فيصل شمس يكتب: عمرو دياب يستحق 15 مليون وأكثر

المليون لم يعد رقما مفاجئا، وخاصة من ناحية النقود، لذلك لم يكن اندهاش الناس من حصول “عمرو دياب” على 15 مليون في إعلان يتعلق بالرقم، فربما يستحق كنجم كبير أن يحصل على هذا المبلغ وزيادة، وإنما كان السؤال عن هيئة البريد، ولماذا تنفق بهذه الطريقة، خاصة أن الجملة الختامية تقول (البريد المصري، ده وقته)، وهو ما يجعلني كمشاهد أسأل ما المفروض أن أقوم به الآن، طالما أن هذا وقته؟

البريد في النهاية خدمة إجرائية، الكثيرون يقومون بها بشكل إجباري (بصرف النظر عن مستوى الخدمة)، ومن يستخدمها طوعا لا ينتظر “عمرو دياب” لكي يحمسه لذلك.

نرشح لك: فيصل شمس يكتب: “المكسيكي” أفضل شخصيات رمضان الدرامية بلا منافس

الإعلان يتحدث عن شيء مثل الوصول للقمة، أن تكون الأول، أن تصبح أسطورة، لا أعرف إذا كان عملاء البريد يريدون اتباع هذا الطريق اللطيف للوصول لأعلى المراتب وأن يصبحوا في القمة مثل “عمرو دياب”.
هل يتصور المسؤولون عن هيئة البريد أنني سوف أشاهد الإعلان والنجم الكبير متعه الله بالصحة يجري مستعرضا قوته الجسدية فأقوم على الفور لإرسال حوالة بريدية أو اشترك فورا في دفتر التوفير أو أقرر أن أعود للزمن الماضي وأرسل جواب في البوسطة؟ هنا يظهر ما نطلق عليه عدم وضوح الرسالة.

قد يجادل البعض بأن أي “علامة تجارية” تحتاج دائما لتذكير حتى ترسخ في ذهن الجمهور، هذه الفكرة صحيحة تماما لكن البريد المصري ليس بنكا ولا شركة اتصالات ولا حاجة ساقعة ولا بطاطس، ولا أعتقد أن الناس سوف تنسى خدماته إذا توقفت إعلاناته، وإذا كان يملك إمكانيات كبيرة وخدمات متعددة ولم نسمع عنها فالمشكلة أكبر.

قد يجادل آخرون بأن البريد هيئة رابحة بامتياز ومن ثم ما الذي يمنعها من الإنفاق السخي على إعلان يبرزها ويبرز عضلات “عمرو دياب”.

في الواقع لن أناقش كثيرا الأبعاد الاقتصادية أو الاجتماعية حول هذا الموضوع والتي أثارها الكثيرون باعتبار أن الإعلان رسالة للبذخ في وقت صعب، وإنما يشغلني أنه يحمل رسالة غير واضحة وغير فعالة ولم تصل للجمهور.

إن كنا على خطأ وظهر بالفعل أن هناك أسباب واقعية تدل على حاجة هيئة البريد لإعلان توضح فيه امتيازات خدماتها وتعمل على جذب عملاء جدد لدفاتر التوفير مثلا، علينا أن نعرف أولا من هو الجمهور المستهدف؟ بالتأكيد هم ليسوا مجموعة أصدقاء “عمرو دياب”، فغالبا يستخدم دفاتر التوفير طبقة محددة من البسطاء وغالبا تودع فيه مبالغ بسيطة مقارنة بالأموال التي تودع في البنوك، أليس من الأفضل أن يكون الإعلان بسيطا مباشرا ويكون أبطاله من الناس العاديين الذين سيعبرون بكل تلقائية عن المعنى المراد توصيله، أو حتى يمكن الاستعانة بأحد النجوم، ولكن ليس “عمرو دياب”، لماذا التعاقد مع الأعلى سعرا في مصر، بينما الرسالة يمكن أن تصل بنجوم آخرين بمبالغ أقل أضعافا مضاعفة.

في النهاية، أعتقد أن الأغنية لطيفة للغاية وكانت لتصبح من علامات “عمرو دياب” لولا أنها ارتبطت بالإعلان، وأعتقد أن الملايين التي حصل عليها ليست بيت القصيد.