العداء ضد "النخبة".. لماذا يهرب الباحثون الأكاديميون من السوشيال ميديا؟

أسماء مندور
لماذا يهرب الباحثون الأكاديميون

في مقاله عبر موقع New Statesman، سرد البروفيسور لويس أبليبي أستاذ الطب النفسي في بريطانيا، معاناته مع السوشيال ميديا، مسلطًا بذلك الضوء على نقطة مهمة وخطيرة بشأن مواقع التواصل الاجتماعي، وهي انسحاب الباحثين والأكاديميين والمتخصصين في المجالات العلمية من ذلك العالم الافتراضي، الذي شمل العالم أجمع.

أوضح لويس، الذي يقود الإستراتيجية الوطنية لمنع الانتحار في إنجلترا، أن الانسحاب المتزايد للعلماء في أغلب المجالات، من مواقع التواصل الاجتماعي، سببه النمط الشائع من الاستخدام لتلك المواقع، وهو أنهم عندما يكتبون ملاحظة علمية، أو يعلقون في منشور على بعض الأدلة من مجال دراستهم، يقوم شخص ما بتكذيب المعلومة، مما يسبب أحيانًا غضبًا في الأوساط المختلفة، وتتحول حساباتهم على السوشيال ميديا إلى سيل من العداء، وللهرب من الإساءة فيقومون بحذف حساباتهم.

نرشح لك: ماذا يحدث عند مشاركة لحظة واحدة سيئة على السوشيال ميديا؟

أول دراسة متخصصة

أشار لويس إلى أن أولى أزماته مع السوشيال ميديا حدثت على موقع تويتر، في نوفمبر الماضي، عندما أصدر فريقه البحثي، المتخصص في الدراسات الوطنية للانتحار، أول دراسة متخصصة في معدلات الانتحار الوبائية في إنجلترا.

خلافا للتوقعات، لم ترصد الدراسة أي ارتفاع في معدلات الانتحار، لكن قال لويس أنه تلقى خلال الأسبوع التالي مئات التغريدات الغاضبة، المليئة بالإهانات، والإساءة، بل اشتمل بعضها أيضًا على بعض التهديدات الضمنية. وكان السبب في ثورة الغضب تلك هو إحدى التغريدات التي نشرت عن “زيادة في حالات الانتحار بنسبة 200%، وتمت مشاركتها حوالي 31 ألف مرة في يوم واحد.

مسرح الدجالين

معالجة مثل هذه الإساءات باستخفاف يعني عدم الوعي بعواقبها، ويجب ألا تكون مضايقة الباحثين الذين نعتمد على استقلاليتهم في أزمة ما أمرًا طبيعيًا، لأنه إذا انسحب الباحثون من نقاشات القضايا العامة، فإن المسرح يكون مفتوحًا أمام الدجالين، ويخسر الجميع، لأن الغضب العام من العلماء أصبح ظاهرة اجتماعية قوية بما يكفي لإثارة القلق. لماذا يهرب الباحثون الأكاديميون

إن العداء تجاه “النخبة” ليس بالأمر الجديد،  لقد كان أداة للقادة الشعبويين لعدة قرون، لكن السمة الجديدة التي انتشرت في عصر السوشيال ميديا هي التشهير الساخر للخبراء، وربما وصل الأمر لدرجة الازدراء، حيث ارتبط مفهوم أن تكون خبيرًا، بالنسبة للبعض، بمعنى أن تكون بعيدًا عن الواقع، أو الأسوأ من ذلك، أن تخفي الحقيقة مجاملةً للأقوياء. مضيفًا لويس أن أصغر خلاف على مواقع التواصل الاجتماعي ينتهي بالشتائم والاتهامات.

ختم لويس مقاله متسائلًا: هل يمكن أن تنضج السوشيال ميديا بما يكفي لتكون مكانًا آمنًا لمناقشة فكرية راقية، بعيدًا عن السباب والشتائم والافتراءات، ولمعرفة الفرق بين المعتقد والرأي والأدلة، وبين التجربة الذاتية والحقيقة المطلقة؟