رضوى زكي تكتب: اليوبيل الذهبي لمعرض الكتاب.. متجمعين في القاهرة

“متجمعين في القاهرة”، كان عنوان الأغنية الرسمية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الخمسين، الحدث الأبرز في مطلع عام 2019 الذي حشدت له الدولة جهودها رغم تخوفات المنظمين والجمهور من نقل المعرض من مكانه السابق بأرض المعارض بمدينة نصر إلى موضعه الجديد البعيد نسبيًا في التجمع الخامس. رضوى زكي عن اليوبيل الذهبي 

زرت المعرض مرتان هذا العام، كان أولها في اليوم الأول للافتتاح، الأربعاء الموافق 23 يناير 2019، المكان بالفعل بعيد موضع المعرض جغرافيًا بعيد للغاية، وإن خفف من بعده توفر مواصلات متنوعة أبرزها أتوبيسات النقل العام. وعلى الرغم من ذلك كان الانطباع الأول عن شكل المعرض مبهجًا، وكان الزحام في هذا اليوم لم يبدأ. تجولت بين الصالات الأربعة المنظمة والمرتبة بعناية، تفقدت دورة المياه النظيفة، وهو الكابوس الذي تخلص منه المعرض في حلته الجديدة.

كانت مبادرة تصوير صُناع الثقافة والأدباء التي تبنتها لجنة الشباب والمبادرات بالمعرض من الأفكار اللافتة للنظر والجديدة في آن، يقوم فريق عمل Photography  ISO بتصوير المساهمين في صناعة الثقافة في مصر، بعد ملأ استمارة تشتمل على بيانات شخصية عنهم وإسهامهم الأدبي أو العلمي، لأجل أن يتم جمع تلك البيانات في موقع إلكتروني عقب انتهاء المعرض، ومن حسن حظي أن شاركت في هذه المبادرة مرتين، وحصلت على جلستي تصوير لا زالت أنتظر بشوق لرؤية جميع صورها الفوتوغرافية.

ذهبت لتفقد أماكن الندوات باعتباري مشاركة في أكثر من نشاط، وكانت جميع قاعات الندوات في الأدوار العلوية في مناطق مخصصة بين الصالات. كانت القاعات المختصة بالندوات مختلفة كل الاختلاف عن الأعوام الماضية، فهذا العام كانت القاعات مجهزة بشكل لائق وقدرتها الاستيعابية أكبر من المعارض السابقة، ولأن اليوم الأول كان به بعض الارتباك تأخر تجهيز القاعة لفترة مع بدء الندوة التي كانت فكرتها تدور عن “النشر من الفكرة إلى الإصدار”، وفي غضون دقائق حضر المتطوعين وقاموا بإعداد القاعة وجرت الأمور على خير ما يرام.

مر اليوم الأول سريعًا، وقبل انتهاء المعرض بأسبوع قمت بزيارته للمرة الثانية، وكانت أكثر اختلافًا، كان الزحام هو سيد الموقف، فمكثنا كثير من الوقت للتفتيش أمام كل بوابة، ما أزعجني بعض الشيء أن أماكن الدخول للصالات ليست هي أماكن الخروج، وهو ما ضاعف من أوقات الانتظار، هكذا الحياة لابد للاكتمال من نقصان!

التبست بعض الأمور بشأن أماكن عرض الكتب، فقد كنت أبحث عن كتابي الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب في صالة 1، بينما اتضح لاحقًا أن الإصدارات الجديدة للهيئة معروضة في صالة 3! وكذلك بعض دور النشر الكبرى، فلم أعثر على كتابي بسهولة ولا الأصدقاء الراغبين في اقتنائه.

وصل الكتاب أخيرًا واحتفيت به بين بعض الأصدقاء، وقمنا بمناقشته في قاعة كاتب وكتاب، ومرت الدقائق الجميلة سريعًا. وأعقبتها مفاجأة أجمل، حيث قدمت الهيئة شهادة تقديرًا للمجهود المبذول في إصدار هذا الكتاب.

كان اليوم مزدحمًا بحفل توقيع لكتابي الثاني، كان المعرض الماضي مختلفًا بعض الشيء، حيث كانت حفلات التوقيع تقام في الخيام الخاصة بالصالات الخارجية، وفي هذه الدورة قامت دور النشر بإقامة حفلات التوقيع في أجنحة النشر. ندوة أخرى في هذا اليوم المزدحم، يقوم على تنسيقها فريق من المتطوعين التابعين للجنة الشباب والمبادرات مرت على خير ما يكون.

بسبب الزحام والاختناق المروري كان الخروج من التجمع الخامس للوصول إلى التحرير أمر شاق للغاية. وعلى الرغم من مشقة الرجوع إلى مدينتي الإسكندرية في ذات اليوم، خفف من وطأته الإحساس بالتقدير المختلط بالفخر بمثل هذا الحدث الرائع.

الكمال لله وحده، فالزحام وبعض الهنات في التنظيم هي رتوش لا تُرى بجوار المجهود الضخم المبذول والذي كنت شاهدةً على جانبًا منه منذ شهر نوفمبر الماضي، وعلى سبيل المثال في بعض الأوقات كان هناك حالة تراخي من أمن البوابات في التفتيش الجاد، بجانب استسهال بعض المسؤولين عن قطع تذاكر الدخول والمعاملة العصبية لحد ما مع الجمهور، شبكات المحمول والإنترنت كانت ضعيفة للغاية، بخلاف تهوية القاعات في حاجة إلى إعادة نظر بسبب الزحام فالجو دافئ جدًا في القاعات مقابل البرد في الأماكن المفتوحة.

ويبقى أن الشباب هم كلمة السر، عدد كبير من المتطوعين أكسبوا المعرض نكهة مميزة بتواجدهم وحرصهم على المساعدة.. ولأن من لم يشكر الناس لم يشكر الله؛ قامت إدارة المعرض برئاسة الدكتور هيثم الحاج علي بتكريم المتطوعين والمبادرات الثقافية الفائزة هذا العام، ولحسن حظي للمرة الثانية تم تكريمي من قبل الهيئة شهادة تقديرًا للمجهود المبذول في المشاركة في البرنامج الشبابي الثقافي لهذا العام.

أحد الأصدقاء وصف المعرض بأنه “سوق عكاظ” يجتمع فيه القاصي والداني، وبلغتنا المعاصرة كان الشعار “متجمعين في القاهرة” هو الأقرب وصفًا لروح المعرض في دورته الخمسين.. كان حدثًا استثنائيًا بكل المقاييس، لم تكن فخامة المكان وتنظيمه الرائع هم الأبطال وحسب.. الرغبة والتحدي الحقيقي في النجاح لحدث يليق بسمعة مصر وبمرور خمسين عام من الثقافة والفكر.

رضوى زكي عن اليوبيل الذهبي لمعرض الكتاب 2019

نرشح لك: إنفوجراف.. معرض القاهرة الدولي للكتاب في أرقام ‏

شاهد : الإعلاميون والمشاهير خارج البلاتوهات في برنامج مش عادي