أحمد حسين: سلسلة كان معكم 5 .. أرض المهام الصعبة

كنت اود استكمال الكتابة هذا الأسبوع عن ” مصافحة الموت ” في أوقات الخطر التي يتعرض لها المراسلون أثناء عملهم ، لكن شهر رمضان يذكرني دائما بسيناء ، ولذلك آثرت الكتابة عن أرض المهام الصعبة التي يضيف العمل فيها ولو لمرة واحدة الكثير الى حياة المراسل المهنية ، حيث يمكنك كمراسل أن تنتقل بين محافظات مصر كلها بشكل طبيعي لتؤدي عملك ، من الاسكندرية حتى اسوان ، ومن البحر الأحمر حتى السلوم ، لكن محافظة واحدة يبقى الدخول اليها محفوفا بالمخاطر ، كل خطوة فيها وكل كلمة يجب أن تحسب جيدا ،لأنها قد تكون الفاصل بين الحياة والموت ..

على مساحة مترامية الأطراف في الشمال الشرقي لمصر ” أكثر من 27 ألف كلم ” وعدد سكان يقل عن النصف مليون تقع محافظة شمال سيناء ، والتي تغيرت فيها الأوضاع تماما بعد مذبحة رفح الأولى في رمضان 2012 ، كلفت بتغطية تداعيات الحادث في نفس اليوم الذي زارها فيه الرئيس الأسبق محمد مرسي بصحبة وزير الدفاع وقتها المشير حسين طنطاوي ، أهل المدن الثلاث الرئيسية ” العريش والشيخ زويد ورفح ” كانوا يستشرفون هذا التغيير احد الأهالي قال لي ” هذه المرة الأولى التي يقتل فيها جنود من الجيش بهذه الطريقة ، الأيام القادمة ستكون صعبة جدا علينا ، اعتقدنا اننا مقبلون على عهد جديد بعد الثورة ”

مرت رحلتي بسلام تقريبا ، باستثناء تعرضنا لاطلاق نار عشوائي ” من مجهولين ” صدفة أثناء مرورنا في كمين الريسة ، وهو أحد الأكمنة التي تتعرض لهجمات شبه يومية منذ الاطاحة بتنظيم الاخوان ، ومع تكرر زياراتي لسيناء تعلمت عددا من القواعد التي يجب الالتزام بها سالخصها في النقاط التالية :

1- الغريب أعمى ولو كان بصير
في سيناء لايمكنك على الاطلاق ان تعتمد على نفسك لاتمام مهمتك الصحفية ، يجب أن تعتمد على المصادر الصحفية المقيمة هناك والذين يعدون بمثابة ” جواز السفر ” لكل المناطق ومعظم الشخصيات خصوصا القبلية منها ، عقد الصداقات مع الشيوخ وعواقل القبائل أمر مهم أيضا ، ولن أتحدث عن الالتزام بـ ” الأصول ” في التعاملات والحديث مع المصادر القبلية في سيناء على افتراض أنه موجود لدى معظم الاعلاميين ولكن في سيناء تحديدا يفضل أن يكون ” بزيادة ” ، وبشكل عام أهل سيناء طيبو الخلق وكرماء ويبادرون بالمساعدة ، لديهم مخاوفهم ” المبررة ” من الغرباء ومن الاعلام أيضا .

2- لن تدخل سيناء من غير ” احم ولا دستور “:
” الاحم والدستور ” هي الحصول على تصريح واضح من القوات المسلحة المصرية ، قبل يونيو 2013 كان متاحا أن تتجول كما تشاء وفي أي وقت ولكن بعد أن تم اعلان شمال سيناء منطقة عمليات عسكرية بات من الصعب تماما الوصول اليها بدون هذا التصريح الذي يستخرج بالتنسيق مع الشؤون المعنوية والمخابرات الحربية ، اذا قررت المغامرة والذهاب ثق تماما انك لن تتعدى أول نقطة أمنية بعد القناة وهي كمين ” بالوظة ” ربما تسبقه الآن أكمنة أخرى ، التنسيق ايضا في المدن ضروري ، العريش هي اكثر أمناً لكن الخطورة تزداد في الشيخ زويد ورفح ، واعتقد أنه من الخطير جدا حاليا التجول في هاتين المدينيتن بدون مصاحبة فوج أمني .

3- الاحتياط واجب
الاحتياط في كل شيء قبل السفر الى سيناء ضرورة ، حجز الفندق للمبيت أولوية قصوى نظرا لقلة عدد الفنادق وامتلاءها معظم اوقات السنة بالمسافرين الفلسطينيين الذين يعلقون بالأسابيع عند اغلاق معبر رفح ، هناك فندق شهير في وسط المدينة اعتاد الاعلاميون النزول فيه خدمته وأسعاره مناسبة جدا ، ايضا يجب عليك معرفة أين وماذا ستأكل فالمطاعم ليست بالجودة العالية ، وان امتلكت رفاهية الوقت في وضع امني مستقر فـ ” حلقة السمك ” في سوق المدينة ستكون اختيارا جيدا ، تأمين المواد البترولية للتنقل مهم أيضا فطوابير الانتظار أمام محطات الوقود مشهد اعتيادي .

4- ” داري على شمعتك تقيد “
ماسبق هي نقاط تختص بها سيناء عن مناطق العمل الأخرى ، ويضاف اليها اجراءات السلامة الشخصية الأساسية ، مع رفع معدلات الحماية ، والانتباه الى أدق التفاصيل كالحرص على أن لاتحمل السيارة المستخدمة في التنقل اي اشارات للقناة التي تعمل بها ، اختيار الشوارع الاساسية للتصوير والحديث مع الناس وعدم الاطالة في مكان واحد ، يفضل أن لا يزيد تواجدك في نفس الموقع اكثر من 25 دقيقه ، الذكاء ان تنهي مهمتك دون أن يشعر بك أحد …وبالطبع لا تنشر تحركاتك على مواقع التواصل الاجتماعي وتأكد من اغلاق محدد المواقع “GPS .” .. صدقني شمال سيناء هي آخر مكان تود أن تتظاهر وتعلن أنك موجود فيه .

ختاما ..أقدر مايخاطر به جنود الجيش والشرطة في حربهم الممتدة مع جماعات التطرف ، ومايخاطر به المعلمون ورجال القضاء والأطباء ، وكل من كتب عليه العمل في شمال سيناء ، وأحيي الاعلاميين الشجعان الذين يحاربون أيضا في سبيل مهنتهم المقدسة ، وأخص منهم اول من صاحبني وعرفني على أرض الفيروز ، صديقي الصحفي البطل ” أيمن محسن ” الذي أتمنى لقاءه مرة أخرى في دياره عندما تنعم بالسلام …

اقـرأ أيضًـا:

أحمد حسين: سلسلة كان معكم 4 .. مصافحة الموت “الجزء الثاني”

أحمد حسين سلسلة كان معكم (3) .. مصافحة الموت (الجزء الأول )

أحمد حسين: سلسلة “كان معكم”.. ممكن أعمل معاك “حيوار”؟ 2

أحمد حسين: سلسلة “كان معكم”.. أسطورة جاءنا البيان التالي 1

 .

تابعونا عبر تويتر من هنا

تابعونا عبر الفيس بوك من هنا