The Social Dilemma .. لعنة مواقع التواصل الاجتماعي تصيب صُناعه

منار قدري

عندما يحذرنا البعض من استخدام شبكات التواصل الاجتماعي يأتي في أذهننا “ماذا نمثل لصناع التواصل الاجتماعي وأصحاب السلطة ورؤوس الأموال حتى نحذر منهم؟ وأمور ساخرة وكوميك عن نظرية المؤامرة على حسنين في كفر عبده وعن ماذا قدمنا للبشرية حتى نصبح نصب عين هذه الكيانات العملاقة!! وهل أنقلب السحر على الساحر أم مازلنا لدينا الفرصة لإبطال مفعول السحر؟

كل هذه التساؤلات يجيب عنها الفيلم الوثائقي المتميز The Social Dilemma من إنتاج منصة نتفليكس الذي يلخص حقائق مذهلة بدقة من خلال إنتاج ضخم رصدها الوثائقي.

نرشح لك : “المعضلة الاجتماعية”.. هل خرجت السوشيال ميديا عن السيطرة؟

 

عندما ينقلب السحر على الساحر هذا ما ينطبق قولاً وتفصيلاً على ما يحاول الفيلم الوثائقي The Social Dilemma من إنتاج منصة نتفليكس طرحه في شرح عميق وتفصيلي عما فعلته مواقع التواصل الاجتماعي بنا وما تفعله في كل ثانية من حياتنا لتدمير مجتمعات وشعوب بأكملها. حقيقة سوداء يسردها لنا من هم كانوا جزًء من صناعتها وتطويرها وعندما أتضح أثرها عليهم وعلى عائلتهم وبدأ السحر ينقلب على الساحر بشكل حقيقي رفعوا الاعلام في محاولة تحسب لهم لإبطال مفعول السحر وتوجيهه إلى اتجاه إنساني لصحوة ضمائر الصناع للحفاظ على البشرية التي دمرتها هذه الصناعة بشكل يفوق الحقيقة والخيال.

جاء الفيلم الوثائقي The Social Dilemma الذي يعرض لنا الجانب الأخر من مواقع التواصل الاجتماعي عن رأسمالية المراقبة والتنقيب عن البيانات الذي يستهل في بدايته بمقولة مرعبة “لا يدخل شيء ضخم حياة البشر من دون لعنة”

وهذا يتجسد في أنه لم تعد مواقع التواصل الاجتماعي جزء من حياتنا بل أصبحت الحياة نفسها، فظهر مؤخراً مسمى وظيفي جديد يدعى”Influencer” شخص لديه تأثير على نطاق واسع من متابعيه حول منطقة معينة وعدة بلدان ليملي على متابعيه أرائه وتقييماته وتجاربه مدفوعة الأجر! ليقوم بإعادة هذه التجربة والاقتناع بأرائه المتابعين ويكسب من ورائهم المعلنين والصناع بمبالغ مذهلة.
كما انتقلت المحلات بتنوع أنشطتها وعمليات الشراء لمواقع التواصل الاجتماعي والتي تعززت بشكل كبير في ظل جائحة فيروس كورونا كوفيد ١٩ وأيضًا استبدال الدفع النقدي بالدفع الالكتروني لتقليل نقل الفيروس.
حتى التعليم أصبح الكتروني وبعد أن كان الأباء في صراع دائم مع الأبناء لترك هواتفهم والذهاب للمذاكرة باتت الأمور منعكسة تمامًا بل زاد شِجار الأباء لدفع أبنائهم لحمل هواتفهم وأجهزتهم اللوحية والتدقيق فيها ليل نهار للمذاكرة!! كل هذا فقط على سبيل المثال.

