محمد بركات يكتب: الزملكاوي المتعصب الذي يتمنى فوز الأهلي بالسوبر

أعيش حالة من الخوف والفزع كما اقترب موعد مباراة السوبر بين الزمالك والأهلي والمقرر إقامتها الخميس 15 أكتوبر الجاري لأسباب ليست لها علاقة بالمباراة بل بالنتائج المترتبة عليها حال خسارة الأهلي…

(1)

الزمالك.. تلك السبعة أحرف التي تهز وجدان مشجعيه.. أن تشجع الزمالك إذاً أنت تعيش حالة عشق.. أن تشجع الزمالك إذاً أنت أخترت من الحب أصعبه.. أن تشجع الزمالك إذاً أنت قررت لنفسك العيش في كَبَد.. أن تشجع الزمالك إذاً أنت كرستالة في نجفة زجاج.. أن تشجع الزمالك إذاً أنت تعيش لحظات سعادتك ومعظم المصريين يتألمون.

الزمالكاوي هو الوحيد الذي قرر تشجيع النادي باختياره وليس بالوراثة أو بالسير مع العوام أو بالإستسلام للطبيعة في أن تكون خلف الفائز غالباً.

فمشجع الزمالك لم يختار النادي لأنه يريد الفوز بالبطولات سواء كانت الدوري والكأس أو إفريقيا.. منذ أن قرر تشجيع الزمالك وهو يرتدي قميص النادي “الواسع” لكونه في بدايات طفولته يعرف أن النادي الأهلي هو من يحصد مثل هذه البطولات؛ وكانت أمامه فرصة اختار تشجيع الأهلي مثل غيره.. لكنه اختار من الكرة متعتها وصفعتها.. لذتها ولسعتها.. هو يحب اللعبة وهي داخل الملعب وليست اللعبة الموجودة في دولاب النادي… ومع هذا يستهويه كل حين أن يرى تلك اللحظة التي تترجم المتعة إلى تتويج بالبطولة إنصياعاً لعوامل الطبيعة.. فالنادي الكبير هو من لديه عدد مقنع من الألقاب والبطولات.. لكن في العشر سنوات الأخيرة أصبح البحث عن البطولة أمراً وجوبياً حتى وإن كانت كل عامين حفاظاً على الإستمرارية في المنظومة التي أصبح المال هو العامل الرئيس فيها.. أن تفوز ببطولة إذاً تتصدر قوائم الإعلانات ومن ثم تزداد قيمة عقد الرعاية بمئات الملايين التي من خلالها تستطيع جلب لاعبين مميزين يتمتعون بوهبة ومهارة عالية تستمتع بسحرها داخل الملعب.

(2)

الأهلي.. نادي الشعب.. ذلك النادي تحكى عنه الأساطير حتى وإن كانت وهمية فهي عند جمهوره من المسلمات لا يجوز التفكير فيها حتى بعقلانية.. مثل أسطورة “نادي المبادئ” وهي نفس المبادئ التي دهست بالأقدام من مجالس لإداراته ولاعبيه ومشجعيه بداية من الطريقة الغير شريفة من رجاله في الإتحاد الإفريقي للإستحواذ على لقب نادي القرن وليس نهاية بتحريض اللاعبين على أنديتهم كي يحصل عليهم بأبخث الأثمان.. ثم أسطورة “الأهلى فوق الجميع” التي ليس لها أصل في الوجود الكروي، فلم تكن سوى شعار لحملة صالح سليم الإنتخابية وكان يقصد بها توجيه رسالة للجمعية العمومية أن أختيار رئيس أخر يرون أنه أصلح للنادي فلن يغضب لأن مصلحة الأهلي سوف أهم من إختياره.. لكن جمهور الأهلي توارثها عبر الأجيال بأن الأهلي فوق جميع الأندية وفوق الدولة وفوق كل شيء.. والأسطورة الأخرى أن الرئيس السابق “حسني مبارك” هبط بمروحيته في ملعب “مختار التيتش” حيث كان في زيارة لبرج القاهرة، ولما علم صالح سليم بالأمر عنف مدير النادي لسماحه بنزول رئيس الجمهورية أرض الملعب دون إستئذان رئيس النادي قائلاً “هذه ليست عزبة أبوه” وكالعادة يصدق مشجعوه دون أدنى تفكير.. الأهلي  الذي يبحث مشجعيه عن لحظات كثيرة من البهجة التي يضمنها لهم النادي العريق وسط لحظات أكثر من البؤس والإنكسار والحزن الذي يخيم على هذا الشعب المغلوب على أمره في جميع العصور.

الأهلاوي.. هو المشجع العادي.. العادي جداً الذي إعتمد تشجيعه للأهلي أمراً وراثياً لا رجعة فيه.. وعار عليه مجرد التفكير في التغيير.. لو لم أكن أهلاوياً لن أكون زملكاوياً.

فمشجع الأهلي غالباً ما يضمن لنفسه السعادة المتكررة كل عام، في غالبية الأعوام إن لم يفز الأهلي ببطولة الدوري فسوف يفوز ببطولة الكأس، أو السوبر أو بطولة إفريقيا.. المهم.. مع الأهلي السعادة حتمية.. مشجع الأهلي لا يحب قانون اللعبة اليوم أنت فائز وغداً مغلوب.. فهو إستسلم لتشجيع هذا الفريق الذي يفتقد المتعة في سبيل عدم تطبيق هذا القانون عليه.. أنا أهلاوي.. إذاً أنا الفائز بالبطولات دائماً سواء بأقدام اللاعبين أو بأي وسيلة أخرى.. لا تستهويني اللعبة الحلوة قدر ما تهمني النتيجية النهائية.

