"الديزل" أفضل أفلام رمضان.. لماذا فقد سرعته في سباق الإيرادات؟

محمد عبد الرحمن

شاهدت جميع أفلام محمد رمضان بداية من “الألماني” وصولا لـ”الديزل”، فيما عدا “شد أجزاء”، وبعيدًا عن الإيرادات وأيًا من هذه الأفلام كان الأكثر حصدًا للجدل أو تحقيقًا للانتشار، فإن تقييمي الشخصي يذهب لكون “الديزل” هو أفضل أفلامه على الإطلاق، حيث خلا من معظم عيوب السينما التي قدمها رمضان منذ عرف الطريق لتصدر شباك التذاكر عام 2012 بنقطة التحول “عبده موته”.

رغم ذلك لم يحقق “الديزل” المركز الذي توقعه محمد رمضان في شباك التذاكر، أتكلم هنا المركز الأول في السباق وليس حجم الإيرادات، حيث يراهن رمضان منذ عدة سنوات على لقب “نمبر وان”، وهو الرهان الذي بات سببًا في حالة التربص بما يقدمه الفنان الشباب من أفلام ومسلسلات، وأخيرًا أغنيات.

منذ ذلك الرهان، بات رمضان ومن معه على استعداد لأن يحصد الفيلم 10 ملايين جنيه فقط في السباق، بشرط أن يكون الأول ومن بعده باقي الأفلام، لكن أن يحصد عشرين مليون جنيه ويحتفظ بالمركز الثاني أو الثالث فهو أمر مرفوض، وهي معادلة غير منطقية  “دبس” رمضان نفسه فيها دون أي ضرورة، ودون النظر للعديد من العوامل الأخرى، من بينها أن المقياس الأفضل دائمًا هو عدد التذاكر وليس إجمالي ثمنها، لأن هناك تفاوت في أسعار تذاكر دور العرض في مصر، فالأقل هي دور عرض وسط البلد والمحافظات والتي يرتاد معظمها جمهور محمد رمضان، كذلك هناك معيار حجم تكلفة الفيلم، فيمكن أن يحقق أحد الأفلام خمسين مليون جنيه لكنه يظل خاسرًا لأن تكلفته زادت عن الثلاثين مليون مثلا، علمًا بأن المنتج يحصل على أقل من نصف الإيرادات المعلنة، لأن الباقي يذهب لشركة التوزيع ودار العرض والضرائب. كما يغفل رمضان نفسه أنه الممثل الأكثر تقديمًا للأفلام في العامين الأخيرين (قدم 4 أفلام في أقل من عامين وتبقى له الجزء الثاني من الكنز)، بالتالي هو الأكثر حصدا للإيرادات حسب المجموع.

بما تميز “الديزل” إذن ولماذا لم يحقق الإيرادات التي تجعل رمضان يتباهى بأنه لازال “نمبر وان” ؟

 تميز ” الديزل” بأنه فيلم حركة مشوق ومتماسك إلى حد كبير، مع وجود بعض الثغرات التي اعتدنا عليها في هذه النوعية من الأفلام، لكن بشكل عام المشاهد لا يشعر بالملل، ويستقبل المفاجأت الدرامية دون استخفاف بها، بالعكس يحتاج الفيلم لتركيز حقيقي من أجل ربط المشاهد الأولى بما جرى لاحقا بعد تصاعد الأحداث، دون السماح للمتفرج بالتوقع المبكر لما سيتم ولا كيف سينتصر البطل في النهاية، طبعا نعرف أن “الديزل” سينتصر لكن تظل المعركة مستمرة حتى آخر مشهد بمفاجأت معقولة ومقبولة.

 يجسد رمضان شخصية “دوبلير” لمشاهد الحركة، مهنة معروفة ومن يمارسها بالفعل يتمتع بالقدرة على أداء مشاهد المعارك وقيادة السيارات والقفز من الأماكن العالية، بالتالي منطقي إلى حد كبير ما قدمه من مشاهد حركة وقتال، طبعًا هناك مبالغات تتعلق بأن البطل يجب ألا يهزم، لكن بالمقارنة بالإمكانات الجسدية التي كان يقدمها كبلطجي ولص في “عبده موتة” و”قلب الأسد” و”الأسطورة”، فقوة “بدر الديزل” الأقرب للمنطق من بين باقي شخصياته.

– لا يوجد بالفيلم أي عبارات مسجوعة من تلك التي كان يقولها رمضان لتنتشر على ظهور الميكروباصات، لا أغنية مهرجانات، لا راقصات شعبيات، حرفيا لا يوجد أي مشهد مقحم على الأحداث لمغازلة شباك التذاكر (ربما لهذا تراجعت الإيرادات لأن جمهور هذه المشاهد لم يقبل بكثافة، فيما الجمهور الذي يفضل أفلام الحركة لم يقبل أيضا لأسباب نسردها بعد قليل) .

– لأول مرة يظن الجمهور بالكامل أن القضية المتورط فيها الفاسدون هي شبكة دعارة وتجارة بشر، فيما يتضح بعد منتصف الفيلم أنهم يتاجرون في شئ آخر تمامًا وجديد على السينما المصرية، حيث يتم استغلال البسطاء ليكون أبطال ألعاب متوحشة يشاهدها الأثرياء المصابون بالملل، ألعاب على الأرض أبطالها بشر من لحم ودم بدلا من ألعاب الفيديو الجيم.

