20 تصريحًا لـ مروى جوهر.. عن الكتابة والنشر و"أدب الرُّعب"

أحمد شعبان

استضاف موقع “إعلام دوت أورج” الكاتبة مروى جوهر، صاحبة رواية “يحدث ليلًا في الغرفة المغلقة”، في ندوة خاصة عن الكاتبات الجدد، وهن: إسراء إمام، ونهلة كرم، وساندرا سراج، واللاتي تحدثن عن أعمالهن وإبداعهن، وكواليس وهموم عوالم الكتابة والنشر، وأبرز التحديات التي تواجههن ككاتبات.

تحدثت “جوهر” عن عملها السابق كمضيفة جوية، وكيف ألهمها ذلك ودفعها لتأليف كتابها “المضيفة 13″، وعن بداية رحلتها مع الكتابة منذ عام 2013، مع صدور كتابها الأول “هات م الآخر”، الذي جمع بين دفتيه مقالات ساخرة كتبتها في سنوات سابقة. كما تحدثت أيضًا عن دخولها إلى عالم “أدب الرعب”، مع صدور روايتها “يحدث ليلًا في الغرف المغلقة”، التي صدرت عن دار “دوّن”، بالتزامن مع فعاليات معرض الكتاب 2018. وتطرّقت إلى المشاكل التي تواجه الكاتبات في مصر، وسوق نشر وتوزيع الكتب عمومًا، أيضًا قالت إنها ترغب في العمل في السينما وصناعة الأفلام. عن ذلك كله وغيره تحدثت “جوهر”، وهذه أبرز تصريحاتها:

نرشح لك : مروى جوهر ضيفة “لقاء السبت”

1– لا أتفق مع توصيف “الكتابة النسائية”، والكتابة النسوية ليست خاصة بالمرأة وحدها، وإنما هناك كُتّاب تحيزوا للمرأة وكتبوا عن قضاياها ومشاكلها. وهناك تقصير من الإعلام لعدم تسليط الضوء على الكاتبات، والاحتفاء بمنجزهن وإبداعهن.

2– تأثير الكُتّاب المصريين في الخارج، منحصر في منطقة الخليج والدول العربية، وصدى وصوت الكاتبات المصريات لا يصل للخارج، وليس لدينا كاتبة مصرية ذات ثقل، “معندناش كاتبة مصرية مسمّعة بره”، وهذا ليس تقصيرًا من الكاتبات، لأنهن يحرصن دومًا على تقديم أفضل ما لديهن، لكن هناك تقصير من الإعلام، كما ذكرت، ووصول صوت الكاتبات المصريات للخارج لن يأتي إلا بتكاتف أكثر من جهة، وليس بمجهود فردي، ورغم أن عدد الكتاب أكبر والاحتفاء بهم أكبر، إلا أن تأثيرهم لا يتعدى منطقة الخليج، وأسأل من منهم تُرجمت رواياته ومن الممكن أن تجدها في تايلاند مثلًا أو كوبا أو دول أخرى كثيرة؟!، الطريق لا زال طويلًا.

3– الكاتبات في مصر مقيدات بظروف مجتمعية صعبة، تفرض عليهن تحديات كبيرة إذا قررن خوض مجال الكتابة، فالرجل يعرف كيف ينفصل عن أسرته وأولاده ومسؤولياته ويذهب إلى المقهى مثلًا ليكتب روايته، لكن الكاتبات تحكمهن ظروف معينة، تحول دون تفرغها وانعزالها عن الأهل من أجل الكتابة، ثقافة المجتمع لا تسمح بذلك، وهذا ليس على مستوى الكتابة فقط ولكن قِس على ذلك كل المهن.

