بعد المشاهدة| "نمرة اتنين".. بين الجرأة والصدمة في عرض الحقيقة

ياسمين العيساوي

الأكيد أن العلاقات الإنسانية، والعاطفية بالتحديد، قادرة على خلق أحداث ومواجهات مثيرة، تنجح في نشأة أعمال درامية مميزة. ومما لا شك فيه أن صُنَّاع عمل “نمرة اتنين” الذي يُعرض حاليا على منصة “شاهد vip” نجحوا فيما يقدمونه، بتسليطهم الضوء على قضايا عاطفية، قد تكون حساسة نوعا ما، وخارجة عن المألوف، أو مختلفة عما تعودنا على طرحه في الدراما العربية.

– برومو ذكي مليء بالتشويق

مسلسل “نمرة اتنين” عبارة عن سلسلة حلقات منفصلة، كل حلقة يلعب دور البطولة فيها نجم من نخبة نجوم الفن في الوطن العربي، حيث تم الاستعانة بأسماء كبيرة، شدّت الانتباه للعمل منذ بداية طرح البرومو والإعلانات، وهذه كانت خطوة ذكية جدا من “شاهد” لتلفت الأنظار بشكل صحيح لما ستقدمه، ويظهر في الحلقات نجوم مثل نيلي كريم، صبا مبارك، ماجد الكدواني، منة شلبي، منى زكي، اسر ياسين، أمينة خليل، عمرو يوسف.. وغيرهم من الأسماء المهمة.

نرشح لك: بعد المشاهدة| “The Queen’s Gambit”.. قصة بطلة خارقة مليئة بإسقاطات سياسية

 

– “الحقيقة بدون رتوش”

انطلق العمل بحلقة “الناحية التانية”، لعب فيها دور البطولة عمرو يوسف وصبا مبارك، وكانت بداية موفقة جداً للعمل، حيث استند على أسلوب الصدمة، أو بمعنى أوضح “الحقيقة بدون رتوش”، وقد ظهر عمرو في دور الزوج التقليدي الذي يشعر بالملل في علاقته الزوجية، ويبحث عن بديل، ليقع في حب صبا مبارك ويطور علاقته بها، فيقرر ترك زوجته وعائلته لأجلها. لكن صبا لم تكن تقليدية أبدا، وكما عوّدت المشاهدين بتأدية أدوارها بحرفية كبيرة جداً، نجحت في إقناع الجميع بدور المرأة المتحررة، الي تهزم من حولها، ولكنها لا تُهزَم وترفض أن تكون نسخة فشل جديدة في حياة أي شخص.

الحلقة الأولى كانت كفيلة بجذب المشاهدين، وكثُر الحديث عن العمل الذي بدأ بداية جريئة ومختلفة.

جاءت الحلقات الأخرى على نفس المنول، أحداث غير مألوفة ونهايات غير متوقعة، مرورا بحلقة “اللي بيصير ببيروت..” لنيلي كريم، الزوجة التائهة غير القادرة على تحديد وجهتها، والتي تلقي بمشاعرها أمام أول معجب مجهول، ثم حلقة “انت فين” لآسر ياسين، الزوج العالق بين حبيبة الماضي وزوجة الحاضر، وحب غير واضح المعالم.

– حلقات “المشهد الواحد المطوّل”!

ولكن بداية من الحلقة الرابعة اختلف وضع المسلسل بشكل مفاجئ، حيث تحولت الحلقات إلى ما يُشبه المشهد الواحد المطول، وعرض ثنائي مسترسل، شبيه إلى حد ما بالعروض المسرحية، ولا أعلم حقيقة ما سبب هذا التحول الذي طرأ على العمل، هل هو تخفيض في تكاليف الإنتاج؟ أم عرض مبالغ فيه لقدرة السيناريست في سرد الحوارا؟ أم أن ظروف انتشار وباء كورونا حتمت على طاقم العمل تقليل الأشخاص والاكتفاء بشخصين؟!

والجدير بالذكر أن فكرة الثنائيات، والحوار المسترسل لم تكن سيئة بقدر ما كانت غريبة، ولم يتعود عليها المشاهد العربي من قبل.. والبداية كانت بحلقة “فرق توقيت” الذي أبدع فيها النجم ماجد الكدواني كعادته، بأداء سلس وسهل ممتنع، في دور سائق “أوبر” الذي صادف نجمة مشهورة تؤدي دورها شيرين رضا، ليطول الحديث بينهما في جولة ليلية بشوارع القاهرة، ولم يخلو حديثهما من المشاعر والذكريات، وقد كان الحوار بينهما هادئ وممتع، خالي من الملل ويحفز المشاهد على الاستمرار في المتابعة.

ثم تأتي الحلقة الخامسة “أول امبارح”، التي حافظت على فكرة الحوار الثنائي المطول، لينتقل من سيارة “أوبر” إلى الحمام، وهذا ما جعل البعض يتساءل لماذا الحمام؟ وهل كانت الفكرة نوع من الخروج عن المألوف؟ لكن من وجهة نظري أن المكان كان مناسبا جداً لبطلين مخمورين، ويتعاطيان المخدرات.. وقد اجتمعت منة شلبي بأحمد مالك، بعد أن هجرها حبيبها، لتدخل بدورها في حوار لا يتوقف مع مالك، وسرد أحداث مع كثير من التناقضات وحالة نفسية مضطربة، تبرع في أدائها منة كالعادة.

نرشح لك: بعد المشاهدة| “the crown”.. خبايا صادمة في القصر البريطاني!

– حلقة سعودية صادِمة

أما الحلقة السادسة “من فين جا النور”، وهي آخر حلقة عرضت حتى الآن، فاحتفظت بنفس الطابع الثنائي، ولكنها حملت رسالة مختلفة، فلقد أداها نجمان سعوديان، وهما يعقوب الفرحان وسارة طيبة، أداءهما كان جيداً وحوارهما الثنائي المطول كذلك كان مليئا بالمشاعر، ولكن محاولة الحلقة إظهار السعودية وشبابها بشكل مختلف عما عهده الجمهور، كان نوعاً ما مبالغ في جرأته ومُبتذل، ويقدم رسائل مباشرة جداً غطّت على المحتوى الفني للعمل، حيث كان من الممكن إيصال الرسالة بطريقة أكثر ذكاءاً بعيدة عن أسلوب الصدمة والسرد المُباشر.

لم ينتهي عرض حلقات “نمرة اتنين” إلى الآن، والجمهور موعود بلقاء أبطال آخرين مثل منى زكي، وأمينة خليل، وأحمد السعدني، وغيرهم.. والجدير بالذكر أن فكرة العمل رائعة، وجمع نخبة من نجوم الفن في سلسلة واحدة كذلك شيئ مميز، ومنافسة المنصات على تقديم الأفضل، جعل من ساحة الدراما تنتعش، ورفع سقف المنافسة، والجمهور موعود بمزيد من الإبداع.