طارق الشناوي يكتب: هشام سليم وابنه نور!

نقلًا عن المصري اليوم

من أكثر الشخصيات الجادة فى الحياة الفنية هشام سليم، في مواقف عديدة التقيته، مهرجانات داخل وخارج مصر، وكان يمثل لي حالة غير سائدة في التعامل المهني والشخصي، فهو لا يعرف غير الصراحة، وتلك الشخصيات تصطدم عادة بدائرة الفنانين، والتي بطبعها تتعامل بقاموس لا يعرف إلا كلمات المجاملة.

نرشح لك: أول ظهور لنور هشام سليم بعد التحول لذكر

وهو ينطق بما يعتقد أنه صواب.. في مواقف كثيرة يسارع فيها الفنانون بوضع الكثير من السكر على كلماتهم، بينما هو ليس له علاقة بالمكسبات الصناعية لتغيير الطعم واللون والرائحة، يبدو أنه لا ينام قرير العين قبل أن ينطق بكل ما في صدره، من الممكن بالطبع وفي ظل القانون السائد في الحياة الفنية أن يغضب منه البعض، المؤكد أن ندرة تواجده في السنوات الأخيرة على الشاشتين الصغيرة والكبيرة تعود في قسط كبير منها إلى تلك الصراحة، التي تتجاوز الكثير من الممنوعات.

قال هشام إن ابنته التي صارت ابنه نور، لديه مشكلة في الهرمونات التي تحدد الهوية الجنسية، وإنه كان يشك منذ ميلاده أنه رجل، حتى صارحه قبل 8 سنوات أنه يعيش في جسد غير جسده.

الأمر من الناحية العلمية ليس محل اجتهاد من أحد، ولا هي رغبة في تغيير المسار الجنسي، ولكن رؤية متخصصة علمية تحدد الهوية والتشخيص العلمي هو الفيصل.

إنه لا يتمرد على الطبيعة التي خلقها الله، التحول الجنسي لا يعد شذوذا ولكن تصحيح لوضع جيني خاطئ منذ الميلاد.

هشام سليم امتلك الشجاعة وأعلن في برنامج (شيخ الحارة والجريئة) الذي تقدمه المخرجة إيناس الدغيدي تلك القضية، وهو لا يبوح بشىء خاص كان عليه كتمانه، ولكنه يشير إلى ضرورة أن تتحرك الأجهزة بإيقاع أسرع لاستخراج الأوراق الرسمية من السجل المدني، لأنه لا يزال في مرحلة التحويل التي ربما تستغرق عامين.

ثقافتنا الشعبية في هذا المجال تستند للعديد من الأفلام، مثلا في الخمسينيات (الآنسة حنفي) لفطين عبد الوهاب وبطولة إسماعيل ياسين، وفي الثمانينيات (السادة الرجال) لرأفت الميهي، بطولة محمود عبد العزيز ومعالي زايد.

(الآنسة حنفي) تأليف جليل البنداري، الذي التقط الفكرة من حادث حقيقي أشارت إليه الصحف، أراد البنداري أن يجعل من الأنوثة عقوبة، وكل ما كان يمارسه إسماعيل ضد ماجدة الصباحي ابنة زوجة أبيه من قهر وتسلط واجهه هو، وذلك بعد ليلة زفافه، عندما شعر بمغص شديد ليكتشف الطبيب أنه أنثى، بينما رأفت الميهي استوقفه برؤية ساخرة (التاء المربوطة) التي تفصل بين فوزي وفوزية، وحلل القضية، وبالطبع الفيلمان لا يقتربان من الجانب الهرموني الذي هو الجوهر.

المجتمع قطعا من الصعب أن تتغير ثقافته ببرنامج أو عشرة، ولا بشجاعة أب وتفهمه مثل هشام سليم ولا عشرة آباء، هشام يتمتع بثقافة تسمح له بتفهم الموقف، ويجب أن نذكر أنه حتى في المجتمعات الأوروبية لا يتم ببساطة تقبل هذه الأمور، العقلية الأوروبية تختلف أيضا درجات تقبلها.

أسرة هشام سليم العريقة تستحق منا دعما أدبيا للتعامل مع هذا الوضع النادر، رغم أن هذا لا يعني أبدا أن نور هشام سليم حالة وحيدة استثنائية!!