"واحد تاني".. كيف نجا أحمد حلمي أخيرا؟

كيف نجا أحمد حلمي أخيرا؟
بسام سرحان

لم يعطِ الجمهور فرص لنجم كالتي أعطوها لأحمد حلمي من بعد عدة أفلام كانت بمثابة زعزعة ثقة بينهم وبين نجمهم المفضل، وتمثلت الفرصة الراهنة الآن مع فيلمه الأخير التي تأتي معه عودة السينما ونشاهد “الطوابير” مرة أخرى بعد وباء الكوفيد.

لماذا أحمد حلمي؟

لماذا يصر الجمهور عليه ولا يفقد الأمل به؟ لأنه هو من أعطاهم الأمل في وقت لا يوجد به أمل! أعطى حلمي جمهوره طوق النجاة بثلاث عناصر في أفلامه بدءا من “كده رضا” 2007 و”أسف على الإزعاج” 2008 و”ألف مبروك “2009 و”عسل اسود” 2010 وصولاً لـ “أكس لارج” 2011 تمثلت تلك العناصر في:

نرشح لك: محمد عبد الرحمن يكتب: أفلام العيد لن تمثلنا في الأوسكار

1- تقديم القصة بشكل مبتكر
2- جرعة كوميدية دسمة ببصمته
3- رسالة

جميع النجوم وقتها كانوا يقدمون كوميديا دون قصة ودون رسالة، يجزمون على أن هذا الجمهور لا يريد سوى ذلك، حتى أتى حلمي ليثبت العكس وأن الجمهور لا يريد الاستخفاف به.

لذلك يدخل الجمهور أفلام حلمي ليشاهد تلك العناصر ولا يريد أن يشاهد عنصرا واحدا منهم مفقودا، هكذا رفع حلمي سقف توقعات جمهوره وصَعب الأمور على نفسه. اختل قليلا هذا الميزان في فيلميه “بلبل حيران” 2010 و”على جثتي” 2013 ولكن لم يشتكِ الجمهور حينها. حتى جاء بـ”صنع في مصر” 2014 ليختل الميزان تماما.
أدرك حلمي حينها ذلك واختفى لمدة عامين ثم عاد بفيلم باهت تماما “لف ودوران” 2016، لا يشمل أي من تلك العناصر ربما يشمل الرسالة بشكل مبتذل (الرسالة المباشرة التي لا يعترف بها الفن) وخسر حينها دوره المنتظر في “تراب الماس” الذي كان المنقذ الوحيد له، وقتها فانقطع ثلاث سنوات حتى عاد بفيلم “خيال مآتة” 2019 الذي لم يكن بسوء الآخرين ولكن الجمهور لم يعطهِ صك المرور أيضا لتُصعب الأمور على حلمي أكثر، ويعود أخيرا بفيلمه “واحد تاني” بعد ثلاث سنوات.

هيثم دبور يستعين بـ دوستويفسكي

تحكي رواية “المزدوج” للكاتب الروسي الغني عن التعريف “دوستويفسكي” عن شاب منطوي ضعيف يعمل في مصلحة حكومية يصادف شاب يشبهه شكلا، لكنه جريء قوي يستطيع تحقيق الأحلام والخروج من “منطقة الراحة” على عكس البطل الغارق في تلك المنطقة.

تمت معالجة تلك الفكرة في كثير من الأفلام العالمية أهمها فيلم “fight club” لديفيد فينشر 1999 وفيلم يحمل نفس الاسم “The double” ٢٠١٣، وجاء بها هنا هيثم دبور (مؤلف الفيلم) بكتابة صعبة ومعقدة مُطالب أن يخرج بها بكوميديا واستطاع إنجاح ذلك في كثير من الأحيان حتى وإن اختار طريق الاستسهال المفضل “الإيحاءات” التي كانت موفقة في الضحك فعلا، ولكن بفجاجة أحيانا أخرى لا تتناسب مع جزء ليس بقليل من جمهور حلمي “الأطفال” ربما لو كان الفيلم +18 وليس +12 كان أفصل كثيرًا.

 

تعدد الشخصيات ملعب أحمد حلمي المفضل

ربما هذا أصعب تجسيد لأكثر من شخصية أداه حلمي في كل أدواره السابقة التي أدى بها أكثر من شخصية، لأنه هنا يجسد شخصيتين في شخص واحد يحدث بهم تحول في ثواني كما شاهدنا في الفصل الأخير من الفيلم، سهل تلك المهمة عليه بكل تأكيد المخرج المتميز محمد شاكر خضير، وتبينت قدرات أحمد حلمي السهلة الممتنعة في التجسيد. وسط موسيقى تصويرية رائعة لسارة هاني أجاد خُصير توظيفها بشكلٍ صحيح.

 

تحقيق العناصر الثلاثة

أخيرا توفرت العناصر الثلاثة في فيلم جديد لأحمد حلمي، قدم معالجة لفكرة لم تقدم في السينما المصرية بشكل هو الأصعب على الإطلاق “الكوميدي” بشكل مبتكر كما عودنا. قدم الكوميديا وإن كانت أضعف العناصر في الثلاثة ولكن لم تكن سيئة، والأهم الرسالة بشكل تلقائي يحتاجه الجمهور دون تلقين أو حشر أقاويل تمثل العمق بشكل سطحي مبتذل لنتأكد أن حلمي قد عاد أخيرا.