عبد الفتاح السيسي.. الرئيس المثالي.. جدا!

أحمد عنتر

لم أكن في حياتي كلها إلا ناقدا للسوء فاضحا له، فقد كنت مصححا للخلل اللغوي حياتي بطولها، فوقع في نفسي النظر للخطأ فقط دون سواه من جمال، مع فحصه وتمحيصه، بل – مع كل هذا – لم أكن منشغلا أبدا بما هو صحيح ومثالي واستثنائي، ولم أكسب من محبتي للنقد واصطياد الخطأ إلا أن يراني المسؤول عن الزلل متحاملا متفذلكا.

لكني اليوم وجدت نفسي متجاوزا منظور الطائر في النقد والتصيد، لأن ما رأيته من القيادة السياسية ورآه الملايين – محليا وعربيا ودوليا – كان متجاوزا لعيني غاشيا لبصائر كل متصيد مغرض.. الكم الكبير من الإنجاز كان فائقا، رغم أعباء الدولة ورغم الصعوبات العالمية التي تجاوزت الأفق المحلي، بما لا يدع مجالا لنقد أو هجوم.

نرشح لك: عمرو منير دهب يكتب: ما الذي تركه الفراعنة لأحفادهم؟


الرئيس السيسي كان رئيسا مثاليا في منظوري الذي يتصيد القصور دوما، فحتى مع ما رأيت من عدم مجاراة أجهزة الدولة له في سعيه وجهوده ومبادراته، إلا أن اعترافه بذلك وحديثه الدائم عن نبذ المقصرين وعدم قابلية الدولة لوجود غير الكفاءات، بل اعترافه في أكثر من موضع بجهود وصبر المصريين، الذين لولاهم لما تجاوزت الدولة إجراءاتها العنيفة بسلام، اعترافه هذا كان نافيا للقصور لديه، بل مؤكدا لسعيه الجاد الصادق للتطوير وبناء الإنسان.

“هنشيل التعديات وندفعك ثمن الإزالة”، السيسي كان حاسما في آخر حديث له عن المعتدين على أرصدة الدولة الزراعية وأملاكها التي تمثل ذخيرة الطعام والإطعام لأم الدنيا، بل كان مؤمنا بأن لديه رجال قادرون على إنفاذ إرادته وإرادة المصريين في التصدي للخارجين عن القانون في هذا الإطار دون تسويف أو تهاون، لكنه في الوقت نفسه استخدم التهديد المباشر ليضع حدا لكل من تسول له نفسه أن الأمر عارض وغير جدي.

ربما لهجة الرئيس ورسائله وجديته كانت أمورا حاضرة دوما في كل حديث، وهو ما جعل من المنجزات التي حاول إتمامها واقعا حيا لا مراء فيه، وجعل الأحلام التي حلم بها المخلصون من أبناء مصر واقعا يشهد به العالم بل ينبهر به ويحتفي، وهو ما ظهر بقوة ووضوح في عمليات إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة بما تشمله من أحياء سكنية، وكذا الحي الحكومي، والمال والأعمال، والمنطقة المركزية، والنهر الأخضر والقيادة الإستراتيجية، وساحة الشعب والنصب التذكاري، والتصميمات الخاصة بالمداخل الرئيسية للعاصمة، وكذا التصميمات الهندسية الداخلية لمباني مجلسي النواب والشيوخ.

لم يكن بناء الرئيس للعمران متقدما على بناء الإنسان، وهو الإطار الذي فاق الحد بمبادرات لا تتوقف، بل بتأكيدات متعددة متوالية وحية على أن بناء الإنسان أولى لدى الرئيس المثالي، مبادرات سيقت للمصريين في مشاريع مسبوقة طبقت ونجحت، كمشروع “مبادرة حياة كريمة”، التي قال عنها مفتي الديار – نفسه – أنها تحقق مقاصد الشريعة المطهرة إذ تأخذ بأسباب القوة والتقدم والتنمية وبناء الإنسان وتنمية المجتمع.

بل لم يكن المفتي متجاوزا عندما شرح مقاصد الرئاسة من ذلك تحت عنوان فقه الإنجاز الذي يمثل ترجمة لفقه بناء الإنسان، وهو محور الشريعة الذي يتطلب وضع الخطط المدروسة ثم مراجعة ما تم من أعمال ومشروعات، وهو ما يتحقق بالفعل قويا واضحا في أعمال وتوجيهات الرئيس كذلك ضمن المشروع القومي لتطوير قرى الريف المصري، أو حتى التطوير الشامل للقاهرة التاريخية، والذي يهدف لاستعادة الوجه الحضاري للمنطقة وتحويلها إلى مقصد سياحي متطور يتسم بطابع معماري عريق ومتكامل الخدمات، خاصة بمنطقة بحيرة عين الصيرة ومحيط المتحف القومي للحضارة المصرية وحديقة الفسطاط بمصر القديمة.

السيسي – في نظري – كان رئيسا مثاليا في اعترافه بقدرات وطنه، ومشاكله، بل ومنجزاته القادر على تحقيقها، فالرجل كان متواضعا في حديثه عن نفسه، غير مدافع عنها في أي تقصير، لكنه في الوقت نفسه كان معترفا بفضل الله ثم المصريين في احتفاظ البلاد بخيرها، بل في تجاوز المحن على تعاقبها وسطوتها.. السيسي كان – في مواجهة الأزمات وبناء الإنسان وترسيخ دعائم الدولة – مثاليا، مثاليا جدا.

أحمد عنتر