إخاء شعراوي يكتب : عمرو خالد.. يواجه الالحاد بـ"ستاند أب ديني"!

قرر الداعية عمرو خالد هذا العام أن يظهر بشكل جديد ومختلف عما كان يقدمه في السنوات السابقة، إلا أنه ظهر بصورة أسوأ مما كان عليه فيالماضي، قرر عمرو خالد فجأة ألا تمر عليه فرصة الشهر الكريم،إلا واستغلهافي الظهور من جديد والعودة في محاولة بائسة لكسب ود جمهوره الذى ابتعد عنه في الفترات الأخيرة لعدة أسباب، أهمها اتجاهه إلى العمل السياسي، كان الداعية الليبرالي يسعى للفوز بأي دور في الحياة السياسية، إلا أنه سرعان ما تراجع بعد انخفاض شعبيته، وثبوت فشله وضعف خبراته في العمل السياسي، أسوة بفشله فى مجال الدعوة، وتلقى العديد من الانتقاداتاللاذعة، التي قرر على اثرها الابتعاد تماما عن السياسة والعودة من جديد للدعوة من خلال برنامجه الذى يعرض حاليا “الإيمان والعصر”، وكأن الإيمان بالله يختلف بين العصور.

يقول عمرو خالد أن برنامجه رؤية جديدة وفعالة في المجتمع، ويعتبر البرنامج ذو تأثير عظيم في نفوس الشباب، ويضيف أن الهدف من البرنامج مواجهة انتشار الإلحاد في المجتمع العربي، مؤكدا أننا نعيش أزمة دينية بعد تعرض الأديان لزلزال هز عرشها، وأدى إلى الحاد عدد كبير من شباب المجتمع وتشكيكهم في وجود الله سبحانه وتعالى، العجيب أن الداعية الليبرالي نفسه لم يضع خلال برنامجه أي حلول لأزمة الإلحاد، ولم يجب عن أسئلة الملحدين، تابعت البرنامج منذ حلقته الأولى والتي وعد خلالها عمرو خالد بالرد على جميع أسئلة الملحدين ومناظرتهم والأخذ والرد عليهم في نقاش مفتوح، إلا أنه فعليا وطوال حلقات البرنامج لم يرد على أسئلة، ولم يأت من الدين بأي دلالات لمواجهة الإلحاد، ما فعله فقط هو المزايدة على الملحدين، والهجوم عليهم، حتى أنه في احدى الحلقات طالب الجمهور بعدم الرد على أسئلة الملحدين، وطالبهم بأن يكونوا في موضع الهجوم وليس الدفاع، معتبرا أن أسئلة الملحدين عن الأديان تافهة ولا تستحق الرد، في حين أنه خصص برنامجه بالكامل عن الالحاد ومواجهته، فكيف يواجه أزمة في المجتمع دون الرد على أسئلة أصحاب الأزمة !

قرر عمرو خالد أن يتاجر في برنامجه بقضية الإلحاد ليرفع نسبة مشاهدة البرنامج، على اعتبار أن أعداد الملحدين في المجتمع العربي كبيرة، في حين أنه نفسه لم يواجههم أو يناظرهم ليحسم الجدل الدائر في نفوسهم حول ماهية الأديان ووجود الله سبحانه وتعالى، لم يأتي الداعية المنتفع بأي دلالات من الدين لمواجهة الإلحاد، بل أنه خرج ليحدثنا عن المجتمعات الغربية ومدى تأثر شبابنا بها، وكأن أسباب الإلحاد هي ميل الشباب لطبيعة وحياة المجتمعات الغربية، في حين أن الأزمة الحقيقية تتلخص في دور رجال الدين في الوطن العربي وعدم قدرتهم على المواجهة وحسم الجدل، حتى أن بعضهم تسبب في انتشار الإلحاد بين الشباب.

