بعد تعيين أليساندرا جالوني.. ملامح السياسة التحريرية الجديدة لـ رويترز

أسماء مندور

أعلنت وكالة رويترز للأنباء عن تعيين أليساندرا جالوني رئيسا لتحرير الوكالة بدءا من 19 أبريل الجاري، لتصبح أول امرأة تترأس الوكالة العالمية بعد 170 عاما من انطلاقها.

أوضحت رويترز سياستها الجديدة من خلال إعادة نشر حوار أجرته في فبراير 2018 عبر موقعها الإلكتروني، مع رئيسة التحرير الجديدة عندما كانت محررة في الصحيفة.

نرشح لك: الجارديان تختار فوانيس القاهرة ضمن قائمة الصور المفضلة

 أليساندرا جالوني رئيسا لـ رويترز

التركيز على الحقيقة

في الحوار تحدثت جالوني عن كيفية استعادة الثقة في الأخبار، موضحة أن تمييز الحقيقة عن الإشاعات لم يكن بهذه الأهمية من قبل، وعلى الرغم من اختلاف الجماهير عن ذي قبل، إلا أن ما يسعون إليه في الواقع لا يختلف كثيرًا، مضيفة: “في كل يوم نتابع الأحداث الإخبارية العالمية، ونبدأ بالنظر إلى ما يقرأه متابعينا وجماهير الإنترنت لدينا، وعمومًا لا يوجد فرق كبير بين ما يهتم به كلاهما”.

ترى جالوني أيضا أن الصحافة الجيدة تساعد الناس على اتخاذ قرارات مستنيرة، لذا يحتاجون إلى الحقائق والتوليفات والأفكار وليس الآراء، قائلة: “نعتقد أنه لا توجد أخبار جيدة وأخبار سيئة؛ هناك أخبار صادقة وغير متحيزة، لذلك يمتنع صحفيونا عمدا عن التعبير عن آرائهم الشخصية أو السياسية عندما يكتبون أو يحررون”.

وتضيف: “يعمل صحفيونا غالبًا في أماكن يواجهون فيها الرقابة والملاحقة القانونية وحتى التهديدات الجسدية أحيانًا، لذا نعتقد أن حيادنا منحنا سجلاً حافلاً من المصداقية في أكثر من مائة دولة نعمل فيها، بما في ذلك البلدان التي تتعرض فيها وسائل الإعلام أحيانًا للهجوم”.

استعادة الثقة

وسط هذه التحديات، انخفضت الثقة العامة في الأخبار بشكل خطير، حيث أظهر استطلاع أجرته مؤسسة “جالوب” في الولايات المتحدة أن الثقة في وسائل الإعلام قد تراجعت إلى أدنى مستوياتها منذ عام 1972، لذا فإن السؤال الأهم بالنسبة للمهنة هو كيفية إعادة الثقة بين الناس والمؤسسات الإخبارية.

تشير جالوني إلى أنهم في رويترز يعتقدون أن أفضل طريقة لاستعادة الثقة والمصداقية هي العودة إلى أخلاقيات الماضي، ففي الوقت الذي تواجه فيه المؤسسات الإعلامية وابلًا من التحديات وتتلاشى مزايا “السبق الصحفي” بسبب وسائل التواصل الاجتماعي التي تتيح للجميع نشر ومشاركة القصص الإخبارية، تحتاج المؤسسات الإعلامية إلى التركيز على التقارير القديمة القائمة على الحقائق الموجودة في جوهر مهنة الصحافة؛ مثل النزاهة والحقائق والتحقق والشفافية حول ما نعرفه وما لا نعرفه حتى الآن.

تستطرد: “نحن نتبع بعض القواعد البسيطة التي تخضع إلى حد كبير لمبادئ الثقة، وهي مجموعة من القواعد التي لدينا منذ عام 1941، تحكم بشكل أساسي جمع الأخبار لدينا، ووفقًا لتلك المبادئ، يجب أن نوفر أخبارًا خالية من التحيز ويمكن الاعتماد عليها”.

الاستقطاب المتزايد للأخبار

أضافت جالوني: “التحدي الثاني الكبير، والذي يعتبر أكثر أهمية بالنسبة لي، هو الاستقطاب المتزايد للأخبار، ففي بريطانيا والولايات المتحدة، على سبيل المثال كان هناك ارتفاع في المنظمات الإخبارية المؤيدة للحزبية بشكل علني والتي يغذيها استقطاب المجتمع، حيث يتجمع الأشخاص ذوو التفكير المماثل، بشكل متزايد، معًا لقراءة الأخبار التي يريدون قراءتها”.

واستجابة لذلك، قامت بعض المؤسسات الإعلامية الرئيسية أيضًا بتحويل بوصلتها واتخذت أجندة حزبية أكثر وضوحًا، فغالبًا ما تتعرض المنظمات الرئيسية التي تهدف إلى الحياد للهجوم، وغالبًا ما يتم التعامل معهم بازدراء لكونهم غير جذابين أو غير عصريين أو ليسوا مسيطريين بما فيه الكفاية.

هذه ليست فقط مجرد ضرورة صحفية، إنها أيضًا فرصة تجارية، فهناك بعض الأدلة على أنه في خضم هذا الكم من الأخبار التي لا نهاية لها، يتوق الناس إلى مصادر الأخبار التي يمكنهم الوثوق بها، وهم على استعداد لدفع ثمنها.

 أليساندرا جالوني رئيسا لـ رويترز

مسايرة العالم الرقمي

تشير رئيس التحرير الجديدة إلى أن الصحافة اليوم تواجه تحديين متداخلين؛ أحدهما تكنولوجي والآخر سياسي؛ إذ يعمل التغيير التكنولوجي على إزالة الحدود حول كيفية الكشف عن الأخبار ونشرها، حيث اختصرت مواقع التواصل الاجتماعي الفترات الزمنية للمعلومات، كما تتيح لنا منصات التواصل الاجتماعي نشر القصص والترويج لها عالميًا، والوصول إلى جمهور متزايد بسرعة البرق.

وفقًا لمسح أجراه معهد رويترز، أوضح أكثر من 54٪ أنهم يفضلون المحتوى الالكتروني، وهذا ينطبق بشكل خاص على جيل الشباب، كما يمنح انتشار الأخبار عبر تلك المنصات فرصة جديدة لمواكبة العصر والوصول إلى فئات عمرية مختلفة من الجمهور، على الرغم من أن هذا يهدد نموذج عمل وسائل الإعلام التقليدية، لذا تؤكد جالوني أن “نموذجنا في رويترز هو عمل إعلامي مزدوج، يشمل شبكات التلفزيون والعملاء الرقميين والصحف، ونصل أيضًا إلى المستهلكين من خلال موقعنا على الإنترنت وتطبيق الهاتف المحمول”.