لماذا الآن؟.. تحليل لأسباب الغضب "المتأخر" من بوست إسعاد يونس

أسماء شكري

خلال الساعات القليلة الماضية اتهم جمهور السوشيال ميديا الفنانة إسعاد يونس بالتنمر على فتاة ريفية صغيرة، من خلال مقال نشرته يونس قبل يومين على صفحتها عبر فيسبوك وصفت فيه شكل الفتاة وملامحها بأسلوب ساخر؛ وانهالت التعليقات اللاذعة على البوست واعتبر أصحابها المقال إهانة وتكبر وعنصرية ضد الفتاة الفقيرة الضعيفة، وهو ما دفع يونس لحذف البوست اليوم، ولكن ما لم ينتبه له الكثيرون أن هذا المقال ليس جديدا؛ إذ نشرته يونس لأول مرة في المصري اليوم قبل سبع سنوات عام 2013 بنفس النص بدون زيادة أو نقص في كلمة حتى!

لم يتعرض المقال وقتها لأي انتقاد ولا وُجهت اتهامات للفنانة الكبيرة بالتنمر ولا العنصرية وبث الكراهية، وهو ما يطرح سؤالا ملحا: لماذا حدثت كل هذه الضجة حاليا على محتوى المقال واتُهمت إسعاد يونس بالتنمر؟ وأين كانت تلك الاتهامات عند نشره لأول مرة منذ سنوات؟ وما سبب الغضب “المتأخر” حاليا من هذا المقال؟

هل السبب هو أن مصطلح التنمر لم يكن شائعا أو بالأحرى موجودا قبل 7 سنوات مثلما أصبح “موضة” حاليا؟ لقد اعتدنا على وصف الأشخاص بكل الأوصاف التي يعتبرها الكثيرون حاليا تنمر، ظللنا لسنوات نضحك على فم إسماعيل ياسين الكبير في أفلامه ولم يعتبره أحد تنمر، حتى الفنان نفسه كان يسخر من حجم فمه في أفلامه ويضحك بكل أريحية، فهل كان يتنمر على نفسه؟! وطالما ضحكنا على طريقة “مشية” عبد الفتاح القصري في أفلامه وعلى ملابسه وسرواله الواسع، واستمتعنا بضحكة حسن فايق ووصفناها بـ “المسرسعة” ولم يعتبرها أحد سخرية من الكوميديان الراحل، وقبل أن تتهمني عزيزي القارىء بأنني أدعو إلى التنمر، أوضح لك أنني أسرد تلك الأمثلة لوصف طريقة تقبل المجتمع خلال فترات طويلة لتلك الأوصاف.

مقال إسعاد يونس نُشر في 2013 في فترة لم يكن للسوشيال ميديا كل تلك السطوة والقوة الموجودة حاليا، والتي ظهرت بوادرها خلال عام 2011 بالتزامن مع ثورات الربيع العربي، وبحلول عام 2013 لم يكن مستخدمو السوشيال ميديا قد “توحشوا” إن جاز التعبير مثلما يحدث حاليا، لذلك مر المقال بسلام وقتها ولم ينتقده أحد.

نُشر المقال عبر موقع إلكتروني في 2013 ولم يُنشر عبر موقع تواصل اجتماعي مثلما حدث الآن، وهو ما جعله لا ينتشر على نطاق واسع وقتها لأن المواقع الإخبارية أقل انتشارا وقوة من منصات التواصل، ولكني أكاد أجزم بأنه لو كانت أول مرة لنشره على الموقع الإخباري خلال وقتنا الحالي؛ لكان قد أحدث نفس الضجة التي أحدثها نشره على فيسبوك؛ بسبب سطوة وقل إن شئت “إرهاب” السوشيال ميديا الحالي، وأعتقد أنه حتى لو كانت إسعاد يونس قد نشرته وقتها على صفحتها لما كانت قد تعرضت لنصف تلك الانتقادات التي طالتها الآن! لأنه لم يكن موجودا وقتها فزاعة اسمها “التنمر”.

قد يكون سبب تلك الضجة والغضب المتأخر لمدة 7 سنوات هو أن المجتمع أصبح أقل تسامحا الآن عن عام 2013، فلا فرق بين البوستات ولا المواقع الإخبارية ولا حتى الصحف المطبوعة، فأي خطأ أو “سقطة” حاليا على أحد الوسائل الثلاث لن تمر مرور الكرام، وهو ما جعل منتقدي إسعاد يونس لا يبحثوا عن أصل المقال ووقت نشره لأول مرة، وفي رأيي أن ردود الأفعال المتأخرة تلك جاءت للأسباب التي ذكرتها مجتمعة.

بات واضحا أنه في زمن السوشيال ميديا لا مكان للأخطاء الكارثية ولا حتى للهفوات والصغائر، فجمهور المنصات الإلكترونية لا يرحم ونادرا ما يتقبل الأعذار! فأي خطأ يصدر من شخص ما خاصة إذا كان شخصية عامة، لا يتهاون معه جمهور السوشيال ميديا؛ الذي يدخل في ما هو أشبه بالسباق وكأنه ينتظر الفائز!

نرشح لك: مفاجأة.. “بوست” إسعاد يونس المثير للجدل منشور منذ 7 سنوات