كيرلس عبد الملاك يكتب: المسيحيون الدواعش‎

اصطدمت بمقال الزميل العزيز جرجس فكري المنشور في موقع جريدة “المصري اليوم” بعنوان “لماذا كرهت المسلمين والإنجيليين داخل كنيستي؟” فصُدمت من كم الكراهية التي تلقاها داخل كنيسته المجهولة ذات التعاليم المنافية لتعاليم المسيح، وشعرت لوهلة أن المسيحيين الأقباط هم المتسببون الرئيسيون في تأسيس وهيكلة تنظيم داعش الإرهابي بكل ما يحويه من نحر للرؤوس، وحرق للأحياء، وهتك للأجساد، إنها تصورات توحي بتنظيم خيالي ربما يسمونه بـ”المسيحيين الدواعش”.

إذا كنت يا زميلي قد تلقيت كراهية هذا مقدارها فاين سلاحك المسنون؟ وأين أفعالك سافكة الدماء؟ وأين الآيات التي استندوا إليها في تعليمك الكراهية داخل أروقة الكنيسة؟ إن الكراهية دائماً ما تصنع العنف فأين العنف المسيحي؟ تُرى هل ستكشف لنا في مقالك المقبل كيف أن المسيحيين يخططون لقلب نظام الحكم الإسلامي؟ أم ستكشف لنا كيف أنهم يخبئون أسلحتهم في الكنائس والأديرة انتظاراً للصحوة المسيحية؟ أم أنك ربما تعكف كغيرك من الصحفيين على تبيان الميول الشهوانية والسلطوية للرهبان؟ عرفني ما أجهله يا صديقي لعلني جاهل.

لن أنفي أية تهمة قد ألقيتها جزافاً عن قصد أو دونه على المسؤولين عن إدارة كنيستك، لكن ألم ترى واحداً منهم يدعو إلى محبة الأعداء؟ ألم تعرف واحداً منهم يدفع إلى تحمل الضيقات واللجوء إلى إله السماء؟ من المستحيل أن يكونوا قد قرأوا الإنجيل القابع بالكنائس، إنه الكتاب عينه الذي يقرأوه في كنيستي!

لقد خدمت بإحدى كنائس محافظة السويس، بل كنت مسؤولاً عن أحد الفصول المرحلية ولم أتعلم يوماً الكراهية بل تعلمت محبة الأعداء، ولم أتعلم المواجهة العنيفة بل تعلمت الرجوع إلى الله في وقت الضيقات، ولم أتعلم عداء أصحاب الأديان والمذاهب الأخرى لكنني تعلمت قبولهم كما هم، ومحبتهم كما هم، ولو ضمروا لي الكراهية والبغضاء، كنت أحاول السير على هذه الوصايا السامية، لعلني نجحت في ترويض غضبي وكراهيتي إلى حد كبير بسببها، لكن الانشقاق كان حاضراً.

المجتمع هو من علمنا الانشقاق يا عزيزي، علمنا كيف أن المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص أما للمسيحي فعداء مخصوص، علمنا أن نُطرد من الفصول حينما تحين حصة الدين لأن ديننا أقل شأناً من الدين الأشرف فيما جلس زملاؤنا المسلمون في فصولهم معززين مكرمين، علمنا من خلال المآذن عالية الصوت أن المسيحي كافر لا  محالة ليس له أن ينطق بحقه في الحياة أو المساواة، علّم جيراننا أننا لن نرضى عنهم إلا عندما يتبعون ملتنا، ألم تستمع إلى هذه الخطب التكفيرية، هل كنت في كوكب آخر حينها أم قررت أن تفقد هذه الذكريات وقت كتابتك لمقالك الذي انتشر مثل النار في الهشيم.

دفعتني لأتذكر وما كنت أريد، تلك الحقبة القميئة من التوازنات الطائفية التي دائما ما كانت ترمي، ولعلها باقية، إلى تعميم التطرف والإرهاب على كل الأديان والمذاهب للهروب من المسببات الحقيقية والمجرمين الحقيقيين، ما يؤدي إلى تمييع المواجهة وتسطيح الحرب على التعصب المؤدي إلى العنف والإرهاب.

اسمح لي أن أسأل وأجيب، لماذا تقوقع المسيحيون في كنائسهم؟

ألا تدري أن لكل فعل رد فعل، الفعل كان التعصب والاعتداء ورد الفعل كان دخول الكنائس ومناداة السماء، ألم تقرأ عن الحوادث الغوغائية على الكنائس والأقباط في بداية عصر السادات، ألا تتذكر أمثالها خلال عصر حسني مبارك، لقد كنا مثل جسد فقد القدرة على الإحساس من كثرة العمليات الجراحية ووخزه بالإبر من كل ناحية، وفي كل جانب.

لم يقل لنا الكهنة غير “المسيح يخلصنا” في أعلى أمواج الاضطهاد والتمييز، في عصر مضى، كنا ننادي الكنيسة أن تتدخل لنجدتنا فتصدّر لنا الصمت رافعة عينيها نحو السماء لعل الله يتكلم، لقد وصفوا البطريرك حينها بالصامت الذي من طول صمته جعل الصمت يشكو، هل نسيت؟

سامحني يا زميلي العزيز، لكن الحياة واحدة، كما أن الحق واحد، لم أستطع الصمت، لأن الصمت أحياناً يصير خيانة، عندما تحل غمامة على الحقيقة.. لك مني المحبة والتقدير.

إقرأ للكاتب:

كيرلس عبد الملاك يكتب: الأقباط وإسلام بحيري!

كيرلس عبد الملاك يكتب: ماذا يقدم التليفزيون المصري للأقباط في أعيادهم؟ 

كيرلس عبد الملاك يكتب : الإعلام القبطي يسقط في مستنقع السياسة

اقـرأ أيـضـًا:

منى الشاذلي تستضيف “رباطية” عمرو قورة

نائب لتامر أمين: بعشق تراب رجلين سعادتك

١٥ مصدر قوة لـ”باب الليل” الحاصلة على جائزة ساويرس

جابر القرموطي يكتب: أن تكون بلا شلة تحميك!

33 لقطة من أولى جلسات برلمان الـ 596 نائبًا

القائمة المبدئية للدراما الرمضانية 2016

بعد واقعة “حريق فندق دبي”.. هؤلاء أيضا دخلوا السجن بسبب “سيلفي”

مباريات الدوري بصوت جابر القرموطي ويوسف الحسيني !

.

تابعونا علي الفيس بوك من هنا

تابعونا علي تويتر من هنا