ترندات نشر الرعب.. عادت الفتيات ولم تتوقف الشائعات

رباب طلعت

عجت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية بالكثير من الأنباء عن محاولات لخطف أطفال أو فتيات، أو منشورات عن فتيات مختفية وجاري البحث عنها، وذلك إثر انتشار شائعة وجود عصابة متخصصة في اختطاف الفتيات والأطفال في الإسكندرية لسرقة أعضائهم، وربطها بواقعتي سرقة هاتف طفل، واختفاء الفتاة فرح سماحة من منزلها، وبالرغم من إصدار النيابة العامة بيانًا لنفي كل تلك الشائعات إلا أن الأمر لا يزال محط شك مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، حيث شكك الكثيرون في صدق رواية النيابة للدرجة التي أشار بها البعض بأن “الحكومة ضاغطة على الأهالي” لتزييف شهاداتهم لتهدئة الرأي العام.

 

عودة ريا وسكينة

بدأت الأزمة بتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي لمنشور لشخص يدعى محمود جمال، أعلن فيه اختفاء شقيقته الطالبة في كلية الصيدلة إنجي جمال، لمدة يوم كامل عن خروجها من المنزل في المنوفية، تلاه تحرير الدكتور البيطري إبراهيم سماحة محضرًا يفيد بتغيب ابنته “فرح” طالبة الإعدادية بعد خروجها من المنزل إثر مشاجرة بينها ووالديها، وذلك بالتزامن مع تحذير أب من محاولات اختطاف الأطفال بعدما نجح في استخراج صورة للص سرق هاتف نجله وهرب به من كاميرات المراقبة المتواجدة في الشارع موقع الحادثة، مما أعطى فرصة للبعض بربط الوقائع الثلاث وترويج شائعات عن القبض على تشكيل عصابي ضخم مكون من أطباء وممرضين وغيرهم متخصصين في خطف الأطفال والفتيات بغرض سرقة أعضائهم، مما أسماه البعض بـ”عودة ريا وسكينة”.


بدأت خلال ساعات قليلة من انتشار شائعات “عودة ريا وسكينة” و”القبض على التشكيل العصابي لسرقة الأعضاء”، موجة أخرى من نشر الرعب حيث بدأ الكثيرون ممن تعرضوا لمحاولات اختطاف ابقة هم أو أحد أبنائهم بسرد المزيد من القصص عن الخطف، حتى إن البعض شارك أصدقائه بمواقف ظنوا فيها أنه سيتم اختطافهم، بسبب مناداة سيدة عليهم، أو نظرات مريبة لأحد العاملين في محل ملابس لهم وغيرها من المواقف التي لا دليل على نية الاختطاف من المشتبه بهم، مما أثار الرعب وسط الأوساط الافتراضية في مصر. 

نرشح لك: عمرو أديب عن اختفاء الفتيات: حادثة وليست ظاهرة

ظهور المتغيبات وتكذيب بيان النيابة العامة

بعد أقل من 48 ساعة من تلك الأزمة تحركت الشرطة المصرية للعثور على المتغيبات، وقد تم الإعلان عن عودة فتاة المنوفية، وفتاة الإسكندرية، وأصدرت النيابة العامة بيانًا، كشفت فيه أن الأخيرة خرجت من منزلها إثر خلاف نشب بينها ووالديها وضربها بـ”خشبة” لرفضها الذهاب إلى التمرين، وتوجهت إلى القاهرة لملاقاة صديق افتراضي لها تعرفت عليه عبر “الفيس بوك”، إلا أنها لم تنجح في العثور عليه، فوجدها رجل عطف عليها وأخذها لتبيت مع زوجته وأبنائه، أما الأخرى فتم العثور عليها في القناطر مع شاب مرتبطة به، بعد هروبها من المنزل أيضًا بسبب خلافاتها مع أسرتها واعتداء شقيقها عليها بالضرب، أما الطفل فلم تكن محاولة اختطاف بل سرقة لهاتفه.

