من التصريحات لـ"سبوبة اللايفات".. كيف يعود المشاهير للجمهور؟

كيف يعود المشاهير للجمهور؟
إيمان مندور

بسبب نجاح واحد حققه في حياته منذ 19 عاما، ألا وهو فوزه بالموسم الأول من برنامج “ستار أكاديمي”، لا يزال محمد عطية يطل على الجمهور من آن لآخر مستخدمًا لقب “فنان”، رغم أنه لم تنجح له أي تجارب فنية حتى الآن في الغناء، أو حتى التمثيل الذي قدّم خلاله فيلمين يتنافسان على جائزة الأسوأ فيما بينهما؛ “عليا الطرب بالتلاتة” و”درس خصوصي”.

فنان بدون تاريخ

عطية الذي لا يتذكر الجمهور أي من أغنياته، والذي لم يقدم جديدًا يُذكر في ساحة الفن عمومًا، انشغل لبعض الوقت بالسياسة منذ ثورة يناير، وبسبب الانتقادات والتناقض وغيره من الأمور تراجع عن ذلك وابتعد لفترة، حتى عاد خلال العاميين الماضيين على فترات متباعدة، جميعها بسبب تصريحاته، منها أخبار ارتباطه وانفصاله عن الإنفلونسر ميرنا الهلباوي.

نرشح لك: محمد عطية: أفضل الزواج المدني

 

وكذلك الآراء المثيرة للجدل التي يطرحها عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي من آن لآخر، مثل كونه توقف عن أكل اللحوم وأصبح نباتيًا لأنه لا يستطيع أكل كائن حي يتحرك ويشعر ويتألم، خاصة فيما يتعلق بأضاحي العيد.. “كل ما كنت أشوف فيديوهات الأضحية اللي بتنتشر وقت الأعياد بقرر إني خلاص مش عاوز أكون طرف في المعادلة دي”.

حتى عندما أراد تشجيع المتابعين على ممارسة الرياضة، أوضح أن السبب هو إعجاب حبيبته السابقة بجسد الممثل العالمي دانيال كريج.. “من سبع سنين كنت مرتبط ودخلت أنا واللي بحبها سوا سينما.. كان فيلم جيمس بوند وقاعدين ماسكين إيد بعض وفجأة طلع علينا مشهد لدانيال كريج وهو قالع، لقيت اللي بحبها قالت لي (يا لهوي على جسمه).. حسيت ساعتها إني جلدة حنفية”.

أما فيما يتعلق بتشجيع الجمهور على تقبل الآخر والحريات، فأكد محمد عطية في تصريحات تلفزيونية بالأمس أنه ينصح الشباب بالمساكنة قبل الزواج، وإن كان لا بد من الزواج فليكن زواجًا مدنيا بدلًا من إدخال المجتمع والدين والقوانين بين شريكي الحياة.

الانتشار بإثارة الجدل

كل ما سبق من آراء ومواقف لسنا بصدد مناقشة صحتها من عدمها، ولكن الإشارة هنا لنموذج الفنان بلا فن، الفنان بلا عمل، الفنان الذي لم يقدِّم جديدًا يُذكر في ساحة الفن، فيختار الوصول للجمهور بإثارة الجدل من خلال تصرف أو تصريح لافت. وهو يختلف عن الفنان الناجح الذي يثير الجدل بتصريحاته من حين لآخر. أي أننا نتحدث هنا عن نموذج لا ينطبق على محمد عطية فحسب، بل أيضًا على العديد من أنصاف المواهب الذين يسكتون دهرًا ثم يعودون ويتصدرون التريند فجأة، ليس بأعمال فنية جديدة، ولكن بتصريحات مثيرة للجدل.

الأمر ذاته يمكن إسقاطه على نماذج كثيرة، منها الفنانة نهلة سلامة التي غابت لسنوات عن الدراما والفن، ثم عادت لتشغل الجمهور بأحاديثها عن الأدوار الساخنة التي قدّمتها، وأي قبلات الفنانين أفضل؛ أحمد زكي أم محمود حميدة، وغيرها من التصريحات المثيرة التي أدت لإحالة رئيس تحرير الصحيفة التي أجرت الحوار معها للتحقيق من قِبل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وذلك بسبب مخالفته المعايير الإعلامية.

العودة من بوابة إنستجرام

عودة المشاهير من خلال جذب الانتباه لا تكون فقط بالتصريحات الساخنة، بل يمكن أن تكون بالصور أيضًا، فبعض الفنانات قد تستمر أخبارهن في الصحف والمواقع الفنية لعدة أعوام تحت عنوان “فلانة بإطلالة مثيرة للجدل عبر إنستجرام”، حيث تقوم الفنانة بإجراء جلسات تصوير بشكل مستمر، أغلبها بإطلالات ساخنة.

