محمد صلاح البدري يكتب: التحليل النفسي لفيديو صحفية الأوسكار

أصدقكم القول.. أنني لم أكن أنوي الحديث عما حدث في تغطية الإحتفال بالأوسكار هذا العام.. أعني بالتحديد ما فعلته تلك الصحفية المصرية الشابة.. الأمر لا يتعلق بعدم اهتمامي بالحدث ولا بإقتناعي بما فعلت.. بل لأنني لم أكن قد شاهدت الفيديو الخاص بتلك الواقعة من الاساس..!

نعم.. لم أشاهده كما لا أحب مشاهدة كل الفيديوهات التي من هذا النوع.. لم أتمكن أبدًا من الإستمتاع بمشاهدة شخص وقع في موقف محرج!.. الأمر لا يضحكني بالمرة.. و لا أجد سبباً للسخرية من شخص بهذا البؤس!!

هناك قصيدة شهيرة للشاعر الراقص إيفتوشنكو يصف فيها كيف أنه وجد شخصاً ملقى على الأرض و الناس يوسعونه ركلاً و ضرباً حتي تفجرت الدماء من أنفه و فمه.. فإذا بالبعض يصيح فيه أن يقترب ليشارك في تلك الملحمة ..ولكنه يقول “كنت أبكي.. فحين أجد مائة يضربون رجلاً مهما كانت جريرته.. فلن أكون الواحد بعد المائة ابداً” !!.. هل تفهمت دوافعي الآن؟!

لا أريد أن أنجرف مع ساديتي التي ستجعلني أوجه ركلة جديدة لمن هو ملقى ارضاً و ينزف دمائه بالفعل!

المشكلة أنها تتحدث كثيراً.. ربما أكثر من اللازم .. تتحدث و تبرر ويبرر أصدقاؤها وزملائها باستفزاز يفوق الوصف..

لقد حاولت إهمال الأمر و تناسيه بالفعل.. حتى سمعت الخبر الأكثر إستفزازاً.. أن نقابة الصحفيين سوف تبعث لها “بوكيه ورد” للتهنئة بعودتها بعد هذا الإنجاز العظيم.. هنا فقط قررت مشاهدة الفيديو.. و قررت أن أكتب ما يجيش في صدري عن تلك الواقعة التي سخرت منها كل الصحف العالمية..!

بإختصار .. الأمر لا يتعلق بإنعدام المهنية ولا بعدم كفاءة تلك الصحفية الشابة.. أو حتى عدم إتقانها اللغة الانجليزية.. كل هذه مبررات وأمور قد يناقشها المتخصصون في الإعلام أفضل مني بمراحل.. ولكنني أعتقد أن الأمر يفوق ذلك بكثير!

إنه نموذج مثالي لما يدعوه الأطباء النفسيون megalomania.. أو كما يحب البعض أن يعربه بـ “جنون العظمة” أو “حب الظهور”..!
أعرف أنك قد تهمس سراً الآن أنني “أفلسف” الأمور و أزيدها تعقيداً.. و لكنني صادق بالفعل .. و أعني ما أقول تماماً

لقد قدمت تلك الشابة أفضل نموذج لشرح المرض الذي قد لا يعرفه الكثيرون.. على الرغم من إنتشاره في مجتمعنا الصغير.. إنه ذلك الطفل الذي يقوم بارتكاب حماقات وهو يعلم انها خطأ فقط ليجذب إليه أنظار الكبار.. إنه ذلك الطالب الذي يسأل الأستاذ في الفصل أسئلة وجودية لا إجابة لها.. إنه لا ينتظر الحصول علي إجابه.. و لكنه يريد أن يثبت للأستاذ انه مجتهد !..يريد أن يهمس زملاؤه سراً حين يروه انظروا.. إنه الشاب الذي سأل الأستاذ اليوم!.. ما أبدعه!!

الصحفية الشابة لم تكن تملك سؤالاً من الأساس.. و لكنها تريد أن ينظر الجميع إليها.. تريد أن تثبت لهم كم هي مجتهدة! كم هي “شاطرة”!!

الطريف أنها لم تكتفي بالسؤال الساذج الذي أطلقته بلا هدف سوي إرضاء لنداء ذلك المرض.. وإنما أمطرت موقع جريدتها بعشرات الصور التي تظهرها هي شخصياً!!.. و الواقع أنني لا أعرف ما الفائدة التي تعود على الصحفي حين ينشر موضوعاً يمتلئ بصوره “سيلفي” مع كل شيئ هناك.. أقول كل شيئ لأنها لم تنجح حتى في الحصول على هذا “السيلفي” مع النجوم الذين حضروا الحفل.. لقد صورت نفسها مع تماثيل!!

إنه نموذج مثالي للحالة نفسها.. والتي أعتقد أنها تحتاج بالإضافة إلى النقد المهني و الإستنكار الإعلامي الشديد.. إلى علاج نفسي ايضاً

سوف يحتاج الأمر وقتاً طويلاً لتستوعب هي ومن حولها تلك الحقيقة.. وسوف تحتاج وقتاً أطول للعلاج.. و لكنني أطمئنها أنها قد تشفى يوماً ما!

ربما أكون قد قسوت بتلك الحقيقة عليها .. و لكن الدفاع المستفز عنها من زملائها وأصدقاؤها بداية من صغار الصحفيين بجريدتها و حتى رئيس التحرير قد استفزني بالفعل.. و لا أعتقد أني آذيتها أكثر مما فعل الأخرون.. و إن فعلت.. فقد قررت هذه المرة أن أكون هذا الرجل..الواحد بعد المائة!!

اقـرأ أيـضـًا:

محمد صلاح البدري يكتب: عندما يصيبك الإحباط!!

محمد صلاح البدري يكتب : عن فن إساءة الأدب!

محمد صلاح البدري يكتب : حين يرهقنا التظاهر بالحياد!

محمد صلاح البدري يكتب : في الروضة.. حيث ترى الحقيقة!

محمد صلاح البدري يكتب:مغامرات ميكروفون الجزيرة!!

محمد صلاح البدري يكتب: البرلمان المصري.. مش هتقدر تغمض عينيك!! 

.

تابعونا علي الفيس بوك من هنا

تابعونا علي تويتر من هنا