4– رحلتي مع الكتابة بدأت بكتابة المقالات، كنت أكتبها لنفسي إلى أن أخذ صديق لي مقال منها، وأرسله إلى جريدة “الدستور” ونُشر باسمي، واستمريت في الكتابة معهم لفترة، ثم بعد ذلك في مجلة “عين”، بعد ذلك اقترح عليّ أحد أصدقائي أن أجمع هذه المقالات في كتاب واحد، فخرج كتاب “هات م الآخر”، ومنها بدأت رحلتي مع الكتابة، وحين كتبت “المضيفة 13″، وهو كتاب يصنف ضمن “أدب الرحلات”، كان الهدف الأساسي من الكتاب أن أعرض قصة حياة فتاة اختارت أن تعمل كمضيفة جوية، وذلك من واقع خبرتي كمضيفة سابقة، وأسرد ما تمر به خلال رحلتها في تلك المهنة، من أولها إلى آخرها، حتى يتعرف القارئ على كواليس هذه المهنة، ويتعرف على الصعاب والتحديات التي تواجه المضيفات، وقصص كفاحهن، فهي مهنة ليست سهلة على الإطلاق، فوراء المرتبات المرتفعة التي يتقاضونها مستوى عال من المخاطر التي يتعرضوا لها، والأمر ليس هينًا كما يتصور البعض، فهناك مخاطر صحية ونفسية كثيرة تتعرض لها المضيفات، فمثلًا هناك خلايا في المخ تتطاير ومع الوقت تفقد جزءًا من الذاكرة. أيضًا من الوارد حدوث تصادم في أي وقت وتفقد الحياة.

5– اقترح عليّ بعض أصدقائي أن يخرج “المضيفة 13” في شكل رواية، لكني لم أفضل ذلك، لأني “كتبته زي ما حسيته” من خلال رحلات “إلى مصر، إلى برلين، إلى الصين، وهكذا”، حاولت أن آخذ القارئ معي ليعيش أجواء كل رحلة، وخرج الكتاب بهذا الشكل، و”أنا بحب أطلع الحاجة زي ما حسيتها”. أيضًا لم يكن الغرض من الكتاب هو عقد مقارنة بين الأحوال في مصر مع الدول الأخرى، لأني فعلت ذلك في كتاب “هات م الآخر”، وإنما أردت أن أسلط الضوء على حياة المضيفات.

6– “المضيفة 13” يعد أول كتاب مصري وعربي يتحدث عن المضيفات، وللأسف لم يأخذ حقه كاملًا بسبب مشاكل توزيع الكتب، وأتمنى إعادة طبعه قريبًا، فما زال كثيرون يسألون عن الكتاب حتى الآن ولا يجدونه في المكتبات. وتلقيت ردود فعل جيدة جدًا بعد صدور الكتاب، سواء من المضيفات أو من العالمين في مجال الطيران عمومًا، وعبر كثير من المضيفات من بلاد مختلفة عن إعجابهم بالكتاب، لأنه تطرق إلى مهنتهم وحياتهم من وجهة نظر أعجبتهم، حيث سلط الكتاب الضوء على معاناتهم وتحدياتهم، فضلًا عن القراء الذين وجدوا في الكتاب جوانب لا يعرفونها عن عالم المضيفات والطيران.

7– اتجهت إلى أدب الرعب وكتبت “يحدث ليلًا في الغرفة المغلفة”، لأني “تعبت من الطيران”، وحدثت لي شخصيًا مواقف رعب، فضلًا عن تسليمنا جميعًا بأن عالم الجن والعفاريت موجود في كل الأديان، لذا كان يتردد في ذهني أن أكتب في أدب الرعب، إلى أن حكت لي صديقة عن قصة الفتاة، بطلة الرواية، وهي قصة حقيقية، بعدها قررت أن أكتب الرواية، خاصة أن هناك درس مستفاد من القصة. ولا أعتبر أن دخولي عالم أدب الرعب بعد تأليف كتاب ساخر وكتاب في أدب الرحلات يعد نقلة أو تغير كبير، لأني لن أحصر نفسي في منطقة معينة، ولا يوجد هناك تخطيط للكتابة، وإنما أكتب ما أحسه وما يستفزني، وأحاول أن أنقل مشاعري صادقة على الورق حتى تصل للقارئ صادقة، وهذا لا يمنع أني أحب الرعب.

8– كانت لدي رواية اخرى جاهزة للنشر، لكني فضلت أن تخرج “يحدث ليلًا في الغرفة المغلقة” إلى النور أولًا، لأنها استغرقت من عمري ثلاث سنوات ونصف، وتأثيرها كان كبيرًا عليّ، كما أن بها جانب صوفي وثراء وبحث كبير، فكانت تستحق ان تخرج أولًا. ودعنا نعترف أن هناك أدباء رعب في مصر لهم ثقل مثل حسن الجندي وتامر إبراهيم ومحمد عصمت وعمر المنوفي وغيرهم، لكن لم تجرؤ كاتبة على أن تدخل هذه المنطقة، وأتمنى أن أستمر في ذلك.

