِ الأديب عز الدين شكري من علي تترات المسلسل وأفيشاته الدعائية.

* أما النجم محمد رمضان، فقد دخل فخًّا ساذجًا نَصَبَه لنفسه، بتصريحاتِهِ غير المنضبطة، التي أربكَتْ موقفَه رغم ما يتمتع به من شعبية و«ثقة في الله نجاح»، لكنه رغم ذلك اقترب من المقدمة (رغم ضَعْف المستوى الدرامي لمسلسله) وحافَظَ على وجوده أمام النجاح الساحق الذي حققه أمير كرارة بمسلسله «كلبش 2»، وحظي كل من المسلسلين على أعلى مشاهدة في الـ«YouTube»، وإن بقي الخلاف الدائم حول مَنْ فيهما يكون الأوَّل.

* لم يُحقِّق كريم فهمي أيَّ حضور في بطولَتِهِ الدرامية الأولى، ربما لتشبُّع الجمهور من شخصية (ضابط) الشرطة، التي يبدو أنها فُرِضت على فهمي أو أنه تعجَّل في اختياره بسبب ضغوط السوق وارتباكه، ورغم إذاعة المسلسل في كل المحطات، فإنه مَرَّ على الجميع دون أن يترك أي ذكرى.

* تبقى لكتابات مريم نعوم رائحة خاصة تفوح من بين أصوات أبطال أعمالها، حتى لو تدخل مَن يُفسِد السيناريو، وما زلت أنتظر من صديقي السيناريست المبدع باهر دويدار أول أعماله الدرامية التي يحلم بها بعيدًا عن «الدراما المصَنَّعة» التي أجبَرَتْه عليها السوق وشروطُها وضغوطُها.

* ما زلت أتساءل عن جدوى عرض حدوتة الإرهابي «فخر الدين» بطلًا في مسلسل أبو عمر المصري (رغم عشقي للمسلسل واستمتاعي به)، في هذه اللحظة الاستثنائية التي تعيشها مصر في حربها مع الإرهاب؟!

ثالثاً – دراما الحركة والإثارة.. والقتلى.

ياسر جلال (رحيم).
مصطفى شعبان (أيوب).
عمرو يوسف (طايع).
هاني سلامة (فوق السحاب).
حمادة هلال (قانون عمر).

نرشح لك: عودة نور.. كيف استعاد “رحيم” ذكريات “شورت وفانلة وكاب”؟

* لا شكَّ أن مصطفى شعبان هو الحصان الأسود الرابح في دراما رمضان 2018، بعد نجاحه في إدارة تحوُّلٍ تاريخي لما قدمه على شاشة «mbc» لسنوات من أعمال درامية قد تكون حَظِيَت ببعضِ النجاح، لكنها فقيرة في جميع مكوناتها، وكان «أيوب» صَبْرَه بعد طول انتظار، وقفزةً في الأداء التمثيلي غَطَّت على أي قصور في عناصر المسلسل، الذي كتبه ببراعة محمد سيد بشير.

نرشح لك: سيناريوهات محتملة عقب مشهد قتل “حسن الوحش” في “أيوب”

* آل دياب في السينما أفضل بكثير من المسلسلات، وعلى العكس، أرى عمرو سلامة مكسبًا حقيقيًّا للدراما التلفزيونية، ورغم نجاح «طايع» النسبي، فإن عمرو يوسف لم يصل إلى نصف ما حَقَّق مسلسله من نجاح هذا العام.

* استمرار تألُّق ياسر جلال للعام الثاني على التوالي، يجعله يفرض وجوده في رمضان المقبل، ليبدأ رحلة صعود متأخرة لنجم يستحقُّ مقعدًا بين الصفوف الأولى، المفارقة أن تقدمه يحدث مع تراجع شقيقه (الشقي) رامز الذي عليه مراجعةُ ما يقدِّمُه من أعمال فنية، بعد التراجع الكبير في جماهيرية برنامجه الرمضاني المستفِزّ.

* نظرًا لصعود هاني سلامة فوق السحاب، فقد استحال عليَّ مشاهدته بالعين المجردة، وأنتظر أي تلسكوب «فاضي يمكن ألمحه»، وأنا أستمع لأغنية «دايمًا دموع».

4 – إسكتشات كوميديا تبحث عن دراما

مصطفى خاطر (ربع رومي).
حسن الرداد وإيمي (عزمي وأشجان).
أكرم حسني وأحمد أمين (الوصية).
علي ربيع (سك على إخواتك).
بيومي فؤاد (خفة يد).

نرشح لك: أكرم حسني يسخر من ذقن ياسر جلال في “الوصية”

* بشكلٍ عامٍّ وبعد مرور الحلقات الأولى بدأ الاستبعاد التدريجي للأعمال، إما لسذاجتها أو لثقل دم ممثليها، وتحمّلتُ متابعة «الوصية» لأنه يُعرض على الإفطار و«ربع رومي» لأن أطفالي الثلاثة أدمنوه.

