التنمر.. حرام على دينا الشربيني حلال على ساديو ماني

محمد حسن الصيفي

في الأيام الأخيرة انتشر مصطلح “التنمر” على مواقع التواصل تزامنًا مع حملة اليونسيف “لا للتنمر” والتي أطلقتها مع بداية العام الدراسي الجديد.

الكلمة انتشرت من باب الموضة، مثل التحرش وغيره، تبدو هذه الكلمات في نظر البعض مقياسًا للتحضر والتقدمية، لكن في مصر الأزمة الحقيقية ليست في المصطلحات، فلو بدلنا كلمة تنمر بكلمة “جبنة شيدر” لن يتغير الأمر.

لكن الكلمة تعامدت مع موجة من السخرية على أزياء الفنانات في مهرجان الجونة السينمائي، ونالت دينا الشربيني الحظ الأوفر خاصة أنها لم تغادر مسرح التريند لفترة طويلة نظرًا لارتباط اسمها بعمرو دياب مع الكثير من المواقف والتكهنات.

نرشح لك : أحمد عليمي يكتب: “يوم الدين”.. رحلة بني آدم

والمصطلحات التي تنتشر هنا تشبه الزي الجديد للمدرسة، في البداية زاهية ونظيفة، ومع أول اشتباك داخل فناء المدرسة تختفي معالم الزي للأبد.

نحن هنا لا تمنحنا الكلمات الشيك والمصطلحات النخبوية جديدًا يذكر، نفرح بها في البداية على سبيل التجديد ومع الوقت يصبح أحمد مثل الحج أحمد.

لا أظن أن الحملة والمصطلح سيضيفان جديدًا، مثل بعض الولايات في أمريكا التي تضع قوانينًا محددة لإيقاف التنمر، لكن الأمر هنا يضيف نوعا من الشياكة والوجاهة الاجتماعية لبعض المتحدثين اللبقين والإعلاميين اللامعين، ولا أتخيل على الإطلاق أن طفلاً في فصل رفقة خمسين غيره يجلس بعضهم فوق بعض درجات مثل علب السلامون سيخرج بعد اليوم المدرسي أو في منتصفه ليتصل في الفسحة بخط النجدة ليتم انقذه من زميل يتنمر عليه، فالذي يتعرض للتنمر هنا تحتضنه أمه وتحمد الخالق على سلامة رجوعه !

لذلك ستنتهي الحملة مضيفة بعض نقاط الوجاهة لأهل الوجاهة ويتبقى المصطلح لأهل مواقع التواصل لإحداث مزيدًا من “الهرس” والألش والبلبلة.

فبينما انتقد أهل الوجاهة وعديد الشخصيات المعروفة السخرية من دينا الشربيني “وهو أمر وجب انتقاده بلا شك”

سكت الجميع عن حملات سب وقذف ومعايرة ساديو ماني لاعب ليفربول ومنتخب السنغال لإنه ظهر بأنانية شديدة في لقاء الفريق ولم يمرر الكرة لصلاح ليحرز مزيدًا من الأهداف ليسعد قلوب المصريين !

وامتد الأمر لحساب ساديو ماني على فيسبوك وحساب فريق ليفربول وحساب محمد صلاح وكل الحسابات الممكنة، مثلما حدث مع سيرجيو راموس لاعب ريال مدريد حين تسبب في إصابة صلاح في نهائي دوري أبطال أوروبا العام الماضي.

وهل اكتفى الجمهور؟

بل قاموا بتحويل الفيديو الذي يقوم فيه بتنظيف دورات مياه أحد المساجد إلى سُبة وأنه خادم وعبد أسود، بعد أبادت مباديء وأفكار الإسلام العنصرية وكل أنواع الإيذاء اللفظي والجسدي منذ 1440 عام وأكثر !

ومع هذا فهو لدى الوجهاء ليس تنمرًا، بل عنب بناتي أو فخفخينا تجلب الضحكات المدوية.

وحين يتم سب أحد الشخصيات العامة من قِبَل الجمهور بأفظع الشتائم الأمر لا يصير وقتها تنمّرا، بل وطنية واستئساد، والله.. الوطن.. الجهاد، ويقف أهل الفولورز ليصفقوا للجمهور الذي فعل الأفاعيل، ولا أحد منهم يجرؤ أن يقول أن هذا تنمر، بل هو شهد مكرر.

الكل مع الطرف الكسبان، ومع قوة مواقع التواصل أصبح الجمهور هو المتحكم ولا أحد يملك الشجاعة أن يقف ليقول كلمة تخص المباديء أو حتى يضع تعريفًا محددًا لتلك الكلمات الشيك التي يرددها الجميع، بعيدًا عن الأشخاص والمواقف الشخصية.

وبالتالي الجمهور هو الذي يحرك العملية برمتها، والجميع ينساق خلف الحناجر والهتافات وقوتها الهادرة هنا وهناك، كل ما في المسألة أننا نريد أن نعرف هل ما حدث مع ماني أو غيره يعد تنمرًا أم لا؟

ولو هو بالفعل تنمر لماذا لم أجد شخصًا واحدًا يتحدث عن قصور طلب الحق وأن المبدأ الميكافيلي فاسد لأن “الغاية من المستحيل أن تبرر الوسيلة” وأن طلب الحق حرفة ليست كل أدواتها التشابك مع أمهات الآخرين في الهتاف !

هنا مهرجان الجونة 2018

 

10 معلومات عن مهرجان الجونة السينمائي