لم ينجح بيان النيابة العامة ولا ظهور المتغيبات في ردع بوستات الاختطاف، فبالرغم من ظهور أصحاب الشأن نفسهم وكشفهم حقيقة ما حدث لوسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن البعض ظل متمسكًا بتصديقه لرواية التشكيل العصابي الذي يختطف الفتيات مدعيين أن الحكومة تحاول التكتيم على الأمر، بل وكذب البعض تصريحات الفتيات وأهلهما، دون ذكر سبب مقنع وحيد لم تتكتم الحكومة على تشكيل عصابي إذ صحت أنباء القبض على أفراده فهو أمر إيجابي يصب في صالح وزارة الداخلية والحكومة بأسرها.

الأخبار المزيفة لها الرواج الأكبر

في الفيلم الوثائقي “المعضلة الاجتماعية” الذي أنتجته شبكة “نتفليكس” مؤخرًا وتحدث من خلاله عدد من العاملين السابقين في كبرى شركات الإنترنت، أوضحوا الدور الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي في تضليل الرأي العام بنشر الأخبار الكاذبة، حيث إن شركاتهم عاجزة تمامًا عن التحقق من الأخبار الكاذبة، بالرغم من محاولات بعضها لتفعيل أنظمة الـ”fact checker”، إلا أنه وبحسب قولهم تنتشر الأخبار المزيفة بنسبة 70% أكثر من الأخرى الحقيقية، مما يجعلها تبدو أكثر مصداقية، وهو ما يفسر سرعة انتشار شائعات العصابة وغيرها، وعدم تصديق الروايات الرسمية الصحيحة.

في الفيلم نفسه ذكر الخبراء التأثير الكبير لتلك الشائعات على مستخدمي السوشيال ميديا، حيث ألقوا الضوء على حوادث بعينها تعرض لها مطاعم كبرى وأشخاص أبرياء في الولايات المتحدة الأمريكية وأبرزها “نظرية مؤامرة بيتزا غيت” حيث تعرض أصحاب والعاملين في مطعم “كوميت بينغ بونغ” في واشنطن العاصمة، لتهديدات بالقتل، كما أطلق أحد الأشخاص النار بداخله لانتشار أخبار كاذبة حول تورطه في عمليات اتجار بأعضاء الأطفال، هو وعدد من المطاعم الأخرى بالاشتراك مع عدد من السياسيين الأمريكيين، وكانت تلك الشائعات قبيل الانتخابات الرئاسية في أمريكا عام 2016، وبالطبع لأغراض سياسية لصالح أحزاب سياسية دون الأخرى.

سلط الفيلم الضوء أيضًا على قدرة شائعات السوشيال ميديا على زعزعة الأمن والاستقرار في الدول، حيث كانت الأخبار الكاذبة محركًا أساسيًا لأعمال الشغب في الدول الأوروبية الأكثر تطورًا خلال السنوات الماضية، ما تسبب في كثير من الحرائق وعمليات التخريب بناء على مجرد شائعات.

هوس اللايكات ولجان الإخوان

في “المعضلة الاجتماعية” أرجع المختصون سرعة انتشار الأخبار الكاذبة لعاملين أساسيين، الأول سذاجة البعض في السعي وراء زيادة عدد مرات الإعجاب والمشاركة مما يدفعهم لخلق أكاذيب مؤثرة، وصلت إلى تصديق الآلاف بأن الأرض مسطحة وأن العلماء ضللوا البشرية لأعوام بأنها كروية! وغيرها من القصص الأخرى التي تؤثر على القارئ الذي يربطها بمواقف سابقة وقعت له فيؤكد على صدق الشائعة أو الكذبة بناء على وهم، وهو ما يمكن تطبيقه بالفعل على ما حدث في أزمة شائعات الاختطاف الأخيرة، حيث إن الكثيرين لفقوا قصص خطف، والأكثر منهم من رووا تخوفاتهم السابقة في مواقف ظنوا أنهم سيقعوا ضحايا اختطاف فيها.