لماذا فقد الديزل سرعته في سباق إيرادات عيد الأضحى؟

 سيكسر “الديزل” حاجز العشرين مليون جنيه بكل تأكيد، لكن ستظل الأزمة أن فيلم “البدلة” الذي يقدم كوميديا بسيطة ومقتبسة، سيتجاوز الثلاثين مليون، وأن “تراب الماس” تفوق على “الديزل” في الإيراد اليومي، أي أن جمهور محمد رمضان المخلص له اكتفى بالمشاهدة في أسبوع العيد فقط؛ من هنا يظهر السبب الأول، أن رمضان لم يسع لتجديد جمهوره، عكس ما فعله تامر حسني على سبيل المثال في أفلامه الثلاثة الأخيرة، حيث بدا مستعد لمشاركة نجوم كوميديا إلى جواره، جدد في القصص التي يقدمها، جمع بين الرومانسية والكوميديا بل زادت جرعة الأخيرة وطغت على حتى أغنيات تامر نفسه.

 الفنان حتى النجم صاحب التاريخ ينهي الحديث عن أي مشروع جديد بعبارة “يارب يعجب الجمهور”، أما رمضان فهو يفترض أن الجمهور سينبهر بالفيلم دون أن يراه، وأن الإقبال الذي حدث مع “عبده موتة” و” قلب الأسد” و”الأسطورة” قابل للتكرار دون الأخذ بالأسباب وهذا غير صحيح، بل أنه في هذه الفترة لم يتوقع أحد أن أسماء مثل أحمد السقا وأحمد عز قادرة عن على العودة وتحقيق إيرادات، وأن أمير كرارة يمكنه أن يحلم بالمنافسة بل ويتصدر الشباك.

– بناء عليه، فإن التصريحات الاستفزازية لرمضان ساهمت بشكل كبير في انصراف فئة من الجمهور، وغياب الدعم النقدي والصحفي من فئة أخرى، إما بسبب صدامات سابقة، أو لأن الناقد قد يخشى من اعطاء الفيلم حقه بعدما بات التعبير عن الاعجاب بما يقدمه رمضان حتى لو كان يستحق وكأنه انحياز لـ”عبده موته” و”قلب الأسد”، وليس لفيلم سينمائي قدمه نجم شاب هناك إجماع على موهبته.

 أسرف رمضان كثيرا في استخدام السوشيال ميديا كدعاية، وبأسلوب واحد لا يتغير، دون الحرص على مفاجأة الجمهور وجذب انتباههم لاحداث الفيلم نفسه، عادل إمام بجلالة قدره، لا يستطيع أن يعتمد على اسمه وكاريزمته دون ورق وتفاصيل وإخراج ودعاية تجعل الجمهور يقبل على عمل تلو الآخر ويغفر بعض التراجعات.

– بمناسبة عادل إمام، مؤلفو “الديزل” هم أنفسهم مؤلفو “عوالم خفية” ومع ذلك لم أجد أي محاولة للاستفادة من نجاحهم في رمضان 2018 من أجل جذب فئة جديدة من الجمهور للديزل.

– الحاج أحمد السبكي، لا يزال مصممًا على الإنتاج بطريقة “الفيلم بينزل برزقه”، لا يزال يظن أن التجول في سينمات وسط البلد كافيا، الدخول في خناقات مع العاملين في سينما كوزموس مثلا، ما يجعل الفيلم يعاني حصارا كالذي كان يفرضه السبكي نفسه على أفلام الأخرين أيام العز، أما عن خطة دعاية حقيقية، تواصل مع الصحافة والبرامج، انسى، لا شيء يتغير، حتى العرض الخاص تأخر 4 ساعات، بسبب عدم جاهزية النسخة ليلة العيد.

– أفلام الحركة التي نجحت مؤخرًا مثل “هروب اضطراري” و”الخلية” و”حرب كرموز”، لم تعتمد فقط على مشاهد الضرب واطلاق النار والتي كان من بينها ما هو أكثر مبالغة من “الديزل”، لكن مشاركة عدة نجوم ووجود عنصر الضحك كان أساسيا، وهو ما افتقده فيلم “الديزل”، على مستوى الكوميديا تحمل رمضان مسئولية إلقاء الإيفيهات اللهم إلا مشهد بدرية طلبة، ولم يستفد الفيلم من وجود محمد علي رزق مثلا في المشاهد الأولى، على مستوى الممثلين عموما، جمهور فتحي عبد الوهاب لا يزال مشبعا بسمير العبد في مسلسل “أبو عمر المصري”، فلم يصل لهم “راغب” كما أراد صناع الفيلم، عارفة عبد الرسول أيضًا لم تحصل على مساحة كافية، تامر هجرس أدى ما عليه في حدود المطلوب، هنا شيحة لم تكن مقنعة في شخصية “فتاة الليل التائبة”، أما ياسمين صبري فكنت أشعر أنها تشاهد الفيلم معنا، لكن وهي في اللوكيشن بدلا من مقاعد المتفرجين.

– رغم ما سبق انتهى الفيلم نهاية مقبولة، لم يتزوج الدوبلير من النجمة، غاب أغنية محمود الليثي التي فرضها السبكي على 99% من أفلامه، الجمهور لم يخرج مستاءً ولا نادمًا على سعر التذكرة، عكس أفلام أخرى شاركت في هذا السباق، لكن من منهم شجع أخرين على الدخول، تلك هي المسألة، التي يجب أن يدرسها رمضان جيدًا حتى يمنحه الجمهور مرة أخرى المركز الأول دون أن يفرضه هو على المنافسين.