نرشح لك : مروى جوهر تكتب: هذا الرجل أحبه (١).. محمد علي كلاي

9– أُفضِّل عند كتابة الرعب أن يكون مستوحى من قصة حقيقية، “وده اللي معطلني في الرواية الجاية”، أنا أقرأ كل أنواع الرعب لكن أُفضِّل القصص الحقيقية، وأعتقد أن ذلك يكون جاذبًا للقارئ أكثر، حتى في أفلام الرعب أنا لا أعترف بالأفلام التي تحوي مشاهد دم ورعب من هذا النوع، ولكن ما يجذبني هو الرعب المستوحى من أحداث حقيقية سواء كان فيلمًا أو رواية.

10– يحتاج أدب الرعب إلى مجهود بحثي كبير وقراءات كثيرة، فمثلًا في رواية “يحدث ليلًا في الغرفة المغلقة” أنا قمت بعمل دراساتي على نوع الرعب الموجود الذي سأتحدث عنه، لأن القصة حقيقية، فمثلُا كانت هناك أشياء غير مرئية هي التي تحرك الأمور في الشقة، فكان لابد أن أقرأ كثيرًا عن الفارق بين المارد والجن والعفاريت، وأنواع الجن وحياتهم وطباعهم وكل ما يتعلق بهم، بمعنى أدق تحاول أن تعيش معهم فترة، أيضًا لابد أن أدرس المجتمع نفسه أو البيئة التي سأتحدث عنها، فلو سأتحدث مثلًا عن الصعيد، لابد أن أعرف عاداتهم المرتبطة بالسحر والشعوذة والدجالين، وغيرها من التفاصيل حتى أكتب بشكل منضبط.

11– كتابة الرعب تترك أثرًا كبيرًا على الكاتب، فـ”وأنا بكتب يحدث ليلًا في الغرفة المغلقة، حصلتي حاجت كتير غير طبيعية، بدءًا من الاكتئاب، الذي لازمني طوال فترة الكتابة، ومثلًا كان “النور يولع ويطفي وأنا بكتب فقررت أن أكتب نهارًا فقط، وفي فترة تعديل ومراجعة الرواية “جالي اكتئاب جامد جدًا وكوابيس وكنت عايشة مع بطلات الرواية”، وبعد أن سلمت الرواية لدار النشر، دخلت العناية المركزة لمدة 4 أيام، وقلت وقتها “دي آخر مرة أكتب رعب”، لكن للأسف الرعب “زي الإدمان بيشدك لو رجلك جت يبقى خلاص”.

12– لا أضع أي حسابات أو حدود أمامي وأنا أكتب، سواء لمجتمع أو لقارئ أو لدار نشر، ولو “حطيت ده قدامي وأنا بكتب يبقى مش هكتب حاجة”، وما يشغلني هو أن أكتب قناعاتي وما أرى والرسالة التي أريد أن تصل للقارئ بالطريقة التي أريد، دون أي اعتبار لردات الفعل، لأني مؤمنة أن الكتاب سيعيش أكثر من كاتبه، لذلك ما يشغلني هو أن تصل رسالتي للقارئ أيا ما كانت الوسيلة أو الطريقة التي سأستخدمها. وعلى الكاتب أن لا يرضخ لطريقة كتابة معينة لمجرد ان “الناس عايزة كده”، أو ان هذا هو الشائع والمتداول.

13– أرى أنه على الكاتب أن يقول ما في نفسه ويكتب عن قناعاته وما يعتقد بصدق، فأنا أكتب عن تجربتي الشخصية وما أراه، لأن ذلك هو ما يجعل كتابتي مختلفة، ولا أميل إلى الغموض في كتابتي، أميل إلى الصراحة فـ”حياتنا بسيطة وقصيرة قوي فهنقعد نمثل على بعض لا، هذا ليس دوري، أنا مش جاية أمثل، فأنا هعيش بطريقتي وبطبيعتي تمامًا وهكتب حاجات ممكن أنت كقارئ تتفاجئ بيها، هتقول ازاي هي الشخصية دي اللي كاتبة ده، وده اتقالي بعد الرواية قالوا إزاي هي مروى جوهر اللي كاتبة ده”، لكن في النهاية أكتب ما أعتقد وأرى من غير غموض.