العجيب في الأمر أن عمرو خالد هاجم المؤسسات الدينية في الوطن العربي، واتهمها أنها لم تطور من نفسها لمواجهة تطورات العصر، ويضيف أن أخر التفسيرات الدينية للقران والسنة مر عليها أكثر من 70 عاما، وهو ما أدى لفجوة بين الدين والتطور التكنولوجي، في حين أنه نفسه برغم عمله في الدعوة منذ أكثر من 10 سنوات لم يصدر له كتاب واحد فقط في الدين يواكب هذا التطور، أو يصحح ويفسر المفاهيم الخاطئة، فأصبح نفسه جزءا من المشكلة التي يدعى تخصيص برنامجه لمواجهتها، فهو نفسه لم يواكب التطور ولم يحدث مفاهيم الناس من خلال كتاباته، ما يفعله فقط هو المتاجرة.

يقول عمرو خالد أن فهم المجتمع للدين لا يتحرك منذ 70 عاما، فأين كان هو نفسه من هذه الأزمة ؟! لماذا لم يطور هذا الفكر لمواكبة العصر طوال السنوات الماضية ؟! حتى أنه حين عاد بعد غياب لم يطور شيئا سوى تحويل شكل برنامجه من دروس في التأهيل إلى “ستاند أب ديني”، على غرار البرامج الكوميدية الشهيرة باسم “ستاند أب كوميدي”، هذا فقط الجديد في رؤية عمرو خالد للدين والإلحاد، قرر أن يعود بهذا البرنامج المختلف في الشكل فقط، دون الاهتمام بالمحتوى والمضمون، فخرج البرنامج باهتا لم يرضي مشاهديه، ولم يجيب على أسئلة الملحدين، ولم ينصف الأديان.

يقول الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام في حديثة الشريف (إِنَّ اللَّهَ يَبْعَث ُلِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّد ُلَهَا دِينَهَا)، في حين أن عمرو خالد يرفض أي تجديد للتراث الذى يعتبره من الثوابت، رافضا الاقتراب منها أو محاولة فهمها من جديد وتفسيرها بصورة تناسب تطور العصور، وذلك طبقا لتأكيداته في البرنامج برفضه مناقشة الثوابت الدينية، ولم يفصح خلال البرنامج عن أي ثوابت يتحدث.

يتعامل عمرو خالد وزملائه من الدعاة الجديد للبرامج الدينية، مثلما يتعامل الفنانون مع المسلسلات في رمضان، فالأول يخرج برنامج تنمية بشرية وديني بسناريو وحوار يهدف للتسلية وليس الاصلاح، بينما الآخرون أكثر تصالح مع انفسهم باعتبار التسلية والفن هي الهدف الرئيسي من عملهم، لذلك فهم يطرحون المشاكل في اعمالهم دون طرح حلول لأنها ليست من اختصاصهم، بينما خالد يطرح ايضا المشاكل ولا يحلها، رغم انه وبرنامجه ووظيفته تحتم عليه ان يبحث عن حلول.

لذلك فهو استعان بمخرج التسلية والكليبات ياسر سامي لإخراج برنامجه الاصلاحي، ووضع رؤيته وتقنياته الجديدة و المبهرة، كما وضعها من قبل في الكليبات الغنائية والتي راها هؤلاء لهو الحديث و من المعازف والعري المحرم! فكان مفهومها عن التسلية و التجديد هو الاستعانة بطريقة اشبه بـ”باور بوينت”، كالتي يستخدمها المدرسين لتعليم الاطفال، وليس للبالغين الذين وصل حدود تفكيرهم الى الالحاد!

أخيرا أصبح كل ما يشغل “داعية عصره وأوانه” هو الظهور الإعلامي فقط دون رؤية أو تخطيط أو هدف حقيقي لهذا الظهور، وأصبح التطوير الذى يتحدث عنه فقط هو تطوير الشكل ليواكب التقدم السينمائي والبرامجي، مع روايات عن المجتمعات الغربية بعيدا عن الدين.

اقـرأ أيضـاً:

إخاء شعراوي: الأمير وضع محلب في “خانة اليك”

إخاء شعراوي: هل يحتقر الرئيس ماسبيرو !

إخاء شعراوي: رسالة للإعلاميين في ذكرى يناير.. انتقوا ضيوفكم

إخاء شعراوي: الإعلام بالنيات

.