مازن حايك: شركات الإعلام بحاجة إلى استراتيجية "مواكبة للمستقبل"

مـازن حـايك: شركات الإعلام والتكنولوجيا بحاجة إلى استراتيجيات "مواكبة للمستقبل" كي تتمكّن من الاستمرار والمنافسة

في ضوء التحوّل الرقمي اللافت الذي شهدته الساحة الإعلامية في صورٍ شتى ولا زالت تبعاته قائمة حتى اليوم، ناقش مـازن حـايك، المستشار الدولي لوسائل الإعلام والتكنولوجيا، أبرز النقاط حول مستقبل الميديا في ظل التطور الهائل الذي يشهده العالم الرقمي وشبكات التواصل اليوم.

بعنوان "وسائل الإعلام في المستقبل: التقليدية مقابل الرقمية – هل هناك مجال لكليهما؟"، أشار تقرير موقع The Market Herald في كل من أستراليا وكندا - إلى أن مجال الإعلام شهد طفرة كبيرة بدخول التكنولوجيا الرقمية، والتي يرى التقرير أنها أثرت كثيرًا على وسائل الإعلام التقليدية.

في هذا الصدد، استعان التقرير بخبرات وتحليلات مـازن حـايك بشأن التحوّل في أنماط الاستهلاك الإعلامي، ورؤيته حول الكيان الإعلامي الذي يتمتع بفرص استثمارية جيدة، ومستقبل الميديا، لاسيما مع انتشار الخدمات الإعلامية المتخصصة مثل البث عبر التدفُّق الرقمي، والذكاء الاصطناعي، والميتافيرس، ونمو الواقع الافتراضي.

ميديا المستقبل والتكيف مع التغيرات

وعن مستقبل وسائل الإعلام، قال مـازن حـايك إن صناعة الإعلام في العالم تسير بشكل عام في اتجاه صحيح وجيّد، لكن الاستثمار في وسائل الإعلام التقليدية يتطلب تحليلاً دقيقاً لمدى قدرة الوسائل المعنية على التحوّل والتكيّف مع مثل هذه المتغيّرات الحتمية، مشيرًا إلى أن الكثير من التحوّل في استهلاك الميديا نابع من فترات اهتمام وتركيز أقصر لدى المتلقي، ما أجبر الكيانات الإعلامية الكبيرة على التكيّف مع عادات استهلاك البيانات والمعلومات المتغيّرة لدى الجمهور المستهدف.

وأوضح حـايك أن من أبرز الأمثلة على ذلك مقاطع الفيديو القصيرة والقصص، على غرار تلك المتداولة على تيك توك وإنستجرام وسناب شات وغيرها، بالإضافة إلى مزيد من التخصّص في استخدام الخوارزميات وتحليلات البيانات، وتصنيف المحتوى حسب التفضيلات الفردية، من أجل التمكّن من جذب أكبر مستوى من التفاعُل لدى المستخدمين والمتلقين.

تحدي صناعة المحتوى

في ما يتعلّق بالاتجاهات المستقبلية، تطرّق حـايك في حديثه إلى الأدوار التي قد يلعبها الذكاء الاصطناعي والجيل الثالث للويب والواقع الافتراضي في صناعة المحتوى، موضحًا أن الذكاء الاصطناعي يلعب دورًا مهمًا في ذلك، بدءًا من إعداد التقارير الآلية ووصولاً حتى إلى التحليل العميق، لكنه قد يثير مخاوف خصوصًا لناحية التسبّب بفقدان الوظائف، إلى خطر الافتقار للدقة والصدقية والمصداقية في صياغة الأخبار ونقل المعلومات.

أما بالنسبة لتزايد انتشار تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز، فأوضح حـايك أنه يمكن أن ينقل استهلاك الميديا إلى ما هو أبعد من الشاشة نحو تجربة غامرة متكاملة، متعدّدة الشاشات والوسائط والمنصّات، لافتًا إلى أن التحدّي يكمن في مدى قدرتنا على الحفاظ على جودة المحتوى ومصداقيته مع مواجهة تحديات أساسية مثل الأخبار المزيفة والمعلومات المغلوطة أو المضللة.

نجاح الكيان الإعلامي

وعن نوع المحتوى الإعلامي الجاذب للاستثمار، أكد حـايك مجددًا على أهمية تحليل وتقييم قدرة الكيانات المعنية على التكيّف والتأقلم مع التطور الرقمي الجديد، موضحًا أن شركات التكنولوجيا والإعلام لديها مصادر إيرادات متنوعة؛ مثل الإعلانات التجارية، والاشتراكات، وصناعة المحتوى والترويج له، والخدمات المضافة.

وتابع حـايك أنه عندما يحقق واحد فقط من هذه الأصول ربحًا جيدًا، فإن هذا الشكل من وسائل الإعلام يكتسب نطاقًا واسعًا من اهتمام الجمهور، لكنه مع ذلك لا يعني في النهاية استثمارًا في محله، لأن الكيان الإعلامي الناجح يحتاج إلى كافة أصوله لضمان بقائه.

وأوضح حـايك في حديثه عن تلك النقطة المثارة تحديداً : "يجب الاطلاع على أصول الكيانات الإعلامية ومواردها وربحيتها وثرواتها، وكذلك تقييمها لناحية محتوى مكتباتها التقليدية والرقمية، وحقوق الملكية الفكرية لديها، لأن هذا الأمر مهم وقيّم للغاية، فضلًا عن مدى التزامها بالاستدامة والقضايا المُحقّة والبيئة، وما يهم الجماهير. ويكمُن التحدّي الأكبر ربما بالنسبة إلى شركات الإعلام والتكنولوجيا في مدى قدرتها على الامتثال للتشريعات والقوانين الناظمة والحامية للبيانات"، مُلخصًا محور حديثه بأن شركات الإعلام بحاجة إلى استراتيجيات "مواكبة للمستقبل" كي تتمكّن من الاستمرار والمنافسة على نطاق واسع، وفق معايير "اقتصاد السوق".