(3)

على مدار العشرة أعوام السابقة لم يفز الزمالك سوى بثلاث بطولات لكأس مصر، ولم يشكل هذا الجفاء البطولي أزمة كبيرة للزمالكاوية.. قدر ما سبب عدم فوز الزمالك على الأهلي لثمانية أعوام متتالية أزمة كبيرة للغاية، خاصة في تلك المباريات التي كان متفوقاً فيها الزمالك على الأهلي وكان الأخير يستطيع تسجيل هدف التعادل في اللحظات الأخيرة من المباريات وتنتاب مشجعيه حالة هستيريا الشديدة من الفرحة قائلين “متى تفوزون على الأهلي؟”

تسبب جفاء البطولات في هبوط حاد لقيمة العلامة التجارية للزمالك ووصلت قيمة عقود رعاية الفريق المالية إلى عُشر قيمة رعاية الأهلي، مما جعل الأخير يستطيع حسم معظم صفقات اللاعبين المميزين في مصر.. وهو ما أدى في النهاية إلى خسارة البطولات والمباريات المهمة.. والسبب في ذلك هو عدم الإستقرار الإداري لنادي الزمالك، الذي ظلت مجالس إداراته المنتخبة والمعينة أسيرة المحاكم لمدة عشرة أعوام.. هذا يحل وذلك يعين ثم يُحكم للمنحل بالعودة ثم يُحل ويأتي معين جديد ثم منتخب جديد فيحل فيأتي معين وهكذا.. عشرة أعوام من الإنهيار الإداري بين لعشرة مجالس إدارية منتخبة ومعينة في عشرة أعوام.. والسبب هي الشرارة التي بدت تظهر في الأفق عند مجلس إدارة النادي الأهلي.. مجلس الإدارة المنتخب ليس على وفاق تام وبدأ يتدخل الجمهور في إختيار القرارت الحاسمة والتي أدت إلى حل مجلس الإدارة بقرار من مجلس الوزراء.. وتلك هي بداية النهاية التي بالكاد إنتهت في الزمالك هذا العام.

من المثير للسخرية أن ترتكب خطايا غيرك ثم تتوقع نتائج مغايرة لما وصل هو إليه.. ظناً منك أنك مختلف.. فكيف تكون مختلف وتفعل ما فعله غيرك؟!

(4)

من يكتب لك هذه النصيحة الخالصة لوجه الله وحفاظاً على دماء ربما يسيلها العناد هدراً.. يشجع الكرة بتعصب وبحده منذ أوائل التسعينات وكان أهلاوياً لعامين ثم أختار تشجيع الزمالك عن قناعة وحب منذ عام 1992 .. وأنا لا أدعي لك المثالية في التشجيع ولن اقول لك أني أحب الأهلي أو لا تضيرني انتصاراته.. بل أقولها لك بكل صدق أنا لا أتمنى فوز الأهلي بأية مباراة وليست فقط أي بطولة، وتبهجني لحظات هزائمه.. بل أكون صريحاً أكثر.. أنا لا أحب العبور من أمام سور أو بوابة النادي الأهلي.

لكني أتمنى فوزة في هذه المباراة فقط حفاظاً على هذا الشباب المندفع الذي لا يفرق حب وعشق النادي وبين التهور والإندفاع إلى معارك غير محسوبة بل محسومة ضده.

ما يفعله الشباب الصغير من تجمهر أمام النادي  مطالبين باستقالة مجلس إدارة “محمود طاهر” بسبب نتائج فريق الكرة هذا العام.. ذلك التجمهر الذي سوف يتحول حتماً إلى إقتحام حال خسارة لكأس السوبر في مباراة الأهلي الخميس القادم أمام الزمالك في الإمارات والذي من المؤكد إستدعاء مجلس إدارة النادي الأهلي لقوات الامن مبكراً قبل المباراة للوقاية تحسباً لردة الفعل المتوقعة هذه حال خسارة الفريق.. وبالقطع إذا حدثت مواجهة سوف تكون دامية، فهذا الشباب سيق طوال الأعوام الماضية للشحن السلبي وإيهامه بأن إفداء ناديه بدمه أمر عظيم.. لن يترك تلك الموقعة تمر بسلام خاصة عندما يكون في مواجهة الداخلية التي لا تفرق بين المشجع مهما كان طائش وبين الإرهابي.. لكن إذا فاز الاهلي فحتماً ستهدأ الأمور كثيراً وينشغل هؤلاء الشباب في الهجوم الكروي عبر صفحات التواصل الإجتماعي بينه وبين مشجعين الزمالك وربما تهدأ إلى الأبد ويستطيع مجلس إدارة النادي الأهلي مراجعة أخطائه وإرضاء جماهيره.

عزيزي الزملكاوي.. أنت حصلت على ثنائية الدوري والكأس وخرجت من بطولة إفريقيا بشرف البطل.. وانتصرت على الأهلي في مباراة ببطولتين وأوقفت سنوات إنتصاراته وتعادله معك.. وبالفعل أنت النادي السوبر لحصولك على الثنائية ولست بحاجة للفوز بمباراة إحتفالية بالأساس للتأكيد على ذلك.

لهذا صديقي الزملكاوي.. تخيل أنك فزت بهذه المباراة على غريمك – الذي إنتصرت عليه قبل أيام في مباراة كنت فيها سيد الملعب – وفوزك هذا كانت نتيجته حدوث تخوفاتي السابقة وسالت دماء الشباب هدراً.. هل ستسعد بفوزك هذا ولو للحظة.. أم أنك ستلعن اليوم الذي لُعبت فيه هذه المباراة من الأساس؟

 محمد بركات: رسالة إلى باسم يوسف  

 

 تابعونا علي تويتر من هنا

تابعونا علي الفيس بوك من هنا