قصة كتاب "صدام من الميلاد للاستشهاد" المنسوب لروبرت فيسك

إسلام وهبان
 
“حقوق الملكية الفكرية”، جملة أصبحت بلا قيمة في مصر الآونة الأخيرة، مثلها مثل كثير من العبارات التي لم تعد تلفت انتباه أحد أو تحترمها نفس، تزييف المحتوى أو سرقته لم تقتصر فقط على الأعمال الفنية أو الإبداعية، بل امتد ليشمل الأعمال الأدبية، دون مراعاة لأخلاقيات أو قوانين.
 
 
روى لي ذات مرة دكتور سمير محمود، أستاذ الإعلام بجامعة السلطان قابوس، بسلطنة عمان، والصحفي بالأهرام، عن إحدى وقائع تزوير الكتب، والتي قدم عنها تحقيقا صحفيا بجريدة “المصري اليوم”، بعنوان “القصة الكاملة لتوزير كتاب صدام حسين الذي نسبه مؤلف مجهول للكاتب العالمي “روبرت فيسك” فتحولت لفضيحة دولية”.
 
القصة بدأت بعد مقتل الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، في صباح عيد الأضحى عام 2006، على يد القوات الأمريكية شنقا، وانتشار كتاب بمصر بعنوان “صدام من الميلاد للاستشهاد”، عام 2008، منسوبا للكاتب الصحفي البريطاني روبرت فيسك، والذي علم بخبر نشر كتاب يحمل اسمه، خلال تواجده بلبنان، فنفى صلته به وقرر النزول لمصر لتتبع الأمر بنفسه.
 
وبحسب التحقيق الذي نشره دكتور سمير محمود، بتاريخ 27 فبراير 2008، فإن المؤلف المجهول استغل معارضة “فيسك” للحرب الأمريكية التي شنت على العراق، فقدم كتابا يظهر فيه صدام حسين بطلا قوميا، واستخدم لفظ “استشهاد” ليدغدغ مشاعر القراء، ليصبح ضمن الكتب الأكثر مبيعا، فيما قام “فيسك”، بالبحث بشكل جدي عن مؤلف الكتاب والجهة المسئولة عن نشره، ولكنه لم يجد سوا اسم دار النشر المطبوع اسمها على الكتاب، وهي دار “إبداع”، والتي اتضح أنها ليست الدار الحقيقية التي تولت النشر، وأن الكتاب حصل على رقم إيداع بدون أي ضوابط، والغريب أن الكتاب تم توزيعه ليس فقط على باعة الأرصفة، بل على عدد من المكتبات الكبرى منها مكتبة “مدبولي الصغير”.
 
التحقيق أشار إلى أن الكتاب، كان من الصعب الحصول عليه، ووصل سعره حينها إلى 50 جنيها، بل وأن الكثير من باعة الأرصفة كانوا يتخوفون من بيع ذلك الكتاب ظنا منهم أن المشتري من رجال المباحث. كما حاول التحقيق أن يتناول القضية بشكل أوسع، فقدم حوارات، مع الحاج مدبولي صاحب سلسلة مكتبات “مدبولي”، والذي نفى علمه بتزوير الكتاب، خاصة بعد وجود رقم إيداع واسم دار النشر عليه، كما ناقش عددا من القائمين على النشر بمصر والذين أكدوا أن الأمر ليس فقط قضية تزوير، بل جريمة جنائية أساءت لسمعة مصر الثقافية.
 
بعد يأس “فيسك” من الوصول للمؤلف الحقيقي للكتاب”، عاد إلى بلاده ليكتب مقالا بصحيفة “الاندبندنت” البريطانية، هاجم فيه بشدة الدولة ووزارة الثقافة المصرية والمسئولين عن النشر، وتحول الأمر إلى فضيحة وإساءة للثقافة والمثقفين بمصر، ولم نعلم حتى الآن من المؤلف الحقيقي لهذا الكتاب وما دوافعه إلى ما انتهت القضية.
 
وللتعرف على المزيد اضغط هنا