العامل الثاني وهو الأساسي، هو الترويج الموجه لشائعة ما لأغراض سياسية، وهو بالفعل ما يمكن ملاحظته في الأزمة الأخيرة، حيث إن الكثير من الحسابات الوهمية والحقيقية التابعة لفكر جماعة الإخوان المسلمين، وهم ما يتم تسميتهم بـ”لجان الإخوان” الإلكترونية، روجوا لتلك الشائعات وتبنوها، والدليل على ذلك أن القنوات الموجهة ضد الدولة للهجوم على الداخلية، والتشكيك في قيامها بأدائها وحماية الدولة للفتيات والأطفال، فعلى سبيل المثال قناة “مكملين” عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، نشرت تقرير فيديو مساء الجمعة عن وقائع اختفاء الفتيات مشيرين إلى أنها عمليات اختطاف، متجاهلين عودتهم وتصريحاتهم وبيان النيابة العامة الصادر يوم الخميس، وأشاروا خلاله إلى أن من وعود الرئيس المعزول مرسي هو حماية الفتيات وهو ما فشلت فيه الحكومة الحالية على حسب وصفهم.

نرشح لك: العثور على فتاة المنوفية المختفية

فيما شككت الجزيرة مصر في رواية الداخلية وبيان النائب العام حول واقعتي اختفاء الفتيات، بنفس مبدأ “البوستات” المنتشرة، حيث تساءلت في تصميم لها عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي عن رأي متابعيها في تشابه أسباب اختفاء الفتاتين وهو هروبهما من المنزل لخلافات أسرية.

هيثم أبو خليل مقدم برنامج “البعد الرابع” على قناة “الشرق” الإخوانية أيضًا، في حلقة مساء الجمعة، ادعى أن “الحكومة ارتكبت جريمة ضد فرح” بنشر اعترافاتها و”إجبار” والدها على المداخلات التليفونية مع البرامج المصرية، مستنكرًا نشر حقيقة ما حدث معها لأنه “انتهاك لقاصر” على حسب وصفه.

هيثم ابوخليل يرفض اذاعة فيديو الطفلة فرح ويقول لن نشارك في الجريمة

هيثم ابوخليل يرفض اذاعة فيديو الطفلة فرح ويقول لن نشارك في الجريمة

Geplaatst door ‎قناة الشرق‎ op Vrijdag 9 oktober 2020

تلك ليست المرة الأولى التي يخلق فيها “لجان الإخوان” شائعات يتم استغلالها فيما بعد من قبل قنواتهم المؤدلجة والموجهة ضد مصر، لزعزعة الأمن السياسي لها، من خلال شحن مشاهديها ضد الحكومة والسلطة، حيث كان أقرب ما تم تلفيقه ادعاءات إرسال الجيش المصري لجنوده إلى ليبيا وهو ما يتوافق مع دعاوى القنوات المذكورة، من خلال سلسلة منشورات متشابهة “خطيبي مجند ورايح ليبيا”، “خطيبي هيترحل لليبيا” وغيرها، ومن ثم ادعاءات انخفاض منسوب المياه في النيل في السودان ما يعني تشغيل سد النهضة، ثم تلفيق صور وفيديوهات قتل الجيش لمواطنين بسيناء، وأيضًا فيديوهات “الجيش بيهد البيوت على الناس” التي انتشرت بالتزامن مع تطبيق إزالات قانون التصالح، وغيرها الكثير.

هيثم ابوخليل يرفض اذاعة فيديو الطفلة فرح ويقول لن نشارك في الجريمة

هيثم ابوخليل يرفض اذاعة فيديو الطفلة فرح ويقول لن نشارك في الجريمة

Geplaatst door ‎قناة الشرق‎ op Vrijdag 9 oktober 2020

نرشح لك: الطالبة فرح سماحة تروي قصة هروبها وتفاصيل العثور عليها