إنعام سالوسة.. عارفة محدش جميل غير اللي قد الشقا

محمد البرمي

ملامح مصرية بسيطة، وهدوء وحكمة لا تخلوا من خفة دم، تملك القدرة على جذب انتباهك بحركة بسيطة بكلمة، بالتفاته، تستحوذ على الكاميرا بموهبتها الطاغية أيا كان الممثل الذي يقف أمامها ومهما كانت مساحة الدور الذي تؤدية قادرة على إضحاكك ودفعك للبكاء، أو الوقوع من الضحك، تمنحك شعورًا بالألفة والطمأنينة، هي أمك وجدتك وأختك الكبيرة وصاحبة النصيحة التي تلجأ لها دائمًا.

إنعام سالوسة.. عارفة؟ محدش جميل غير اللي قد الشقا، جملة التقطتها من قصيدة للشاعر الكبير فؤاد حداد، رأيت فيها تلخيصًا لهذه الفنانة القديرة “أم حسن” في الفتوة و”أم سعيد” في الاختيار، وبغض النظر عن تواجدها في عملين برمضان الحالي فوجودها الدائم في الأعمال أمر طبيعي، لذا فلا مناسبة للكتابة عنها إلا بدافع المحبة لواحدة ممن يقال عنهم أنهم ملح الفن، هي بلا شك واحدة من المواهب الكبيرة في تاريخ الدراما، جميعَا يتذكر أدوارها التي حملت لمستها الكوميدية المدهشة.

إنعام ابنة شرعية للفن موهبة خارقة تعمل في صمت تنتهي من عملها ثم تترك الحكم للجمهور الذي ولطالما أنصفها في ذاكرة كل الأجيال الحاضرة مشهد أو إفيه قالته سالوسة بخفة ظلها، أو حكمة قالتها بأمومة وحنان، فحتى لو لم نفصح بذلك إلا أن الكثير يفرحون بحضورها في الأعمال الفنية بطلتها المميزة والقادرة على خطفك وموهبتها التي تستحوذ عليك.

المدهش أيضًا أنني في رحلة البحث عن “شقا إنعام سالوسة” ورغم توافر الكثير من المعلومات وأن أعمالها قاربت الـ 300 عمل وأن زوجها مخرج كبير هو سمير العصفوري والعديد من الحكايات عنها لكن عيني لم تقع على حوار تلفزيوني أو صحفي فهمت منه بأن السيدة الكبيرة ترفض ربما الظهور الإعلامي لكننا يمكن أن نتجاوز ذلك احترامًا لرغبتها لكن ما لا يمكن تجاوزه أن هذه الفنانة الكبيرة ضلت المهرجانات طريقها، ولم تنل ربع حقها.

كل هذا الشقا في العمل الفني لم تلقى إنعام سالوسة ما يليق بموهبتها وما قدمته لكنني ممن يؤمنون بأن تكريم الجماهير وحبهم أكبر كثيرًا من المهرجانات التي تكون قائمة على حسابات لا تراعي فنًا ولا تاريخًا ولا ما قدم الفنان طوال تاريخ من الشقا والتعب والعمل الجميل.

إنعام “مع حفظ الألقاب طبعًا” وصيفة زوجة سليمان غانم بلهجتها الفلاحي ومشاعرها المتقلبة وخفة دمها وملامحها البسيطة تشعر من حديثها بمحبة وحنان كأنها جزء من عائلتك، هي أفضل من قدم دور الأم مع جيل الشباب وبشكل كوميدي “أم همام في فيلم (همام في مستردام)، وقدمت شخصية الأم في عدد من أفلام هاني رمزي، مثل (صعيدي رايح جاي)، و(محامي خلع)”، وفي عسل أسود كان حضورها الأبرز بين الجميع.

كما قدمت أدوار لا تنسى مثل شخصية “حسنة” الصعيدية المقهورة والتي تعاني من التسلط في مسلسل “غوايش”، و”نعمة” الزوجة المحبة المغلوبة على أمرها في “ذئاب الجبل” زوجة “علوان البكري” الفنان الكبير “عبد الله غيث”، ومع عادل إمام قدمت دورًا صغيرًا لكنه لا ينسى فيلم الإرهاب والكباب، وكانت نموذج للموظفة في صورة كوميدية “تقمع البامية على المكتب وتقور الكوسة”.

“الطيبين فى الدنيا والطيبات دايماً قلوبهم نبات/ كان فيه نقَا/ شَكَر اللى طل و سقى/عارف ما حدش جميل
/غير اللى قد الشقا”.. فؤاد حداد.

نرشح لك: إنعام سالوسة.. نجمة بلا أضواء