حوار الطرشان على وسائل التواصل الاجتماعي

حسام عبد القادر

لا شك أن وسائل التواصل الاجتماعي ساعدت كثيرا في أزمة كورونا التي يعاني منها العالم، فالمكوث في البيت أياما أو أسابيع طويلة له كثير من التأثيرات السلبية على الأسرة وعلى الأفراد في وقت واحد، ولولا انشغال الناس بوسائل التواصل الاجتماعي لكانت حالات الاكتئئاب تضاعفت ولكانت الخناقات الزوجية زادت عن عدد حالات الكورونا.

 

نرشح لك: “حبل الغسيل”.. أقدم وسيلة للتواصل الاجتماعي


انقسم الناس لعدة أقسام في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي: فهناك من اهتم بالمتابعة فقط دون المشاركة، وهناك من شارك ودخل في صراعات ومعارك ونقاشات حامية الوطيس لإثبات رأيه في أي قضية وخاصة لو متعلقة بكورونا، وفريق ثالث لجأ “للقلش” ووضع الكوميكس الساخرة عن كل ما يحدث من حولنا، هذا غير تصوير الفيديوهات ونشر قنوات على اليوتيوب، وطبعا لن أتكلم عن التيك توك وحكاويه، فهذا يحتاج مقالا منفصلا.

في النهاية كل شخص وضع لنفسه منهجا وسار عليه وهو سعيد بذلك وراضٍ عن نفسه، إلا أنني لاحظت ظاهرة مهمة وسط كل هذا الزخم، وهي ظاهرة كانت موجودة من قبل كورونا، ولكنها زادت وانتشرت بقوة أثناء الجائحة.

أصبحت استوعب وأفهم أن يضع شخص لايك على بوست دون أن يقرأه.. فهذا أمر عادي ويتكرر يوميا، وقد تصل إلى أن يرد شخص على بوست بكلمة مطاطة، أو كلمة تصلح لكل الأغراض دون أن يقرأ محتوى البوست، مثل: بالتوفيق، الله ينور، سلامات، أو يضع استيكر جميل في التعليق أو ما شابه.

لكن أن نصل لما يطلق عليه في الثقافة الشعبية “حوار الطرشان” فهذا ما لم أكن أتخيله أبدا، حيث يتحدث طرفان مع بعضهما ولا يستمع أحدهما للآخر، والاثنان مستمران في الحوار دون توقف.

فهناك نوعية من الأشخاص وهي منتشرة جدا، تصل إليها صورة جميلة أو معلومة أو آية قرآنية وغيرها، فيقوم فورا بالضغط على زر “فوروارد” ويقوم بإرسالها لكل أصدقائه دون أي تمييز، ويعتبر أنه بذلك كسب ثوابا، خاصة لو بها “جمعة مباركة” أو “صلي على رسول الله”، أو “أرسل هذه الآية أو الدعاء لعشرين شخصا وسيحدث لك خير”، إلى آخره من هذه الأمور.

نفس هؤلاء الأشخاص هم غالبا لا يقرأون ما يرسلونه، ويكتفون فقط بالإرسال، وهم أيضا لا يقرأون ما يصلهم من رسائل، في تصرف عجيب، وهذا الأمر ينطبق على كل وسائل التواصل سواء ماسنجر أو واتس آب أو غيرها، فنجد الرسائل مستمرة استقبال وإرسال، ولا أحد يقرأ ما يرسل وما يستقبل، ووسط هذه الرسائل أحيانا تكون رسائل مهمة بها طلب أو استفسار معين، فلا يلتفت إليه المستقبل طبعا، لأنه مشغول بالجمع المباركة وكسب الثواب.

وتحولت وسائل التواصل الاجتماعي لحوار غريب من نوعه، بين أطراف لا تسمع بعضها البعض أصلا، وهو حوار ليس له تعريف ولا تفسير، بالضبط مثل الحوار بين اثنين لا يسمعان بعضهما مستمران في الحوار دون توقف في لامتناهية عجيبة.