14– أكثر المشكلات التي نواجهها مع دور النشر هي التوزيع، قراء كثر يسألونني عن كتاب “المضيفة 13” ولا يجدونه في المكتبات، وفي أحد المرات كنت في مكتبة مشهورة وسألت عن الكتاب، فقالوا لي إنه غير موجود بالرغم من تواجد نسختين على أحد الأرفف، للأسف دور النشر تهتم بنوعية معينة من الكتب، ولا تروج لكل الإصدارات جيدًا.

15– نحتاج أن نغير ثقافة المجتمع من الأساس، حتى نواجه مشكلات تزوير الكتب وبائعي الرصيف، فلكلٍ زبونه؛ للمكتبة زبونها وللرصيف زبونه، وهذ لا يتعلق بمستوى المعيشة. ولابد أن نعترف أن بائعي الرصيف هم “مافيا كبيرة”، لأنهم يطبعون الكتب بكميات كبيرة جدًا وبجودة أقل، وصفحات ناقصة، وينبغي مواجهة ذلك، لأن دور النشر تهتم بالكتاب حتى يصل للقارئ في احسن جودة، كما أن تكلفته عليها غير تكلفة بائع الرصيف.

16– مواقع التواصل الاجتماعي أعطت الفرصة لكثير من غير الموهوبين أن يخرجوا للنور وتظهر أعمالهم، حتى ولو كانت دون المستوى، لكن لأن لديه “فولورز” أصبح كاتبًا، وهذا سبّب ضررًا كبيرًا على الكُتّاب، ولكن في النهاية الكتابة الجيدة هي التي ستبقى وستعيش وعمرها أطول حتى لو كان انتشارها بطيئًا.

17– من الصعب الاعتماد على الأدب والكتابة وحدها كمصدر رزق، لأن “الكتب مبتجبش فلوس خالص”، لذلك أن أتجه لكتابة السيناريو، وهذا لا يعني أني لن أكتب روايات وكتب، لأني “مش هقدر أبطل أكتب”، ولكن ممكن أن أتخصص في السيناريو لأني أحب أن أصنع أفلامًا.

18– لا يوجد لدينا الآن كاتب معين قادر على أن يكون في صدارة المشهد لسنوات طويلة مثلًا، وللأسف “احنا دلوقتي بقى عندنا دروايش في الكتابة، بقى عندنا يا فيه دروايش بيحبوا الكاتب قوي ولو قلت حاجة مش عارفة يعملوا فيك ايه، الناس منقسمة بطريقة رهيبة بيدافعوا جدًا أو بيهاجمه جدًا”، ولن يجتمع الناس على حاجة معينة، والتحدي الكبير أمام أي كاتب هي الاستمرارية، ويجب أن أشير أيضًا إلى أن هناك كتاب ظهروا خلال الـ15 سنة الأخيرة ولم يأخذوا حقهم في الاحتفاء والظهور، ربما لتقصير من الكاتب نفسه لكن أيضًا هناك تقصير من الإعلام. وعلاقة النقاد بالكُتّاب “وحشة جدًا”، والناس مهتمة أكتر بالأونلاين وموقع “الجودريدز”.

19– أحب السينما جدًا، وأحب الأفلام الوثائقية وصناعتها، وأخرجت عددًا من الأفلام الوثائقية بالتعاون مع وزارة الثقافة. وتدربت كمساعد مخرج مع المخرج سامح عبد العزيز في عدة أفلام، لكن لعدة ظروف “مقدرتش أكمّل”، واتمنى أن أرى أفكاري وقصصي على الشاشة. وسيتم تحويل روايتي “يحدث ليلًا في الغرفة المغلقة” إلى فيلم سينمائي، وأنا لم أشارك في كتابة السيناريو لكن سأعرض ملاحظاتي على السيناريو في النهاية، وبدأ فريق العمل في التجهيز والإعداد للفيلم، ومن الممكن أن يخرج للنور بعد سنة تقريبًا.

20– ما ألوم عليه القارئ هو لجوءه إلى قراءة الكتب pdf، ومع تقديري لحرصه على القراءة لكني لا أفهم ذلك، للقراءة قدسية وللكتاب قدسية، وأحب أن يذهب القارئ إلى المكتبة ليخوض تجربة البحث عن كتاب وشراءه، ويكون هذا الكتاب جزء من حياته وجزء من مكتبته كذلك.