فيصل شمس يكتب: مسلسلات رمضان ومستقبل القوة الناعمة المصرية

فيصل شمس يكتب: مسلسلات رمضان
في السابق كان إنتاج الفيديو يحتاج معدات كبيرة وكثيرة وطاقم عمل مكون من عشرات الأشخاص وكيانات إنتاجية ضخمة ومعقدة تجذرت في الحياة الفنية وسيطرت بشكل ما على المنتج التليفزيوني والسينمائي، وخلال عقود تهاوت شركات وقنوات ومؤسسات وصعدت أخرى لنصل للوضع الحالي الذي ينبئ بتغييرات جذرية في خريطة الإنتاج في العالم العربي.

خلال فترة وجيزة تطورت تكنولوجيا التصوير والمونتاج والإضاءة … الخ وأصبح إنتاج الصورة البصرية أكثر سهولة من قبل، حتى أن أي شخص يستطيع إنتاج مادة تليفزيونية أو درامية أو سينمائية بمنتهى السهولة، إذ قد يكفيه الضوء الطبيعي وكاميرا الموبايل ومحتوى جيد ليخرج بمنتج حقيقي إذا كانت أفكاره مقبولة.

نرشح لك: القائمة الكاملة لـ مسلسلات رمضان 2022

ليست السهولة فقط هي المغزى فحتى إنشاء الكيانات الإنتاجية الضخمة أصبح فرصة للكثير من المؤسسات و/أو الدول للدخول في عالم الترفيه لتحقيق مكاسب مادية أو اكتساب قوة معنوية، فالتكنولوجيا ساعدت في تسريع العملية وهكذا تنشأ بصفة مستمرة كيانات جديدة من المنصات ومواقع الإنترنت وشركات الإنتاج وشركات الخدمات التقنية لتقديم مجموعات متنوعة من المنتجات.

لقد شاهدنا المسلسلات التركية التي انتشرت بشكل واسع في المنطقة العربية وحتى في مصر لدرجة أننا تصورنا في إحدى الفترات أن منعها سوف يؤثر على الاقتصاد التركي، وقد أحبها المجتمع العربي بأكمله رغم عدد الحلقات الكبير، في وقت قد يخفق الكثير من المسلسلات المصرية في إنجاز مسلسل من 30 حلقة بدون ملل.

وحاليا تتطلع العديد من البلاد لتقديم تجارب درامية وفنية عسى أن تضع قدما في هذه الصناعة المتنامية والتي قد تكون بلا صاحب حاليا بعد خفوت الدور المصري ولو قليلا.

إن القوة الناعمة المصرية المتمثلة في الأغاني والأفلام والمسلسلات أخذت في الخفوت شيئا فشيئا كنتيجة طبيعية للتطور السريع الذي تشهده الصناعة من ناحية، ومن ناحية أخرى بسبب عدم وجود تنظيم واضح لهذه القوة وأهداف محددة لها إذ يبدو المنتج جيدا لكنه أحيانا لا يصل لأعلى من جيد وغالبا لا ينظر للخارج كسلعة قابلة للتصدير وينكفئ داخليا سواء في المحتوى أو التكنيك، وأحيانا يقتل نفسه بنفسه حين لا يبحث عن نجوم جدد ويكتفي بالقدامى وحين تتداخل الخلافات بين الجميع وحين لا يفتح بابه للشباب المجددين الموهوبين.

في رأيي، القوة الناعمة المصرية لا ينبغي أن تكون محض صدفة أو اجتهادات شخصية، بل من الأولى أن تصبح إحدى دعائم النفوذ والأوراق السياسية في منطقة الخليج والشرق الأوسط، فالمواطن العربي مرتبط بالثقافة المصرية بسبب هذه القوة الناعمة وهو ما يسمح بالعديد من المكاسب المتنوعة لمصر كانعكاس لهذا التأثير وإذا انفك هذا الرباط فقد يعني هذا انخفاض التأثير الذي نتوقعه.

مسلسلات رمضان على سبيل المثال تعد فرصة جيدة لإثبات النفوذ المصري، لكنها في الفترة الأخيرة ليست بالجودة المتوقعة وأصبحت المنافسة شرسة من كل الاتجاهات لإزاحة عرش مصر.

أعتقد أنه حان الوقت لتنظيم الساحة الفنية والتي هي مصدر للقوة الناعمة المصرية وتساعد مصر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا لنعمل على منتج قابل للتصدير ذا جودة عالية يجذب المشاهد العربي بلا استثناء