5 مشاهد من ألبوم أنغام: براءة.. وانهزام - E3lam.Com

إسراء النجار

في أول ألبوم لها بعد 5 سنوات، عادت أنغام وهي تحمل “أحلام بريئة”، في ألبوم يمكن أن نصفه بأنه “جيد”، ولأن أنغام حالة فنية مختلفة، لا يرضى جمهورها بـ”الجيد” فقط، لذا كانت الإشارة واجبة لعدة مشاهد تلخص بعض التحفظات على جديد الفنانة التى تسعى دائمًا إلى الاختلاف.

(1)

تعودنا من أنغام أنها تصنع بصوتها ملحمة سينمائية صغيرة، نجم الشباك هو صوتها، الذي ينطلق وسط كلمات وألحان “تُخدّم” عليه، وتمهد له الطريق للاندماج والسلطنة، ليكون الجمهور هو خيال المستمع وإحساسه، اللذين يتوحدان مع الحالة والمشاعر الراقية، وليس بالضرورة أن تعبر أغانيها عن الجِراح والفراق والخيانة أو حتى الحب بشكله المباشر التقليدي الذي يتغنى به مئات المطربين يوميًا مع تغيير “التيمة”، ولكن “يا طيب”، و”حيران”، والقالك حد” و”سيدي وصالك”، و”مبتعملش”، وغيريها الكثير، تهمس دائمًا في أذن المستمع الذي لا يقبل من أنغام مستوى أقل من ذلك.

في ألبوم “أحلام بريئة” بدا صوت أنغام مستسلمًا وساكنًا في غناه وطريقته، ربما كان ذلك متعمدًا للتعبير عن شخصية المرأة المستسلمة الضعيفة التي جسدتها في “الألبوم”، لكن كل “سميعة” أنغام يعلمون جيدًا ثورة صوتها في التعبير أيًا كان المحتوى، ليبقى السؤال لماذا أعلن صوتها استسلامًا ما لا نقبله؟

(2)

“أحلام بريئة” قدم حواديت إنسانية وصادقة ولكنها “مشوشة” في الكتابة، أو بمعنى أصح جاءت شخصية الأغنية “مهزوزة”، فالأفكار واضحة ومفهومة ولكن دائمًا هناك “حتة ناقصة” في معظم الأغاني، ما يُفقِدك الكثير من اندماجك وإحساسك.

فإذا تأملنا معظم الأغاني نجدها “فضفضة” نسمعها في ألبومات كثيرة، ونحفظها أيضًا، ولكنها لا تصنع الفارق الإبداعي الذي يجعل قلبك يخفق مع كل كلمة، بل مع كل حرف.

على سبيل المثال، أغنية “أحلام بريئة” فكرتها مميزة وغير معتادة، ولكن في وسط الأغنية تفاجئك كلماتها “نرجع تاني حاجة مستحيلة، دي حكاية قديمة بس الأكيد بشتاق إليه وبحلم أشوفه”! هكذا أخذتنا الكلمات من خيال الفكرة التي تتجسد في “الأحلام البريئة” إلى عالم مادي لا نحبه.

أما “حتة ناقصة” التي من المفرض أن تكمن قوتها في إعلان الحب المطلق على حبيبها، وتوضيح كيف تكون هي “حتة منه”، وتستدرجه كى يكون هو “حتة منها”، تتراجع الأغنية لأن “كل حاجة في الدنيا ناقصة”، فبين تبني الثورة الشاملة في الحب وبين الاستسلام للزمن في النهاية، يجد المستمع نفسه أمام أغنية “عادية”.

(3)

حمل الألبوم تشابهًا إلى حدٍ ما بين ألحان الأغاني، وهو ما يجعلك لا تتذكر و”تدندن” أغنية بعينها بعد سماعه خاصة بمقارنة “أحلام بريئة” بآخر ألبوم لأنغام، والذي أخذنا من ثورة الحب الهادئة في “نفسي أحبك” و”ضى عينيك” ، ومر بنا على الحزن الممزوج بشجن اللحن في “لو نصارح بعض”، و”دلوقتي أحسن”، ثم الحزن المدعوم باللحن الغاضب في “مهزومة”، إلى أن وصل للرضا في “والله حلوة”، دون أن ينسى تقديم “حكاية” جديدة وراقية في “عشت سنين”، صعد معها اللحن وهبط، بقيادة عمار الشريعي.

إلا أن تجربة الملحن محمد رحيم مع أنغام في الألبوم الجديد، ميزت ألحانه بعض الشيء عن باقي الأغاني، في “فنجان النسيان”، و”بحب أغني”، وجاءت “بين البنين” أيضًا مختلفة وتشبه إستايل أغاني ملحنها محمد حماقي.

(4)

على الرغم من حرص أنغام على الاختلاف والتميز، إلا أن التعبير عن السيدة المضحية الضعيفة أحيانًا والبريئة أحيانًا آخرى بـ4 أغانٍ من كلمات الشاعر أمير طعيمة -رغم موهبته- “اتجاه واحد”، و”بين البنين”، و”حتة ناقصة”، و”أحلام بريئة”، أفقد الكلمات سحر ما، لأنها لم تحمل النضج الفني في التعبير، وبدت كأنها كلمات جراح وعتاب “عادية” تشبه ما يمكن أن يغنيه أي مطرب عادي.

وعند الحديث عن كلمات أغاني الألبوم، الإشادة واجبة بتجربة “بقيت وحدك”، لأنها التجربة الأصدق، فالأغنية من كلمات الشاعر الراحل عصام عبد الله -كاتب “وحدانية”- واقتنصت منه أنغام هذه الكلمات في منتصف التسعينيات، وطلبت منه أن تغينها فيما بعد عندما تصبح مؤهلة لتقديم كلمات بهذا النضج. ومرت الأيام ورحل “عبد الله” عام 1996، وغنتها أنغام في 2015.

(5)

أما عن التجارب غير المكتملة، استمعنا مثلًا في أغنية “عم بكره الموسيقى” لتجربة لبنانية خاطفة في بدايتها، بتوقيع الثنائي اللبناني كاترين معوض وهشام بولس: “عم بكره الموسيقى اللي فيك بتذكرني.. أل على حبك بترجعني وع ذكراك العتيقة.. بتأخدني وبتردني وبتهدني”، لننتقل إلى كلام عادي جدًا أفسد “حلاوة” الفكرة، ورغم أن اللغة اللبنانية قد تكون ثقيلة في بدايتها على أذن المستمع، إلا أن صوت أنغام وجد ذاته فيها.

والمفارقة تكمن في أن الثنائي هما أيضًا صاحبا أغنية “أهي جت”، التي لا يتضح لماذا حرصت أنغام على تصويرها كأول فيديو كليب رغم تواضع مستواها؟ كما لا تظهر ميزة واحدة التصقت بأغنية “جنبك مكاني”، التي تعد الأغنية الأضعف رغم أنها من كلمات الشاعر الكبير بهاء الدين محمد، الذي استرق أيضًا لحظة ضعف صادقة عبر عنها في حياة امرأة أغنية “أكتبلك تعهد”.