احمد الصـاوي: صحفيون فى الزنازين

احتفل الصحفيون أمس باليوم العالمى لحرية الصحافة، الطبيعى أن ينخرط الصحفيون فى احتفاليات وندوات ونقاشات، حول قضايا المهنة، فى ظروف بالغة الصعوبة، سواء ذات علاقة بمناخ حرية التعبير، أو بإفساد وتخريب المهنة والصناعة من داخلها، أو انكماش السوق فى غياب أى حلول إبداعية، بما يقلل الموارد اللازمة لاستمرار الصناعة.

نقيب الصحفيين مثلًا وأعضاء كثيرون فى مجلس النقابة أعرف أنهم كانوا مدعوين لاحتفاليات تشارك النقابة فى تنظيمها بهذه المناسبة، حتى كتابة هذه السطور لا أعرف سير هذه النقاشات، لكن ما أعرفه على الأقل أن النقيب استهل يومه فى «عيد الصحفيين» العالمى باتصالات تليفونية لفهم أسباب احتجاز الصحفى أحمد القاعود، الذى تم اقتياده «مُكلبشا»، حسب رواية شقيقه الصحفى محمد القاعود من منزل الأسرة بالبحيرة.

حسب الأسرة، وحتى كتابة هذه السطور ظهر أمس، لم يعرف أحد سبب الاحتجاز، ولا التهمة الموجهة إلى الزميل، سبق احتجازه على نحو مشابه قبل شهرين، وإطلاق سراحه بعد ساعات بعد مصادرة محتويات من حاسبه الآلى، دون التعرف تحديدا على الاتهام.

القاعود لا يفعل سوى إبداء الرأى، لأنه لو كان يفعل غير ذلك لما توانت الشرطة عن إعلان ذلك، صحيح أنه رأى زاعق وصارخ كغيره من معارضى النظام و30 يونيو، لكنه فى النهاية لا يفعل سوى إبداء الرأى على وسائل التواصل الاجتماعى، وبعض الفضائيات المحسوبة على جماعة الإخوان، هل هذا هو السبب؟ هل تضرر أحد من آرائه وتعليقاته وتوصيفاته؟ لماذا لم يلجأ هذا المتضرر إلى القضاء لنيل حقه؟ وهل عقوبة الرأى القبض على الصحفيين بحملة مداهمة وكلابشات واحتجاز؟

تكفى واقعة كتلك لوصف جانب من حال الصحافة والصحفيين فى اليوم العالمى لحرية الصحافة. أى رسالة مطلوبة من وراء ذلك؟

القاعود إن كان ما زال فى محبسه، فإنه ليس الصحفى الوحيد المحتجز، فهناك عشرات على ذمة قضايا متنوعة استمر حبسهم الاحتياطى لـ500 و600 يوم، تقول نقابة الصحفيين إنهم غير محتجزين فى قضايا نشر، وإنما فى قضايا جنائية، وما أعرفه مثلًا أن المصور الصحفى محمود أبو زيد «شوكان» الذى اقترب اعتقاله من عامين جرى اعتقاله من مسرح أحداث وجد فيه بحكم عمله كمصور، وتلك قضية مهنية كبرى، عن صحفى تم القبض عليه وهو يمارس عمله، هى إذن قضية تخص النقابة، لا قضية جنائية حتى لو كان الملف به من الاتهامات الفضفاضة ما يجعل تصديقه صعبا.

من بين المحبوسين على ذمة تلك القضايا الزميل إبراهيم الدراوى، الذى يُكمل العامين فى الحبس فى أغسطس القادم، وهو محتجز بتهمة «التخابر» مع حركة حماس، إلى هنا يمكن اعتبار القضية جنائية ليحتج أصحاب المسؤولية بحيادهم، لكن الوقائع مهنيا أخطر وأخطر، فالدراوى لم يُقبض عليه فى مخبأ سرى وهو يرسل رسالة بالشفرة إلى حركة حماس، وإنما جرى اعتقاله أمام مدينة الإنتاج الإعلامى، حين كان خارجا من مشاركة فى برنامج معروف قال فيه رأيًّا، أختلف أو أتفق معه، لكنه فى النهاية رأى. وحتى تعرف طبيعة الاتهام؟ لا بد أن تعرف أنه كان صحفيا متخصصا فى الشؤون الفلسطينية، وتحديدًا فى شؤون حركات المقاومة مثله مثل الصحفيين الذين يغطون أخبار المؤسسات المختلفة داخل مصر أو خارجها، إذن فقد انخرط فى علاقة صحفية مع حركة حماس، ومارس هذا العمل طوال سنوات من عهد مبارك، ثم سنوات ما بعد الثورة حتى الثلاثين من يونيو حين اتخذ موقفا معارضا لعزل مرسى، وتستطيع أن تستوعب أكثر حين تسأل نفسك بينما موجود فى ذات القضية «التخابر» محمد مرسى وعدد من قيادات الجماعة والدولة خلال حكم الجماعة، واعترفت حماس ذاتها أنها جزء من جماعة الإخوان التى كانت حاكمة فى مصر، ما الذى كان من الممكن أن تحصل عليه حماس من صحفى بينما معها رئيس الدولة وأركان الدولة، والتفاهمات والعلاقات بين حماس والدولة المصرية وبين حماس والجماعة الحاكمة فى مصر فى أزهى عصورها؟!

هى إذن قضية مهنية بالأساس، تتعلق بتفسير العلاقة بين الصحفى ومصدره، ووجودها بهذا المنطق يجعل كل صحفى يتعامل مع مصادر عربية أو يغطى أخبار السفارات الأجنبية، أو يراسل صحيفة أجنبية، مهددا فى أى وقت بتهمة «التخابر».

لا يليق الاحتفال باليوم العالمى لحرية الصحافة، دون التعرض لقصص الصحفيين المحبوسين، فبين ما تعتقد أنه جنائى حضور واضح للمتهم كونه صحفيا.. الصحافة ليست جريمة.

نقلا عن جريده التحرير

اقرأ أيضًا:

 في أولى حلقات الفرنجة .. التاتش المصري أم الأجنبي  

 أول تصريحات للمتهمة بتصوير فيلم إباحي بالأهرامات   

 7 مشاهد واسعة الإنتشار بتوقيع “تمت الترجمة” ..لا تخبروا أنيس عبيد   

 تفاصيل القناة المغمورة التي تعرض مباريات الأهلي والزمالك   

 مفاجأة على الهواء : الليثي سفير نوايا حسنة  

 تامر عبد المنعم لمحمود سعد : أنت صناعة مبارك

.تابعونا عبر تويتر من هنا

تابعونا عبر الفيس بوك من هنا