مدحت عيسى يكتب: السويس المظلومة من السروي للهياتمي

رغم انتقالى و اسرتى الصغيرة للاقامة بمدينة 6 اكتوبر ، الا اننى لم و لن انفصل عن مدينتى و وطنى الأصغر و التى افخر و اعتز دائما بالانتماء اليها ، فيها ولدت و نشأت  ، درست و عملت و انجبت ولدي ،  استنشقت مع هواء بحرها دخان مصانعها ، و حفِظَت شوارعها خطى قدمي ، و تغذت روحي على فنها و تراثها ، و حفرت فى خلفيتى بطولة شعبها و تضحياتهم ، و سمعت و عرفت قصص النضال التى تسري في عروق اهلها ، و رغم انها بلد الغريب لم اعرف لى و لعائلتى موطن اخر سواها ، لم ننتسب لجمعية و لا قبيلة أو عشيرة ، باختصار سويسي حتى النخاع .

و كغيري من أبناء جيلى تفتح و عينا على رجل ما زال حيا في ذاكرة السوايسة رغم رحيله من سنوات و قصر المدة التى قضاها محافظا لمدينتى ،  اللواء احمد تحسين شنن – عليه رحمة الله – أحب المدينة و اهلها فأحبه السوايسة و بقى خالدا اسمه فى قلوبهم لا على اللوحات التذكارية ، و تظل صورة هذا الرجل حاضرة فى كل بيت لأنه زار كل الأماكن و جلس مع كل الناس و احتفل معهم و حاول بقدر المستطاع أن يقدم لهم جزءا من حقوقهم .

السويس كانت أكثر مدن القناة دمارا ، و بسالة من كانوا على أرضها حفظت لمصر نصرا مازال فخرا للمصريين ، و رغم ذلك تعرضت للظلم و العقاب نتيجة مواقفها الوطنية ضد الاستغلال و المتاجرة ، كانت مدينة معارضة لنظام السادات و فرض فيها حظر التجول فى أحداث انتفاضة يناير 1979 و ظلت مخاصمتها للرئيس الراحل حتى وفاته ، و استمر غضب النظام عليها طيلة عهد مبارك و طيلة 30 عاما هى سنوات حكمه لم يدخلها يوما ، حتى اندلعت منها الثورة التى اطاحت به .

مدينتى التى اعشقها دائما مظلومة ، لم تصبح اجمل مدينة فى مصر كالاسماعيلية ، و لم تكافأ بمنطقة حرة كبورسعيد ، ظلت مغضوبا عليها ، محرومة من قيمة موقعها و جغرافيتها الفريدة ، محكوم عليها أن تظل على حالها  ،  ، و كتب على شبابها البطالة بينما تفتح المصانع ابوابها للوافدين و بحكم دوران عجلة الزمن فالتدهور هو مصير عدم التطور

