"60 دقيقة".. عن وصمة الانتحار وإنكار الاكتئاب وتحلل علاقات زوجية

فاطمة خير

أصبحنا مدركين الآن لنمط مشاهدة جديد، لم نكن نتصور أبداً أنه سيكون موجوداً، وأنه سيصمد أمام المنافسة، أن نجد أمامنا موسماً كاملاً من حلقات مسلسل؛ فنشاهدها دفعةً واحدة أو في أيام متلاحقة، ولا يفسد ذلك متعة المشاهدة.

بدأتها شبكة نتفليكس، وصار الأمر عادياً، ثم جاءت منصة شاهد، ووضعتنا أمام نوعية جديدة من بث الحلقات الدرامية بإيقاع أسبوعي، سواء بحلقة واحدة كما حدث مع “في كل أسبوع يوم جمعة”، أو ثلاث حلقات أسبوعياً مثل “شقة ستة”، أو حلقتان أسبوعياً مثل المسلسل الذي تعرضه المنصة حالياً “60 دقيقة”، بالطبع أصبح جمهور الدراما -أو بعض منه- مهيئاً الآن لإذاعة الحلقات بهذا الإيقاع، ويبدو أن الزمن لن يتوقف عن إدهاشنا بما يمكن أن يلقى إعجاب وتجاوب الجمهور، والأهم من هذا ما يمكن أن تبدعه الشبكات عبر الإنترنت لجذب الجمهور.

نرشح لك: في الحلقة السادسة من “60 دقيقة”.. زوج ياسمين رئيس خائن ومغتصب

تذيع “شاهد” للأسبوع الثالث على التوالي مسلسل “60 دقيقة”، من تأليف محمد هشام عبية، وإخراج مريم الجابري، وبطولة ياسمين رئيس، محمود نصر، سوسن بدر، مها نصار، فاطمة النبوي، المسلسل يندرج تحت تصنيف مسلسلات التشويق والإثارة، وهو الإيقاع الذي نجح فريق العمل في الحفاظ عليه، عدا الحلقة الرابعة التي تم فيها استخدام أسلوب البلاي باك لحلقة كاملة، وهي محاولة جريئة لكن أن تكون الحلقة كاملة مجالاً لسرد الماضي تفسيراً لعلاقات حالية لم يكن الاختيار الأفضل، خاصةً أنه كان بالفعل قد تم عرض ثلاث حلقات من المسلسل ذو الثماني حلقات، عدا ذلك فإن الحفاظ على التشويق والإثارة مع إيقاع يناسب دراما تتعامل مع المرض النفسي وشخصية البطل التي تبدو حتى الآن وكأنها تحمل مفاجأة باعتباره مجرماً يتخفى وراء عمله العلاجي، التوازن هنا ليس سهلاً فلم يقع المسلسل في فخ الملل أو الأحداث المتوقعة بالضرورة، بدا ذلك واضحاً من خطوط السيناريو وساعدت فيها حركة الكاميرا، والإضاءة الباهتة برغم أناقتها، أماكن التصوير الراقية والباردة في الوقت نفسه، يعكس كل ذلك تفاوتاً ما بين ظاهر الشخصيات وباطنها، صراعات مكتومة تتفجر تباعاً، ويتوج ذلك حوار مدروس بعناية، يبدو جداً تأثير مراجعته من طبيب نفسي وهو الدكتور نبيل القط، الذي يلعب أيضاً دور أستاذ للطب النفسي في المسلسل.

بدون رتوش ولا تفاصيل لا داعي لها يتناول المسلسل وصمة الانتحار، وقسوة المجتمع في التعامل مع الناجي من محاولة الانتحار بدلاً من تقديم المساعدة، فالمريضة التي نجت من الانتحار يفصلها عملها خوفاً على سمعة الشركة، ويتخلى عنها زوجها ويحرمها من ابنها باعتبارها مجنونة، وييتهم أمها بأنها لم تحسن تربيتها! أما كونها مريضة اكتئاب قد يكون أصابها بعد الإنجاب، فالطبيب المعالج نفسه يدعي بأنها مريضة فصام ويصدقه الجميع لأنه طبيبها، والبطلة/الزوجة التي تحاول التغلب على مشاعر الاكتئاب تناولها أدوية دون علم زوجها الطبيب النفسي تهاجمها والدته الصيدلانية، وتخبرها بأنها ستسمح لها بذلك فقط كي تسعد ابنها! لا أحد يستمع للمريض ولا أحد يهتم بتقديم المشاعدة، بل أنه دوماً تحت قصف النيران تماماً كما هو الناجي من الانتحار، وللأسف هذا هو الحال في مجتمعنا.

يتعرض المسلسل أيضاً بذكاء ومباشرة للعلاقات الزوجية التي تواجه مشكلات يتم إنكارها حتى تصل لمرحلة لا يمكن العودة منها، ويتناول صعوبة الطلاق لدى المسيحيين، وتعامل الجميع مع الأمر باعتباره فضيحة يجب ألا تقع برغم استحالة العشرة بين الزوجين.

يتناول مسلسل “60 دقيقة” عدة قضايا في الوقت نفسه، وتم نسج خطوط الدراما بنعومة وذكاء، لا يمكن فصلها عن بعضها البعض، ويبدو أن حلقتا الأسبوع المقبل ستحملان مفاجئتان، يبدو ذلك بوضوح من مقدمة الحلقات التي تصور البطلة في غرفة الإعدام تنتظر حسم مصيرها فقط في 60 دقيقة.

 

كيف تختارين أزياء شتاء 2021؟ تعرفي على نصائح الفاشون بلوجر بطوطة نصر