والمقصود هنا ليس الحديث عن الإطلالات في حد ذاتها، بل كون الفنانة بلا جديد لعدة سنوات وبدون إسهامات فنية مهمة في مسيرتها، بل أغلب حصيلة أرشيفها في الصحافة والإعلام وفي ذاكرة الجمهور نفسه مجرد تصريحات مثيرة وعدة جلسات تصوير ساخنة تلفت الانتباه من آن لآخر.

فنانات التيك توك

حين ازدادت شعبية تطبيق تيك توك في بداية أزمة فيروس كورونا، وانتشر حينها مصطلح “فتيات التيك توك” بعد القبض على العديد منهن في جرائم مختلفة، من بينها تسهيل الدعارة والاتجار في البشر، دخل تيك توك ضمن فئة “التطبيقات سيئة السمعة”، وانقسمت الآراء ما بين مؤيد لمحاكمة هؤلاء الفتيات، وبين معترض على التدخل في الحريات، ومعاقبة الأجيال الصغيرة على الانفتاح والرقص والحرية، وبين مطالب بمنع هذا التطبيق في مصر.

مع استمرار الحظر بسبب الوباء، دخل المشاهير من نجوم الفن والرياضة والإعلام للتطبيق، وشاركوا الجمهور فيديوهات مختلفة، وازداد إقبال وتوسع مشتركي تيك توك عربيًا وعالميا، وأصبح الجميع متواجدًا عليه، حتى القنوات والصحف والمواقع، بل وأيضًا دار الإفتاء المصرية، باعتباره مثل أي وسيلة تواصل اجتماعي يمكن استخدامها فيما يفيد أو يضر.

إلى هنا الأمور طبيعية، لكن غير الطبيعي هو “سبوبة اللايفات” التي استغلها الجميع، وتساوى فيها الجمهور مع المشهور، فالربح من تيك توك عن طريق فتح البث المباشر، ومدته، وتفاعل المتابعين، والهدايا التي يتلقاها صاحب اللايف منهم، جعل الأمر أشبه بمن يتواجد على المسرح في الأفراح وصالات الرقص، وينتظر من يلقي عليه الأموال فيما يُعرف بـ “النُقطة”.

وهم بالفعل كذلك، وتحديدًا بعض الفنانات اللاتي لفظهن المجال، أو لم يعد أحد يطلبهن في أعمال فنية بشكل كبير كما كان في السابق، حيث تجد الفنانة تظل تطلب من الجمهور أن “يكبسوا” ويرسلوا ورود وهدايا، وتضحك وتمازح وتثني بالاسم على من يرسلوا لها الهدايا خلال اللايف، لا سيما من مواطني الخليج. (يمكن الاطلاع على الفيديو التالي لفهم المعنى المقصود).

العودة هنا أيضًا ليست بالأعمال الفنية ولكن بإثارة الجدل من خلال التصرفات الغريبة خلال لايفات تيك توك، وطلب الدعم من المتابعين، لدرجة أن أحدهم اتهم الفنانة مها أحمد وغيرها من الفنانين بـ”أخذ رزق الغلابة على تيك توك”، باعتبار الجمهور يقبل على لايفات المشاهير، فيقل ريتش البث المباشر الخاص بالأشخاص العاديين، وبالتالي المنافسة غير عادلة في “سبوبة الربح”. وهو ما انفعلت بسببه مها أحمد في بث مباشر أمس الأول، مؤكدة أنها امرأة لا تعمل، ومن حقها أن تجد وسيلة عمل، و”ربح اللايفات رزق.. والأرزاق من الله”، ومن يعترض فعليه أن يسأل الخالق، على حد تعبيرها.

في النهاية، مهما اختلفت الأسباب والطرق في إثارة الجدل لأجل تصدر التريند، تظل جميعها ليست في صالح الفنان، ولا في صالح احترام الجمهور لمسيرته (إن كانت هناك مسيرة أصلا). والأهم أنها دليل على أن من لا يجد الفرصة للوصول للجمهور بموهبته، أصبح يصل إليهم بتصريحاته المثيرة للجدل.. أو المثيرة للشفقة في أدق أوصافها، كما يقول “الكبير أوي”!

نرشح لك: السحر الأونلاين.. التكنولوجيا تصل للدجالين والإعلاميين!