* في تجربته الأولى مع الدراما التلفزيونية، نجح أحمد أمين في تحقيق نجاح قوي سيدفعه ليستكمل مشواره التمثيلي بثقة، وربما يكون هو أكثر الفائزين في قائمة أصحاب البطولات الأولى هذا العام.

* حضور مصطفى خاطر وخفة دمه، وخلطة الكوميديا التي وفرها الورق الذي كتبه تامر إبراهيم ومصطفى عمر وفاروق هاشم، وقيادة مخرج (حريف) مثل معتز التوني، جعلتني أتابع بعض حلقاته، وإن ظل المسلسل يعاني مثل أقرانه (الأعمال الكوميدية) من تشوه البناء الدرامي، تشعر وكأنه إما مولود مشوه خليط مهجن من الـ«سيت كوم» والـ«استاند أب كوميدي» مضافاً إليهما (ارتجال) المسرح التجاري.

* أدعو لحسن الرداد أن يستعيد عقله، ويعود إلى التمثيل، وأن يكف عن مشاركته زوجته في الأعمال المنزلية والطبخ ومسلسلاته الفاشلة.

* عام 2018.. هو عام سقوط ظاهرة بيومي فؤاد وتراجع أهميته ونجوميته بسبب منطق الإفراط الذي أشعل شراهته في الوجود على حساب قيمة ما يقدمه من أعمال.

5 – دراما الستات.. ولا كنافة الرجالة

نيللي كريم (اختفاء).
مي عز الدين (رسايل).
دينا الشربيني (مليكة).
زينة (ممنوع الاقتراب).
هيفاء وهبي (لعنة كارما).

* تظل نيللي كريم هي الملكة المتوَّجَة على عرش الدراما النسائية، رغم ابتعادها في مسلسل «اختفاء» عن أدوارها الجماهيرية، لكنها قَدَّمَتْ واحدًا من أهم مسلسلاتها على الإطلاق، من حيثُ قيمة المحتوى وقوة الأداء التمثيلي اللذين تحققا ببراعة المخرج أحمد مدحت، وجرأة جمال العدل على صناعة «لوك» درامي جديد لأهم ممثلة مصرية في الجيل الحالي من النجمات.

* غيَّرت مي عز الدين شكلها التمثيلي وحاولت كسر نمطيةِ أدائها، فظهرت بإطلالة مختلفة، ونجحت رغم شراسة المنافسة الذكورية والنسائية في أن تُظهِر هذا العمل بفضل نصٍّ مميز للسيناريست المتألق محمد سليمان عبد المالك، الذي قدم أيضاً «مليكة» في الشريحة الدرامية ذاتها لينافس نفسه ويفوز، بينما خسرت دينا الشربيني بطلة مسلسله الثاني أمام مي بطلة مسلسله الأول «رسايل».

* زينة ممثلة «جامدة»، لكن طموحها التمثيليَّ يدفعها دومًا لدور السيدة الأولى الذي لا تجيده ولا تنجح فيه، فتكرَّرَتْ محاولتُها الفاشلة في البطولة المطلقةِ التي أضاعَتْ بها رصيدَ نجاحِها الكبير العام الماضي مع «الناس العزاز» في مسلسل «لأعلى سعر».

وأخيرًا..

يتبقى في قائمة الـ26 مسلسلًا التي عُرِض هذا العام عملان، هما خارج تصنيف الشرائح الخمس التقليدية، وهما في ظني أفضل مسلسلين قُدِّما في دراما رمضان 2018، واكتملت فيهما معظم العناصر الفنية، ووصلت في بعض أجزائها إلى درجة الكمال في النضج والإبداع، وهما بالترتيب «ليالي أوجيني» لأمينة خليل وظافر العابدين وإخراج هاني خليفة، و«الرحلة» لباسل خياط وريهام عبد الغفور وإخراج حسام علي، وكلاهما يحتاج إلى مقال منفصل لتحليل جمالياته، وتفصيل عناصره، وكشف براعة وإتقان كل صُنّاعه، لهم مني جميعًا ومن جمهور وعشاق الدراما العربية كلّ التحية، ويلحق بهما في قائمة الخمسة الأفضل فنيًّا وبالترتيب أيضًا مسلسلات «أبو عمر المصري»، و«اختفاء» ثم «بالحجم العائلي» في المركز الخامس.

ولا يفوتني قبل الختام أن أنصح مَنْ حُرِم لضيق الوقت وتزاحم الدراما المصرية، بأن يشاهد في العيد أو بعده مسلسلي «تانجو» لباسل خياط، و«طريق» لعابد الفهد ونادين نجيم، فهما جديران بالمشاهدة.

وكل عام وأنتم بخير.. عيدكم سعيد.