سيد محمود يكتب: بعد ختامه.. ملاحظات على مؤتمر الرواية العربية

نقلًا عن الشروق ملاحظات على مؤتمر الرواية العربية

إذا اعتبرت ملتقى الرواية العربية الذي يختتم أعماله اليوم بالقاهرة فرصة للقاء الأصدقاء والتقاط الصور والتعرف على أصدقاء جدد، فهو ناجح تمامًا وفقًا لهذه الاعتبارات ولكن إذا أردت تقييمه من زاوية مدى تعبيره عن الرواية العربية اليوم، فالمؤكد أن الحكم سيختلف حتمًا، فالمؤتمر الذي بذلت إدارة المؤتمرات بالمجلس الأعلى للثقافة جهدًا فائقًا في تنظيمه يعاني من مشكلات أخرى لا علاقة لها بالنواحي اللوجستية التي نفذها الموظفون بجدارة، لكنها ترتبط بمدى قدرة لجنة الإعداد على متابعة الرواية العربية في واقعها الحالي الذي أحسب أنه تجاوز برموزه الجديدة كل ما سعى المؤتمر لمناقشته أو التعريف به خلال هذه الدورة.

وأولى الملاحظات التي يمكن التوقف أمامها تتعلق بالعنوان الرئيس حيث تجاوز الواقع عنوان المؤتمر الذي يتحدث عن الرواية العربية في عصر المعلومات، في حين أننا نعيش فعليًا عصر “اقتصاد المعرفة”، وما نتج عنه من تطورات غيرت من وسائط الإنتاج الأدبي وأدخلت المحتوى الثقافي كله في طور جديد مرتبط بما يسمى “مقرطة الثقافة”، وهو تحول كان بحاجة لنقاش من مختصين في النقد الثقافي وعلماء اجتماع الأدب ممن لديهم القدرة على تقييم أمور وثيقة الصلة بالأدب فإلى جانب “البيست سيللر” ولدت طرق أخرى لإنتاج النصوص وإتاحتها فضلًا عن فلسفة جيوسياسية مرتبطة بتفتيت المراكز القديمة.

أما المفارقة الثانية فتتعلق بأنماط التمثيل الجيلي داخل المؤتمر وتقديري أن الدورة السابقة كانت أكثر صدقًا في تعبيرها عن قضايا الرواية الجديدة وأصواتها بفضل التمثيل الجيلي المتوازن الذي لم يتحقق في الدورة الأخيرة التي عانت من الركود واستسلمت تمامًا للقوائم المعلبة سابقة التجهيز والتي بدأت مع المؤتمر في لحظة ميلاده ووصلت به إلى “شيخوخة” تحتاج لإعادة نظر، لكي لا يتحول لمناسبة انتهت صلاحيتها ولا تقدم أو تأخر. فمن غير المعقول أن تطلب من نفس الأسماء في كل دورة أن تكتب شهادات عن تجاربها الإبداعية مع أن الأسهل أن تطلب منها الحضور للمشاركة في النقاش دون أن تلزمها بإعادة إنتاج نفس أفكارها. لأن القيمة في الحوار وليس في “تستيف” الأوراق.

وليس بعيدًا عن هذا، الإقرار بأن المؤتمر ولد قويًا عام 1998 بعد عشر سنوات من نوبل نجيب محفوظ وفي ظروف سياسية كانت تستلزم من مصر إعادة روابطها مع المثقفين العرب وأظنها نجحت في ذلك لحد كبير لأن الأداء الثقافي ساعتها كان متحررًا من الولاءات المشروطة أو “المشبوهة” التي كانت تطلبها أنظمة عربية أخرى مثل ليبيا والعراق، وساهم وجود أسماء روائية فذة وذات مشروع معمم عربيًا مثل نجيب محفوظ وعبد الرحمن منيف وصنع الله إبراهيم والطيب صالح وبهاء طاهر وحنا مينا وفؤاد التكرلي وجمال الغيطاني وإبراهيم أصلان ومحمد البساطي في دعم القيمة الرمزية للمؤتمر لأن منجز هؤلاء وغيرهم وضعه في إطار القيمة أكثر من مساحة التسابق التي تحكم الجوائز العربية الراهنة التي تضع الجمهور في اعتبارها وتجعله طرفًا في معادلات التقييم.

ولعب المؤتمر مع تعاقب دوراته دورًا في التعريف بأسماء شابة مهمة كانت تبدأ مسارها الروائى وتكرست عربيًا وعالميًا.

ولأن مياها كثيرة جرت في النهر، فقد تغير مفهوم القوى الناعمة الذي نحبه وولد تعبير “القوى الذكية” الذي لا يزال بعيدًا عنا وبسبب عدم إدراك تبعات هذا التغير لا نزال نقيم أي فاعلية بالقدرة على الحشد وليس بالقدرة على التأثير.

ملاحظات على مؤتمر الرواية العربية

نرشح لك: “كشف حساب” الدورة السابعة لمنتدى الإسكندرية للإعلام

نرشح لك: هبة الأباصيري في حلقة جديدة من برنامج “مش عادي”: “لا يمكن أن أرتبط بهذا الرجل”