طارق الشناوي يكتب: اعتزال عادل إمام ‎

لأن الذى قالها هو وحيد حامد فلقد كان لها كل هذا الصدى، وحيد واحد من أكثر الكتاب وجودًا وإبداعًا على الخريطة العربية وعلى خريطة عادل إمام الفنية تحديدا، حتى ولو تفوق عليه مؤخرا يوسف معاطى على المستوى الرقمى، بعد أن أصبح معاطى يحتل المرتبة الأولى، فلا تنسَ أن تضيف إلى رصيده مسرحيات ومسلسلات عادل إمام الأخيرة، وهكذا حل وحيد ثانيًا ولكنه الأول إبداعيًّا ولا شك.

مرحلة ذهبية لعادل إمام تلك التى ضمت الثلاثى وحيد وشريف عرفة وعادل فى عديد من اللقاءات منذ «اللعب مع الكبار»، و«الإرهاب والكباب» -أكثرها إبداعًا- ثم «المنسى» و«طيور الظلام» و«النوم فى العسل» كنت أرى فى هذه الأفلام الخمسة تفاعلا ثلاثيا، والفيلم ينتمى إلى الكاتب والمخرج والنجم معا، كل منهم له بصمته بينما أفلام عادل إمام فى مجملها لو أخضعتها لتحليل «دى إن إيه» دراميًّا وحتى إخراجيًّا لوجدتها تنتمى إلى عادل باستثناءات قليلة مثل «الحريف» لمحمد خان وقبله «الأفوكاتو» لرأفت الميهى وهناك استثناءات قليلة أخرى.

عادل لم يكمل الطريق لا مع الميهى ولا خان لو كان فشل الفيلم تجاريًّا هو السبب مثلما حدث فى «حريف» خان، فما سبب عدم التكرار مع الميهى مع أن «الأفوكاتو» واحد من أكثر من الأفلام تحقيقا للإيرادات فى مشوار عادل، وأننا عندما نختار أفضل خمسة أفلام فى تاريخ عادل كممثل دائمًا ما يصعد «الأفوكاتو» و«الحريف»؟!

عادل يختار دائما الكاتب الذى يكتب بأصابع عادل، والمخرج الذى يضع الكاميرا ويحدد «الديكوباج» طبقًا لعيون عادل، وكل المشاركين فى العمل الفنى إذا لم يكن هو الذى يرشحهم فإن الحد الأدنى أنه وافق عليهم، حتى عامل الشاى والقهوة فى الاستديو هو عادة جاء بترشيح من عادل إمام وهذه ليست مبالغة، ولهذا كانت له تجربة يتيمة مع الميهى لأن أفلام الميهى تنتمى إلى الميهى فقط مثلما تنتمى أيضا أفلام خان إلى خان.

عادل دائما عينه على الزمن، وهذا هو ما منحه حياة فنية ممتدة على القمة شارفت على الأربعة عقود كبطل مطلق، ولهذا بعد انقلاب الكوميديا الذى قاده محمد هنيدى بـ«إسماعيلية رايح جاى» 97 وتأكد بعدها فى «صعيدى فى الجامعة الأمريكية» 98، تكتشف أن عادل أوقف مرحلة وحيد وشريف وقرر أن ينتقل إلى ملعب آخر، الكوميديا مع «بخيت وعديلة» لينين الرملى والمخرج نادر جلال بأجزائه الثلاثة ولكن القوة الرئيسية لديه كانت مع يوسف معاطى التى انطلقت عام 99 مع «الواد محروس بتاع الوزير» أيضا لنادر جلال، ولا يظهر وحيد على خريطة عادل مجددا إلا مع فيلم «عمارة يعقوبيان» أول إخراج لمروان حامد 2006 عن الرواية الشهيرة لعلاء الأسوانى، بينما منذ ذلك الحين يلمع على خريطة عادل مجموعة من المخرجين الشباب مثل عمرو عرفة وعلى إدريس ورامى إمام، وكثيرا ما يضيف عادل إلى الفيلم بمجموعة من فنانى الكوميديا الجدد -أحمد مكى نموذجا فى «مرجان»- وتوقفت علاقة عادل بالسينما فى 2010 بفيلم «ألزهايمر» الذى كتبه شاب أيضا نادر صلاح الدين وكان السيناريو فى درج عادل قبلها ببضعة أعوام… رهان عادل هو الجيل الجديد.

وفى رحلته مع الدراما التليفزيونية لديه أعمال عديدة منذ نهاية الستينيات ثم محطة مهمة جدا «أحلام الفتى الطائر» لوحيد حامد ومحمد فاضل 78 وبعدها مع صالح مرسى ويحيى العلمى «دموع فى عيون وقحة» ليبتعد قرابة 30 عاما ويأتى معه فقط يوسف معاطى «فرقة ناجى عطا الله» 2012، حتى «أستاذ ورئيس قسم» 2015 وبينهما «العراف» و«صاحب السعادة».. كيف يحسبها عادل؟ إنه المقياس الرقمى وهو أيضا أحد المقاييس التى يضعها الكاتب وحيد حامد لأن فى أغلب أفلامه مع عادل أو غيره ستطل عليك أيضا معادلة رقمية ربما لا تحتل المقدمة ولم تكن هى العنصر الحاسم ولكنها لا شك واحد من رهانات وحيد.

كان ينبغى لعادل طبقًا لأفكاره وقناعاته أن ينتقل إلى مرحلة معاطى لأنه كاتب عصرى، فهو خريج مدرسة «ساعة لقلبك» هذا البرنامج الإذاعى الذى كان عنوانا للضحك فى الخمسينيات وقدم كل نجوم تلك المرحلة فى التمثيل والتأليف، واستوعب معاطى ورشة «ساعة لقلبك»، كما أنه دراميا فك شفرة التواصل مع هذا الجيل ولهذا يكتب وهو موقن تماما أن تلك الكتابات على موجة الجمهور الروش. الأمر هنا ليس مقارنة بين موهبتين ولكن مفردات يوسف عصرية، وهو يكتب بالضبط ما يريده عادل وبأفكاره ويعلم تماما المساحات الأخرى فى الدراما بجوار عادل وكيف يتعامل معها بما يرضى عادل إمام أيضا.

عادل لا يعترف إلا فقط بعادل إمام الذى منه يبدأ كل شىء وينتهى إليه كل شىء. لا أتصور أن اللقاء بينهما الآن ممكن، أقصد وحيد وعادل، ليس بسبب تصريحه الأخير، فمن الممكن أن يقفز عادل فوق أى حساسية لو كان الأمر يصب فى النهاية لصالحه، ولكن لأن وحيد لن يمنحه بالضبط النغمة الدرامية التى يحلو له أن يرددها الآن، مهما اختلفنا فهناك مقياس رقمى يؤكد أن عادل لا يزال هو الورقة الرابحة الأولى تليفزيونيًّا، لى ملاحظات سلبية عديدة على «أستاذ ورئيس قسم» ولكن الأرقام لا تزال تشهد لصالحه وهو الصوت الوحيد الذى يُنصت إليه عادل إمام، ولهذا لم ولن يعتزل.

نقلاً عن “التحرير”

اقـرأ أيضـاً:

هيكل من الساحل الشمالي: إسرائيل مهيمنة ..ومصر في أزمة  

شاهد مباراة القمة على هذه القنوات

10 علامات إستفهام أجابت عنها الحلقات الأخيرة لمسلسلات رمضان

الفائزون تسعة والخاسرون سبعة في رمضان 2015

عمر طاهر يكتب: مكالمة مع وزير الاتصالات

.