ملامح مشوار حازم طه: الإذاعة متعتي الأساسية وحواري الأصعب مع عمر الشريف

أسماء شكري

قامة إذاعية وإعلامية وصاحب تاريخ طويل وحافل، ألِفنا صوته عبر الراديو لسنوات عديدة خاصة تقديمه نشرات الأخبار، عمل مدرسا وصحفيا ومذيعا ومحاضرا في الجامعة، له إسهامات عظيمة في الاهتمام بلغتنا العربية وزيادة وعي المستمعين بها، قدم خلال مشواره الإذاعي برامج لا حصر لها أثرت وجدان المستمعين في كل الوطن العربي، هو الإذاعي الكبير حازم طه.

أصبح حازم طه مؤخرا مسئولا عن التدريب ومشرفا على السلامة اللغوية للمذيعين بقناة إكسترا نيوز، ويعمل حاليا على تحضير حلقات جديدة من برنامجه الشهير “اضبط لغتك” الذي سيعيد تقديمه قريبا عبر إذاعة البرنامج العام بشكل متطور وعصري.

نرشح لك: 20 تصريحا لـ الأحمدي الظواهري عن مشواره الإذاعي وعشقه للغة العربية

إعلام دوت كوم حاور حازم طه حول أبرز محطات مشواره الإذاعي الطويل ورؤيته لمكانة الإذاعة حاليا، ورأيه في “البودكاست”، وما سيقدمه من خلال منصبه الجديد في إكسترا نيوز، وكانت تلك أبرز تصريحاته:

1- سعدت بتولي منصب المسئول عن التدريب والمشرف على السلامة اللغوية للمذيعين بقناة إكسترا نيوز، لأن هذا تطبيق لما أنادي به دائما من ضرورة وجود مستشار لغوي لأي جهة إعلامية لضبط الأداء اللغوي لها، وبدأت وضع منهج أو خطة لتنفيذ ذلك على الأرض.

2- تتضمن خطة العمل تلك أولا أني سأتابع شاشة إكسترا نيوز على مدار اليوم لمراقبة أداء المذيعين، لأعرف ما هي الأخطاء الشائعة التي يقعون فيها تمهيدا لتصويبها، وسوف أتواصل معهم بشكل مستمر لكي يستشيروني في أي مشكلة لغوية تقابلهم، وسأعقد معهم جلسات أسبوعية لمناقشة التركيبات اللغوية التي تتضمنها نشرة الأخبار؛ حتى نضبط الأداء اللغوي، وسأجمع الأخطاء اللغوية الشائعة على ألسنتهم لكي نتلافاها.

3- جماليات اللغة العربية تتمثل في أدائها: “لازم تتقال بتشكيلاتها ونغماتها.. هنمشي تدريجيا في ده بإني أراقب إكسترا نيوز دايما وكمان الاسترابات وأي تعليق يكتب عليها يكون بلغة عربية سليمة”، وسأبذل كل جهدي لجعل تلك الشاشة منضبطة لغويا لتصبح نموذجا يحتذى به وتقلده القنوات الأخرى، فكل دول العالم تحافظ على أن تخرج لغتها بطريقة سليمة، ونحن لسنا أقل منهم؛ بل إن لغتنا العربية تعتبر من أجمل لغات العالم.

4- حبي للإذاعة جاء منذ الطفولة، فمنذ صغري وأنا أشارك في الإذاعة المدرسية، كما أن ابن خال والدتي هو مذيع الإذاعة المأمون أبو شوشة الذي كنت أسمعه منذ طفولتي وتأثرت به جدا، وكنا في المنزل نستمع كثيرا للراديو بشكل أساسي.

5- أستاذي في المرحلة الثانوية محمود هويدي هو من حببني في اللغة العربية بأسلوبه السلس في الشرح وتوصيل المعلومة بكل لطف، واستمرت علاقتنا بعد ذلك بسنوات وظللت على تواصل معه حتى بعد دخولي الإذاعة.

