حسام السكري: باسم يوسف ليس أفضل مذيعى 2014

مع نهاية العام تتسابق الصحف والمحطات لإقامة الاستفتاءات على اختيار أبرز سياسى، وأفضل فنان، وأعظم رياضى، وأحسن فيلم، وأكبر كنبة، وأريح كرسى.. إلخ، وفى الأعوام الأخيرة انضم المذيعون إلى قائمة الشخصيات التى «تبحث عن مؤلف»، ينقل «المميزين» بينهم من صف المشاهير إلى الأكثر شهرة.

لا أعرف عاماً جلب فيه هذا التقليد من السباب على المذيعين مثلما جلب عام 2014، الذى يكاد ينعقد الإجماع على أنه شهد أسوأ أداء إعلامى منذ خلق الله موجات الأثير. الاستثناءات موجودة ولكنها غير مؤثرة وتعد على أصابع اليد الواحدة، مع الأخذ فى الاعتبار أن بعض الأصابع تلاشى، أو اختفى، أو أُقصى، أو أُبعد، أو تسامى، أو تحول، أو مُنع، أو رُفع (من جدول البرامج) إلى أجل غير مسمى.

يصعب نشر كثير من تعليقات المصريين المتداولة، كرد فعل على فكرة البحث عن أفضل إعلامى، بسبب تجاوزها حدود اللياقة والأدب. ومن أفضل ما عثرت عليه خفة و«براءة» تعليق يقول: «انتو بتتكلموا جد؟!».

الإنصاف يقتضى الاعتراف بأن الأداء الإعلامى تدهور بشدة منذ الثلاثين من يونيو فى العام الماضى. ملامح التدهور طالت الإعلام الخاص قبل إعلام الدولة، ونماذج التدنى فى الأداء وانتهاك حقوق المشاهد تجاوزت السياسى إلى الاجتماعى والأخلاقى.

2014 هو العام الذى شهد سبقاً صحفياً احتفلت به المذیعة منى العراقى مع نفسها بعد أن أبلغت أجهزة الأمن أن مجموعة من المتحممين فى حمام عام يمارسون اللواط بالأجر. ولا تزال تحتفل رغم أن الطب الشرعى فى مراحل التحقيق الأولى أثبت أن اتهامها عار عن الصحة.

هو أيضاً العام الذى دخل فيه المرضى النفسيون، وضحايا الانتهاكات الجنسية من الأطفال عبر الشاشة الصغيرة إلى غرف المعيشة، باعتبارهم من مواد التسلية التى تستوجب لقاءهم وسؤالهم وسؤال ذويهم عن التفاصيل «الحراقة»، والفضل لريهام سعيد.

فيه أيضاً تم تحريض شعبنا على شعوب الجوار، ونخص بالعدوان أهلنا الفلسطينيين، والسوريين، والمغاربة. ولا ننسى الإخوة فى مصر الشقيقة باعتبار أن «إحنا شعب وإحنا برضه شعب تانى».

عام كال فيه إعلاميون الشتائم للشباب الذين سبق أن أدينا لهم التحية العسكرية، والثوار الذين انحنينا لتضحياتهم قبل أعوام قليلة، والشهداء الذين أريقت دماؤهم فى ثورة أشاد بها الدستور، وعظمها رئيس الجمهورية فى خطاب أمام الأمم المتحدة.

وأخيراً وليس آخرا، هو العام الذى شهد تحقير الشعب بانتهاك دستوره فى برنامج تليفزيونى بث مكالمات خاصة على الملأ، بدعوى الإفراط فى حب الوطن وحماية الأمن القومى. فباسم الشعب ننتهك الشعب. أوقف طارق نور، صاحب «القاهرة والناس» البرنامج على الهواء، لأن مقدمه عبدالرحيم على، كاد يفعل مع نجيب ساويرس ما كان يمارسه على مدى شهور مع غيره من خلق الله، لنتعلم معه قيمة الحكمة التى تقول: أهن شعباً ولا تزعج بليونيراً.

حدث هذا تحت أنف دولة تلتمس العذر لتقصيرها فى حل مشاكل «تراكمت منذ عهود ولا يمكن أن تحل فى يوم وليلة»، بسبب الانشغال فى حل مشاكل «تراكمت منذ عهود ولا يمكن أن تحل فى يوم وليلة»!

الدولة المنشغلة لم تنتبه إلى الانتهاكات المتلفزة للخصوصية، والحرمات، والأطفال، والشعوب، والدستور، لكن انشغالها لم يعقها عن ملاحظة «تغريدة» بثها الكاتب عمرو حمزاوى على الإنترنت، فمنعته بسببها من السفر.

من اللافت للنظر هذا العام غياب الحاضرين وحضور الغائبين. ففيما أعلن البعض غضبه على الأسماء المعروفة، فضّل آخرون منح اللقب لباسم يوسف المحتجب قسراً عن الساحة منذ شهور.

باسم لا يصلح للمنافسة. من جهة هو لا يقدم نفسه كإعلامى، ومن جهة أخرى لا تتناسب حرفية ما يقدمه مع اهتراء أغلب ما يظهر على الشاشة، وهو ما يدفعنى لطلب استبعاده.. مرة أخرى.

وإذا كان هناك من اقتراح أقدمه لمصممى الاستفتاءات، فهو أن يضعوا ثلاثة احتمالات تحت صورة كل مذيع بدلاً من اثنين، ليختار المستفتون بين: «يعجبنى»، أو «لا يعجبني»، أو.. «هااااااااااااح».

نقلًا عن “المصري اليوم”

تابعونا عبر تويتر من هنا

تابعونا عبر الفيس بوك من هنا