مصور محترف وملابس مناسبة وتصبحين نجمة

نجمة

فيصل شمس

في السنوات الأخيرة ظهر مصطلح جديد من نوعه وأصبحت جميع الوسائل الإعلامية تستخدمه بشكل يومي كعنوان لأخبارها عن النجمات، وهو مصطلح (الإطلالة الجريئة) والذي يكون غالبا من أجل الحديث عن شكل ملابس لفنانة أو نجمة مشهورة.

وهو مصطلح ذكي جدا، فأنت لم تقل إن ملابسها شفافة مثلا أو قصيرة واكتفيت بكلمة (جريئة) كما لم تتحدث عن جسمها بحد ذاته، بل استخدمت كلمة (إطلالة) لتكون مهذبا في عنوانك.

نرشح لك: “موعد مع فيلسوف”.. 30 تصريحا لـ أحمد مهنى عن كتابه الجديد وسياسات النشر في “دوّن”

من اخترع هذا المصطلح يستحق جائزة ما.. لقد جلس أحدهم يبحث عن معنى مهذب لخبر تافه أو إباحي أو عادي دون أن يضعه في أي ورطة أو مسائلة ووجد هذه الكلمات الرائعة (إطلالة جريئة)، ولا أعتقد أنه وجدها بسهولة.. وقد فتح بابا لتقديم كل هذه الوجبات الساخنة دون أن يقول كلمة (ساخنة).

والمثير في هذا المصطلح أن الجميع يفهم معناه فالجمهور من الرجال سيدرك تماما المعنى المقصود (مفتوح – شفاف – قصير – ضيق – فاضح – ..الخ)، وهو ما يجعله ينجذب تلقائيا لاستطلاع الخبر، وحتى النساء يمكن أن ينتابهن الفضول لاستكشاف هذه الجرأة.. فالخبر مضمون من ناحية كم المشاهدة والإعجاب.

وربما بسبب هذا المصطلح الرائع استطاعت العديد من المواقع الإخبارية الصمود وجذب القراء والمشاهدين وهنا أتحدث عن واقع عملي بصرف النظر عن تقييمنا للوسيلة، فهذه المواقع قد تكون ضعيفة الموارد ولا تستطيع أن تزيد عدد موظفيها أو يكون لها مراسلين محترفين في أماكن عديدة وفريق تحرير وأخبار وتحقيقات متميزة، فالحل بالنسبة لها هو متابعة الإطلالات الجريئة وهذا من الناحية الاقتصادية أكثر ربحا ونجاحا فلن تنفق الكثير لتحظى بالكثير جدا، بل ستنفق القليل لتحظى بالكثير، ولن تجهد نفسك وفريقك في الاستكشاف والإبداع والاجتماعات المرهقة للبحث عن الجديد ومجهود قراءة آلاف المقترحات والأفكار ،، ولن تخوض مخاطر التجربة والفشل ثم النجاح.. الإطلالة الجريئة حل سريع ويسعد الجميع.

الإطلالة الجريئة أيضا أصبحت بوابة لصناعة النجوم (بصرف النظر عن الموهبة)، وهي قاعدة بسيطة ومضمونة النجاح، إذا كنتي تودين أن تصبحي نجمة فكل ما عليكي هو ارتداء الملابس المناسبة والاتفاق مع مصور محترف والمواقع الإخبارية سوف تتولى الباقي.. غدا ستصبحين حديث الجميع.

إذن الإطلالة الجريئة تحقق منافع اقتصادية وكذلك تصنع نجوم جديدة، أو أنصاف نجوم أو أرباع نجوم أو مجرد ناس عادية بلا أي موهبة وتجعلهم نجوم.

لكن لو هناك جهة مسؤولة أو لو اتفقت جميع الوسائل الإعلامية على عدم استخدام هذا المصطلح ترى ماذا سيحدث؟

لماذا لا تعود الأمور إلى نصابها الصحيح ونحظى بالفرصة لاكتشاف قدراتنا وإطلاق إبداعنا؟ لماذا نختار هذا الطريق السهل السريع لنيل الإعجاب أو النجاح؟

والأمر لا ينطبق فقط على المواقع الإخبارية، فالكل يبحث عن العبث لينجح، سواء العبث باستخدام إيحاءات جسد الأنثى أو العبث بالهروب من بذل الجهد في العمل، أو العبث باللامسوؤلية ،أو العبث بالنفاق أو العبث بالفهلوة…

الإجابة: إذا اتفقوا جميعا على إلغاء مصطلح (الإطلالة الجريئة)، سوف يتم تعيين عبقري جديد للتحايل واختراع مصطلح يؤدي نفس الغرض.