6- درست في كلية دار العلوم أساسيات وآداب اللغة العربية باستفاضة وهو ما جعلني متمكن أكثر في اللغة، وعملت بالتدريس لمدة عامين قبل أن أتقدم لاختبارات الإذاعة، ونجحت في اختبارات المذيعين والتحقت بإذاعة البرنامج العام في سبتمبر 1974.

7- في 12 ديسمبر 1974 قرأت على الهواء لأول مرة موجز الأنباء، ولا أنسى تفاصيل هذا اليوم المهم في حياتي، فقد كنت أشعر برهبة شديدة وارتباك قبل دخولي الهواء لأول مرة: “كانت تجربة صعبة جدا اني أخش هوا، وكنت خايف وصوتي مرتجف، وفضلت أول نص دقيقة متهدج الصوت لحد ما كملته على خير”.

8- قدوتي في العمل الإذاعي تمثلت في الإذاعيين فاروق شوشة وصبري سلامة، فالأول تعرفت عليه قبل دخولي اختبارات الإذاعة، فرحب بي وأدخلني الاستوديو وجعلني أجرب العمل أمام الميكروفون وأعطاني توجيهات عظيمة، أما “سلامة” فاستعنت به أيضا خلال إجرائي الاختبارات فقدم لي نصائح تقنية أفادتني كثيرا.

9- عدد برامجي لا يحصى؛ فقد قدمت برامج كثيرة ومتنوعة خلال مشواري الإذاعي والإعلامي سواء داخل مصر أو خارجها، ففي إذاعة البرنامج العام قدمت برامج أبرزها أضواء على الماضي وأوائل الطلبة وقطوف الأدب من كلام العرب ومجلة الهواء واضبط لغتك.

10- وعندما عملت في إذاعة دولة قطر قدمت مجموعة هائلة ومتنوعة من البرامج وصلت تقريبا إلى 90 برنامج، والمذيع هناك يقدم كل ألوان البرامج فنية وثقافية ورياضية ودينية ولغوية وأدبية وعلمية وحوارات طويلة وسهرات، مما أكسبني خبرات جديدة ومهمة استفدت منها كثيرا.

11- نظرا لأني دارس ومحب للغة العربية فقد انصب اهتمامي على تقديم البرامج الأدبية واللغوية، وكان أبرزها روائع البيان العربي وشخصيات من كتاب الأغاني واضبط لغتك.

12- أصعب حوار أجريته كان مع الفنان الراحل عمر الشريف، وذلك أثناء إقامة مهرجان سينمائي في قطر وكان هو ضيف شرف المهرجان، وأقمت ندوة معه بحضور الجمهور، فلاحظت عصبيته من بعض الأسئلة التي طرحها جمهور الندوة، فشعرت بالقلق أثناء إدارتي للحوار: “فكنت متحفظ جدا وأنا بتكلم معاه.. هو برة الندوة اتكلمنا وكان لطيف وبيهزر لكن استفزته بعض أسئلة الجمهور”.

13- عملت مدرسا ومذيعا وصحفيا ومحاضرا في الجامعة، ولكن أحبهم إلي هو العمل الإذاعي: “متعتي الأساسية أن أكون على الهواء في نشرة أخبار.. ده اللى خلى كل الناس تقولي نشرتك الإخبارية مميزة عن غيرك”، وبالرغم من إني قدمت كل ألوان البرامج ولكن نشرة الأخبار لها مذاق آخر، وشرفت بأني وصلت لأن أقدم نشرة أخبار الثانية والنصف ظهرا بالبرنامج العام التي لا يصل لمرحلة قراءتها إلا كبار المذيعين.

14- ما أحرص على تعليمه للطلبة في الجامعة أن من أساسيات المذيع وعيه بلون المادة التي يقدمها للجمهور: “مثلا نشرة الأخبار فيها صرامة وانضباط.. التعليق على الأنباء بنلوّن الصوت حسب قوة موضوع التعليق، وأنا بقدم برنامج أدبي بيكون صوتي أرق وأخف لأنه فيه شعر وموسيقى وهدوء، لو برنامج علمي صوتي بيكون فيه جدية.. وهكذا”.