السويس تغيرت ملامحها و بحكم غيابى عنها لفترات ليست بالطويلة اجد فى كل مرة تغيرا ما ، مرات كثيرة للأسواء و قليلة هى المرات التى شاهدت فيها شيئا ايجابيا ، و مؤخرا تابعت و شاهدت اصرارا غريبا من جانب المحافظ الأسبق ( العربي السروي ) على الهدم و التخريب و التجريف ، ذلك الرجل الذى لم يبن في عهده سوى مبنى واحد فقط بالمخالفة ، و برغم دماثة خلقه الا انه يعاني من ضيق الأفق ، و خضع لسيطرة ثلة من المرتزقة و الهتيفة المنتفعين ، ما دعا كثير من ابناء المدينة للتوقيع على استمارات ( #إرحل_يا_سروي ) و لم يكفوا عن مطالبة القيادة السياسية بإقالته ، و تعرض قيادات الحملة لضغوط وصلت الى حد تلفيق قضايا ، و طالب آخرون بعودة الرجل المحترم اللواء / محمد عبد المنعم هاشم الذي تولى المسؤلية في احلك الظروف ، فالسويس كانت شرارة الثورة ، و حجم الغضب و قدر المشكلات يستعصى على الحل و التطويع ، و لكن ما يملكه الرجل من سعة صدر منبعها الوطنية و تحمل المسؤلية جعلته يتحمل كل ما تعرض له من غضب و مطالب لا حصر لها ، و بجولاته الميدانية المستمرة و لقاءاته مع الجميع فرادى و جماعات و من كل الفصائل و التيارات استطاع أن يضع يده علي اكبر المشكلات و مكنته خبرته الكبيرة التي اكتسبها من عمله كملحق عسكري بفرنسا 3 سنوات و بعقله المستنير تعرف الى من هو مخلص و من هو منافق ، و حاول الرجل فعل ما بوسعه لتقديم ما يستطيع لأهل المدينة التى احبها ، و لكن كم العراقيل و الاحباطات كان كبيرا ، كما كانت الحالة الملتهبة التى عاشتها البلاد في تلك الفترة حائلا دون تحقيق ما يريد ، و مع قدوم الأخوان كان رحيله ، فودعه السوايسة بقلوب ملؤها الأسى

و تأتي حركة المحافظين الأخيرة لتلقي بعض الأمل في نفوس اهل السويس و يحل اللواء / احمد حلمي الهياتمي الذي توسمنا فيه الخير و أن يعوضنا الله به عن سوءات من سبقوه ، و لكن الرجل بدا في أيامه الأولى يعاني في احاديثه و ما ينطق به لسانه ، إلى أن انتشر فيديو مقتطع من حديثه و الذي بدا فيه كخبير استراتيجي ممن يطلون علينا عبر الشاشات ليشبعوا رؤوسنا بالخزعبلات و احاديث الأساطير فتحدث الرجل عن حنية البحر و عنف المحيط و عن الحماية الإلهية التي ترد عنا صواريخ ( اليهود ) عن طريق الريح الشمالية الغربية ، حديث الرجل ينم عن بساطة لا تناسب السياسى و قدر من التسطيح لا يتماشى مع عظم المسؤلية و كأن قدر السويس أن يحكمها من لا يقدر قيمتها

و أخيرا أمام القيادة السياسية أضع تساؤلات تحمل حقائق لعلها تجد يوما مجيب :

هل تعلم أن السويس هي المدينة المصرية الأشهر عالميا لارتباطها بأهم مجرى ملاحي في العالم؟

و هل تعلم أن هذا الاسم غير مستغل على الإطلاق في الترويج لأي منتج أو خدمة أو منفعة يمكن أن تدر على الدولة عوائد مادية و معنوية؟

و هل تعلم أن دولا و شركات كبرى تنفق أموالا لا حصر لها من أجل صناعة ( اسم) يمكن استثماره في جنى أرباح اقتصادية و اجتماعية؟

هل تعلم أن السويس لديها الفرصة بحكم موقعها الجغرافي الفريد لأن تكون واحدة من أكبر و اجمل الموانئ العالمية كمارسيليا و هامبورج ؟

و هل تعلم أن المدينة الباسلة التي قدمت الغالي و النفيس لأجل الوطن تعرضت للظلم و العقاب لمواقفها الوطنية الصادقة؟

و هل تعلم أن الفرص متاحة لتحقيق طفرة حقيقية لو توافرت النية الصادقة و العقل المستنير؟

مقدم برنامج الصفحة الأولى بقناة الغد العربي

إقرأ ايضا:

مدحت عيسى يكتب: أبو حفيظة و إثارة الحفيظة

مدحت عيسى: نار اليمن

مدحت عيسى : هل وجدت دولة مبارك بديلا عن السيسي ؟؟

مدحت عيسى: التليفزيون المصري قاتل للطموح

 

تابعونا عبر تويتر من هنا

تابعونا عبر الفيس بوك من هنا