منى سلمان تكتب: أكان لابد أن تضيئى النور يا مريم؟!

ــ لو ثبت أن مريم صاحبة حق وأن أحدهم استولى على جهدها ويستمتع الآن بحصاد سهرها (تخيلوا) كم رأسا كانت ستطير، وكيف سيكون ساعتها حجم الفساد المتساند بحيث اذا وقعت رأس تدحرجت بقية الرءوس.

ــ اثبات صدق مريم كان سيصبح مكلفا وسيفتح أبوابا واسعة لن يستطيع أحد أن يسدها للتشكيك فى منظومة التعليم والنتائج فى أهم شهادة فى التعليم المصرى.

ــ الأقل تكلفة هو أن تكون مريم كاذبة ومدعية أو مريضة نفسيا فى أفضل الظروف، فكل ما سيتكلفه الأمر مجرد مستقبل صبية صغيرة يوجد مثلها مئات الآلاف فى قرى مصر ونجوعها.

ــ ماذا سيحدث يعنى؟… سيفقد الكثيرون ثقة مفقودة بالأساس فى منظومة نخر الفساد فى جذورها، لو لم تكن هذه الثقة مفقودة أصلا ما كانت رواية مريم ستصبح فى نظر الكثيرين هى الاكثر تماسكا والأقرب للتصديق فى مواجهة التأكيد القاطع من موظفين كبار، سيفقد الصغار الثقة فى جدوى العمل والاجتهاد وسيتأكدون أن الأماكن كلها محجوزة فعلا للكبار ولابناء الكبار وأن الأماكن فى المحروسة أصبحت حقا تكتسبه بحكم الميلاد.

وأن قيمة الاجتهاد التى كان يمكنها أن تجعل ضريرا فقيرا مولودا فى الصعيد مثل طه حسين أستاذا وعميدا للأدب العربى ووزيرا لم تعد معيارا، من يدرى ربما لو كان قد حصل على الشهادة الآن كان سيتظاهر أمام مجلس الوزراء بعد أن رفض تعيينه معيدا لصالح أحد أبناء الدكاترة.

سيتأكد الجميع مما هو مؤكد بالفعل من الوصول والبقاء لم يعد مرهونا بقدرتك على العمل ولا بموهبتك فى أدائه، لكنها تتطلب مؤهلات أخرى أصبحت عنوانا للتشوهات التى نعانى منها فى حياتنا والتى جعلت مجرد الخروج إلى الشارع وقيادة سيارتك فى الطريق تجربة سيئة، بديهى انك عندما تقتل أحلام الناس فى التنافس والترقى الاجتماعى بشكل مشروع أن تفتح الباب لأسوأ الوسائل والأخلاقيات.

ــ بالنسبة للكثيرين الرثاء للمسكينة المريضة أو جلد الصبية الكاذبة التى استطاعت أن تخدع الناس وتتلاعب بمشاعرهم والتى تستحق الصفر عن جدارة هو أقل تكلفة من مواجهة السرطان الذى يعلم الجميع أنه موجود، الأسهل هو جعلها عبرة لكل من تسول له نفسه أن يلقى مجرد حجرا فى البحيرة الآسنة.

الأضواء التى تسلطت على مريم والاحتفاء بشجاعتها أخرج شهادات تحدث أصحابها عن فساد متجذر، أحدهم تحدث عن ما أطلق عليه تسعيرة فتح الكنترول لابناء الكبار و آخر خرج فى برامج تلفزيونية بعد أن نشر شهادته على مواقع التواصل الاجتماعى ليتحدث بالاسماء عن وقائع فساد فى كنترول المنصورة أدت لأن يصبح من لا يستحق ــ بحسب شهادته ــ أحد أوائل الثانوية العامة، و لم يرد أحد من الذين جاء ذكرهم فى هذه الشهادات حتى هذه اللحظة.

لو أن مريم انتصرت فى معركتها تصوروا كم الشهادات التى كانت ستخرج للعلن بعد أن يتشجع أصحابها، بالمناسبة ما مصير هذه الشهادات المعلنة الآن؟ وهل سيتم التحقيق فيها أم ستعود لغياهب النسيان؟ وإذا تم التحقيق فيها فمن المخول بذلك؟ وهل سيتجرأ أصلا أصحابها على الحديث مرة أخرى؟

ــ والمشكلة أن الأمر لا يحتمل حلولا وسطا فإما أن البنت كاذبة أو فى أفضل تقدير واهمة لدرجة أنها تتوهم انها أجابت اجابات نموذجية راجعتها مع اساتذتها بحسب شهادة بعضهم بينما تركت ورقتها بيضاء بما يكفى للحصول على صفر كبير بحجم فضيحة غير قابلة للاخفاء، أو أن فسادا استشرى وتجبر وعلم انه سيكون خصما وحكما.

عزيزتى مريم ملاك: سواء كنت صادقة أو لم تكونى فقد أضئت النور وكشفت ما أغمضنا عنه طواعية وما لا تكفى ثورة ولا ثورات لتغييره، كشفت ما لا نريد أن نراه، من أن الفساد قد أصبح تحت جلودنا وأن أية جراحة لن تستطيع استئصاله لأنه لن يخرج إلا بطلوع الروح لماذا يا مريم كشفت ما لا نقوى على مواجهته… أكان لابد أن تضيئى النور يا مريم؟!

نقلًا عن جريدة “الشروق”

اقـرأ أيـضـًا:

لماذا انطلقت معركة “عنتر ولبلب” بين الإخوان ويوسف الحسيني؟

سيد علي: أوباما ألقى كلمته وهو “سكران”

يوسف الحسيني: الراجل الجدع يجيب حقه

هل توفى 55 مصرياً –فقط– في ‫#‏تدافع_مشعر_منى‬ ؟

طوفان من الكوميكس الساخرة يطارد “الزملكاوية” بعد خماسية سوسة

.

تابعونا علي تويتر من هنا

تابعونا علي الفيس بوك من هنا