15- لن تختفي الإذاعة بسبب ظهور أي وسائل تواصل متطورة، فالإذاعة ستظل موجودة ما بقي الإنسان يسمع، ولكن دور الإذاعة تراجع إلى حد ما لأن الصورة البصرية طغت على السمعية، فبالرغم من أن الإذاعة تثري خيال وإبداع الجمهور بشكل أكبر من التلفزيون أو الشاشات؛ إلا أن مكانتها تراجعت في ظل “هوجة” الإنترنت ووسائل التواصل الحديثة.

16- من أهم أسباب تراجع دور الإذاعة قلة اهتمام المسؤولين بها، كما أن الإذاعات الجديدة تمتلك تطورات وإمكانات تكنولوجية وتقنية أفضل وأحدث، بالإضافة إلى قلة وجود كوادر تحمل راية العمل الإذاعي، فلكي نعيد للإذاعة مكانتها يجب توجيه الدعم المادي والمعنوي لها.

17- سبب تراجع مكانة الإذاعات الحكومية في مصر هو عدم مواكبتها للغة العصر من التطورات التقنية والتكنولوجية التي اهتمت بها الإذاعات الجديدة فحققت نجاحا أكبر، كما أنها لم تعد تجلب أسماء قديرة لتقديم أعمال فنية أو برامج في الإذاعة كمان كان يحدث في الماضي، فقد كانت إذاعاتنا الأساسية كالبرنامج العام والشرق الأوسط وغيرها تضم كوكبة من النجوم، مثل برنامج فؤاد المهندس “كلمتين وبس” والمسلسلات الإذاعية التي ضمت كل فناني وكتاب مصر، كل هذا لم يعد موجودا، فجعل الناس تنصرف عنها، وفكرة التطوير مطروحة لتلك الإذاعات ولكن تنقصها الإمكانيات المادية.

18- أتابع الإذاعات الجديدة وعلى رأسها راديو مصر، فهو يقدم خدمة إخبارية رائعة ويضم مجموعة مميزة من المذيعين: “المحطات التانية بسمعها لكن مش بانتظام.. هي بيغلب عليها الموسيقى الجديدة اللي جيلنا ميحبهاش.. بسمع فيها موجز الأنباء وبعض الموسيقى لكن مش الصاخبة.. ممكن يكونوا نجحوا في إنهم يقدموا اللون الإذاعي المحبب للشباب.. وحققت نجاح”.

19- نسب الاستماع لإذاعات البرنامج العام والشرق الأوسط وصوت العرب حاليا قليلة للأسف وهذا مؤكد بالأرقام، ويقتصر الإقبال على إذاعتي القرآن الكريم والشباب والرياضة نظرا لأن لهما قطاع عريض وجماهيري من المستمعين، وسيكون هناك تطوير للبرنامج العام في المرحلة المقبلة وسوف يمتد لباقي الإذاعات القديمة لكي تعود إلى رونقها.

20- حللت مؤخرا ضيفا في حوار أُجري من خلال البودكاست الذي أرى أنه شكل متطور للإذاعة وله مميزاته: “بس المشكلة إن لسه الناس مش واصلاله ولا واخد مجاله معاهم بشكل كويس”، والبودكاست فكرة جيدة ولكنها لن تقضي على الإذاعة بمفهومها المعتاد.

21- أتمنى أن تعود الإذاعة لتقديم دورها المهم في تثقيف المستمعين بقواعد اللغة العربية وتصحيح الأخطاء الشائعة: “نعمل ده بإن احنا نسمّعه لغة سليمة.. لأن الودن لما بتلقط الحاجة الصح بتعلق فيها وتكررها وتقلدها وده دور الإذاعة أصلا” لدرجة أن الإذاعة كانت قديما مرجعا لغويا للناس، فيجب أن يكون كل ما يذاع على الهواء إذاعيا وتلفزيونيا يتضمن لغة عربية سليمة؛ لكي نصوب أخطاء اللغة لدى الجمهور، وأتمنى من كل جهة إعلامية لأي مؤسسة أن يكون لها مستشارا لغويا ليضبط الأداء.

نرشح لك: إذاعة البرنامج العام.. هذا ما تفتقده على السوشيال ميديا