أذن نحن أمام منحة عظيمه في ظاهر الأمر ولكنها في حقيقة الأمر وحش يزداد وحشيته يوم بعد يوم إن لم تكن الأهداف سامية كما أكد أبطال الفيلم الوثائقي، أموال طائلة تُنفق لصناعة أجهزة وذكاء اصطناعي يتفوق على البشر للحصول علي شيء عظيم منهم وهو “التنبؤ بردود أفعالك” من خلال مراقبة تحركاتك وانطباعاتك وسلوكياتك ومواعيد نومك والأماكن التي تتردد عليها وغيرها كثير من حياتنا اليومية عن طرق لوغاريتمات فائقة القوة و التعقيد لبيعها لمن هم أقوى وأخطر من شركات الدعاية والمنتجات التي تملئ الدنيا ليل نهار بل لبيعها للحكومات التي تعيد رسم خريطة العالم وتُقرر مصائر الشعوب لعقوٍد قادمة.

يقوم الفيلم الوثائقي The Social Dilemma بشرح كيفية الوصول لهذا الهدف بدقة وتفاصيل لم تكن في نطاق معرفة الفرد العادي. وكيف نقدم لهؤلاء كافة المعلومات المطلوبة عنا وعن غيرنا بكل سهولة وسذاجة، وهي الفكرة التي يبرزها الوثائقي بكل صراحة أن العالم كله مُراقب بشكل لا يتوقع! من أجل مصالح وأهداف تخدم صانعي القرار من أصحاب رؤوس الأموال والحكومات لرسم المستقبل، وأننا جميعًا مجرد فئران تجارب في سيليكون فالي وأننا حقًا سلعة غالية الثمن يُضخ أمامها أموال طائلة تقدر بتريليونات لامتلاكها وتشكيل ردود أفعالها حسب المخطط لها. كما يبرز الوثائقي أيضًا كيف درس الصناع علم النفس السلوكي لتوظيفه في تغير وتشكيل عادتنا وسلوكياتنا لزرع عادات معينة في جذع الدماغ لتحويلها من عادات إلى إدمان وهو من أخطر أنواع الإدمان لأن الشخص لا يدرك مدى خطورته ولا يشعر به من الأساس كما ذكرنا سابقًا أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت الحياة نفسها. أضاف الوثائقي أيضًا كيف أصبحت حياتنا على المشاع دون أي خصوصية، الأمر الذي يفهمه البعض أن التقارب ازداد والحياة أصبحت اجتماعية أكثر ولكن هذا كله وهم التكنولوجيا الحقيقي أن تعيش أكذوبة افتراضية، تحصل فيها على ثقتك بنفسك من عدد اللايكات والقلوب. الآمر الذي زاد من معدلات انتحار المراهقين ودخولهم في أمراض نفسية نتيجة التنمر الذي يتعرضون له في معظم الوقت ويجب أن نعلم أنا لم نُخلق لإرضاء ٣ مليار نسمة. وبشكل أخر أن تتواصل مع أقاربك وتوقفت عن زيارتهم بشكل فعلي واكتفيت بالتعليقات والمكالمات المرئية. فقد ماتت الحياة الاجتماعية بشكلها الواقعي واحتلت مكانها حياة اجتماعية افتراضية تستعرض من خلالها حياة وهمية والتمثيل بشكل مستمر لتنال رضاء الاخرين.

نرشح لك: “المعضلة الاجتماعية”.. وثائقي نتفليكس يكشف كيفية استغلال “السوشيال ميديا” لمستخدميها

وفي النهاية حاول أبطال الوثائقي تقديم حلول وأفكار لنا لوقف هذه المهزلة بقدر المستطاع والحفاظ على أنفسنا من أضرار التكنولوجيا وعرض طلب صريح من الصناع بإدراك تأثير هذا عليهم وعلى شكل المجتمعات في القريب العاجل. وكان هناك تشبيه بليغ من “جوستين روزنشتاين” الذي أبتكر رز الاعجاب في موقع فيس بوك عام ٢٠٠٧ عندما شبهنا “بالأشجار وأن اقتلاعها يعود بمكاسب على فئة معينة ولكن يعود أيضًا بأضرار جسيمة على البيئة بأكملها”