إيمان سراج الدين تكتب: دراما رمضان بين العنف والبلطجة

دراما رمضان

انتهي رمضان، وانتهت معه الدراما الرمضانية، وللأسف جاءت الكثير من الأعمال على عكس المتوقع، فقدمت محتوى صادم ومخيب للآمال.

احتوت موضوعاتها على قصص مختلفة لا تعبر سوى عن نسبة قليلة جدًا من المجتمع، فظهر أبطالها بشخصيات دون المستوى الأخلاقي، بالإضافة إلي تصديرهم كل ماهو سيئ، من الألفاظ البذيئة إلى الإيحاءات الجنسية، والعنف، والبلطجة، والسوقية في التعامل.

نرشح لك: أشرار رمضان.. مجرمون أم ضحايا عقد الطفولة وسوء التربية؟

دراما رمضان
دارت موضوعات تلك الأعمال عن الخيانة الزوجية، والمخدرات والإغتصاب، والبلطجة، والعلاقات المحرمة والعنف، فهل هذا هو المجتمع المصري؟ وهل هذه هي الحارة المصرية التي تحولت في تلك الأعمال لساحة من العنف والبلطجة؟

من المسئول عن تصدير تلك الصورة عن المصريين؟ وما أسباب ذلك التردي الأخلاقي الذي انتشر في هذه الأعمال متجاهيلن مدي تأثيره السلبي على المشاهد؟

شاهدنا الحارة المصرية بمشاكلها وهمومها في كثير من الأعمال السابقة، بداية من أعمال الكاتب الكبير نحيب محفوظ، مرورًا بالكاتب أسامة أنور عكاشة، ووصولًا لأعمال حديثة مثل هذا المساء، بدون ذكر أسماء، عسل إسود، أهل كايرو، بيسة، أبو جبل، وغيرهم.
دراما رمضان
كلها أعمال احترمت المشاهد، وعبرت عن الحارة المصرية الأصيلة، وليست الحارة التي يزسمها الكاتب في مخيلته لمزيد من المشاهدات وللوصول للترند حتى ولو بالسالب.

بالطبع سنجد من يبرر ماعرض بدعوي أنه نقل للواقع وأن الفن مرآة تعكس ما يحدث في المجتمع وعليهم نقله!
لكن هل كل ما يحدث في المجتمع عليهم نقله، أم أن هناك حدود لهذا النقل وخاصة أنه يحدث من فئة لا تمثل المجتمع بأكمله؟

نعم ما نراه من شخصيات درامية ممكن أن تكون منبثفة من الواقع، لكن هذه الشخصيات تعامل في الواقع في إطار المجرم، أما على الشاشة تعامل في إطار البطل المؤثر القدوة.

ثم أن هذه الشخصية التي تنقلها من الواقع ربما لايعلم عنها سوي من حول صاحبها، أما بنقلك لها في الدراما تنشرها وتغزي بها عقل وفكر وإحساس شباب غير واعِ ربما يقلدها هو فيما بعد بشكل لا إرادي.

الصورة التي قدمت في النسبة الأكبر من دراما رمضان 2021 أساءت للفن المصري وشوهت هوية المصريين وحضت علي العنف وأثرت بالسلب على المجتمع ويجب أن نعترف بذلك.
دراما رمضان
فالمشاهد يتأثر أكثر بالأشياء السلبية، وخاصة عندما يراها متكررة في أكثر من عمل وكأن هذا هو العادي، ولهذا أفسر أسباب ما نراه من قلة ذوق في التعامل في وسائل المواصلات وعنف وبلطجة وتحرش في الشوارع إلى تأثر البعض بشكل غير متعمد بما يعرض على الشاشة.

فطبيعي عندما تنقسم الدراما إلي نوعين، دراما الأغنياء: “إنحلال ومخدرات وعلاقات محرمة واغتصاب” ودراما الفقراء: “بلطجة وعنف وتحرش وبذاءة في الألفاظ” ينتج عنه ماسبق.

“الجمهور عاوز كدا”، جملة سيئة جدًا يرددها بعض صناع الأعمال، واعتبرها تبرير لفشلهم، لأن الجمهور ذواق وعندما تقدم لهم الجيد يستحوز على إعجابهم، ولنا في ذلك نجاح وسيطرت بعض الأعمال التي احترمت المشاهد كلعبة نيوتن، والإختيار، وخلي بالك من زيزي، وبين السما والأرض.

يجب أن يعى الجميع أهمية وتأثير القوة الناعمة لما لها من إبهار وبريق في جذب المشاهد والسيطرة على عقله في بعض الأحيان وخاصة صغار السن، لذلك يجب أن تكرس وتوجه لتحسين الذوق العام.

نعم نحن لا نستطيع تغيير الواقع، لكن نستطيع توجيهه وتنقيته وتحسين ذوق المتلقي واختيار الأفضل تأثيرًا إيجابيًا للعرض، أرجو أن يضع القائمون على صناعة العمل ذلك في الحسبان، ربنا تكون بداية لدراما جديدة تعبر عن مصر الحقيقية التي نفخر بها أمام العالم.