أماني زيان تكتب: الخالة والدة (5).. والأخيرة

بعد كثير من المراقبة والتمعن والتفكير والتحليل، عن طريق أولاد أخواتي الأعزاء أو من خلال نفس الجيل في أماكن أخرى أو البوستات على “الفيس بوك” وطريقة تعاملهم مع كل موقف، إكتشفت أننا جيل قبل ما أعطي له بكل رضا، وغزل بقدم حمار كما يقولون، لأن هذا كان المتاح.

وأنا أركض في أخر لفة في “تراك” شبابي أحب أن أعترف أن الشك بدأ يزحف لقلبي وكل من مثلي .. “هل تم سرقة عمرنا ؟ هل ضحكوا علينا وضاع العمر يا ولدي ؟ قالوا لي أننا لا نعرف معنى الحرية ؟ فهل الحرية هي العري والرقص، أو الكره والانقسام ؟ هل الحرية هو الاستهانة ببلدي؟ ألم تكن الحرية أن كل واحد حر وكله بيتعلق من عرقوبه ؟!!! اللي يلبس يلبس واللي يقلع يقلع ؟”.

الفرق بين جيلي وجيل هؤلاء الشباب، أننا كنا نصدق .. نعم .. صدقنا كل شيء دون ذرة تشكيك، كنا نصدق كلمات الأغاني الوطنية ونبكي ويقشعر بدنّنا ، حتى أغنية “ماتقولش ايه اديتنا مصر، وقول هندي ايه لمصر” لم تكن تزعجنا، بل حقًا كنا نؤمن بذلك العطاء المتناهي الغير مشروط للوطن، ما يسميه الشباب الآن سذاجة أو بطريقتهم “أفورة ” .

نحن الجيل الذي أحب أحمد عبد العزيز ذلك المتهم بأنه “أوفر”، كان فتى أحلامنا، من منا لم يحبه في “سوق العصر أو مين مايحبش فاطمة ؟ كنا نحبه ونُصدّقه.

أحببنا “حسن أرابيسك وصدقنا أنه شاب جميل وجذاب بجدعنته رغم كرشه والباروكة المبالغ فيها !”، نحن الجيل الذي كان ينشر خبر أن رجل سرق أو اختلس أو أخذ رشوة على أنه حدثًا جلّل، ولم يكن خبرًا يوميًا في “السوشال ميديا”، لم يكن خبر أن مواطنًا وجد “شنطة” وسلمها للشرطة هو الحدث الغريب العجيب !!.

نرشح لك: أماني زيان تكتب: الخالة والدة (4) تمردوا تصحوا.. ولتفعلوا ما تقولون

نحن الجيل الذي أحب “مهمة في تل أبيب” وتعذب مع كل صرخة، حين كان سعيد عبد الغني يحرق نادية الجندي بماء النار، نحن الجيل الذي تباهى بكونه مصري وبكى مع مسلسل “رأفت الهجان”.

أما هذا الجيل فعكس ما سبق، جيل التشكيك، يشك في كل ما سبقه، جيل يعتقد أنه قام بالثورة، وأنه الأقوى، وربما هذا صحيح ولكن الشك .. آه من الشك، نار تأكل صاحبها تدريجيًا ، لو كنتم أقوى فالشك يضعف ويجعل منك واهن مهتز.

رأفت الهجان في عصرهم عميلًا مزدوجًا، حتى أفلامهم سخرت من رموزنا، طه حسين كافر، وعباس العقاد ملحد ومنهم من قال عليه مؤخرًا عميد الأدب العربي بدلًا من طه حسين !!.

يقولون أنهم جيل متفتح ومنفتح وهو لا زال يفكر في الفرق ما بين الولد والبنت !! يسخرون حتى من الوطن، جعلوا من السخرية أداة لتسخيف كل شيء.

لكن لماذا وصلوا لهذه المرحلة .. لم أقف يومًا لأسخر من أمي عندما تطلب مني أن أشغل لها الفيديو أو الكمبيوتر مثلًا، لم يخطر في بالي حتى أو أتجرأ ؟ لكن هذا الجيل يسخر ويستهزأ بكل كبير.

تربينا على القراءة لإحسان عبد القدوس ونجيب محفوظ والعقاد وأنيس منصور، أحب أن أقول لكم أن هذا الجيل لا يعرف معظمه هذه الأسماء !!.

جيل “الإكس بوكس عايز مليون بوكس عشان يفهم أن لولا الماضي ما كان الحاضر ولا مستقبل لهم”، للحق نحن أيضًا جيل سخر بعض الشئ من بعض الأشياء القديمة .. البعض ليس أكثر.

نحن أيضًا كنا نعترض ونتمرد، لكن كنا جيلًا أكثر إحترامًا للأكبر .. هكذا هو التطور؟! لا أعلم ، هل هذا ضريبة الانفتاح و”السوشيال ميديا” ؟!! ربما.

“وأنا في اللفة الأخيرة في تراك الشباب” ..أحب أن أقول أنني سعيدة بأنني لم أولد في هذا الجيل .. فنحن أكثر حظًا ، لقد نال جيلي قسطًا لابأس به من الحب، حب كل شيء، حب الوطن، حب الأصدقاء الحقيقي الخالي من المصالح، حب أحمد عبد العزيز!.

كان الله في عون جيل فقد انتمائه وحبه ولكنه لازال متدين بالفطر!!.

نقدم لك| أين اختفى هؤلاء!