مازن فوزي يكتب: فيلم (الضيف).. عودة الفيلم الحواري للسينما المصرية

يعود المخرج (هادى الباجوري) للسينما بعد غياب ثلاث أعوام منذ فيلمه الرومانسي (هيبتا) والذي حقق نجاحاً تجارياً كبيراً عند عرضه وهو هنا يتعاون مع الكاتب (إبراهيم عيسى) في صنع فيلم تشويقي حواري هو فيلم الضيف.

فيلم (الضيف) يمكن وضعه تحت إطار أفلام المكان الواحد، فباستثناء مشهد واحد في مقهى فإن أحداث الفيلم تدور بأكملها خلال ليلة واحدة في منزل الكاتب والمفكر، (يحيى) وعائلته حيث يقوم بزيارتهم (أسامة) وهو شاب يريد الارتباط بـ (فريدة) ابنة يحيى وينشئ نوع من المواجهة الحوارية بين الكاتب اليساري والشاب المتدين ولذلك فهو أيضاً فيلم حواري.

نرشح لك: محمد عبده بدوي يكتب: “الضيف”.. صرخة عقل وحيرة مشاهد

بين المحاضرة والتشويق

فيلم (الضيف) من المفترض أنه فيلم تشويقي لكنه في حقيقة الأمر مناظرة عن الإسلام والفرق بين الوسطية والسلفية ويعرض ذلك داخل إطار الفيلم التشويقي حيث يكون مصدر التشويق الأسرار التي يتم كشفها تدريجياً من خلال الحوار وهو ما لا ينجح فيه الفيلم بشكل كامل للأسف.

يقع الفيلم في نفس مشاكل هذا النوع من الأفلام النقاشية فالفيلم من تأليف (إبراهيم عيسى) وهو بشكل أو بأخر هو فيلم عن تجربته الشخصية، فـ (عيسى) يعبر عن نفسه، عن طريق شخصية (يحيى) لذلك فهو يستخدم المناقشة المفترضة بينه وبين (أسامة) ليعبر عن آراءه الشخصية وهي طريقة مباشرة للمعالجة السينمائية، سبق وأن وقع فيها (عيسى) نفسه في فيلم (مولانا) لكن إحقاقاً للحق فهو هنا أقل مباشرة فهذا النوع من المناقشات الفكرية والعقائدية يمكن حدوثه في الواقع فمشكلة الفيلم لا تكمن هنا بل تكمن في فكرة (الضيف) نفسها فبناء الشخصية المتعصبة كما هو ظاهر يجعل من الصعب تصديق أن تقع ابنة (يحيى) في حبه أو في استمرار المناقشة من الأساس فالاستمرار هنا هو لمد أحداث الفيلم لا أكثر.

كما أن التشويق في الفيلم لا يأتي بسبب المواجهات الحوارية بين (يحيى) و(أسامة) بل على أثر ذلك على كل من (فريدة) و(ميمى) زوجة يحيى وخوفهم من نتائج هذا الحوار لكن المصدر الأكبر والمفترض للتشويق هو تاريخ الشخصيات فكل شخصية هنا لديها سر مدفون يتم الإشارة إليها ثم كشفه بالتدريج لكنه لا يوفق في ذلك دائماً فالأسرار نفسها لا تكون مشبعة عندما يتم الكشف عنها ويتم تداركها سريعاً. فالفيلم يعاني من ضعف بناء الشخصيات فشخصية الابنة مثلا، دوافعها غير مقنعة وغير منطقية وشخصية (أسامة) كذلك ففي البداية يتم الإشارة لوجود تاريخ خفي بين عائلته وبين (يحيى) قد يكون سبب في تصرفاته لكننا نكتشف أنه سبب واهي في النهاية كما أنه من المفترض أنه يكون الطرف الثاني في الصراع الفكري بينه وبين (يحيى) لكن إجاباته وتفاعلاته ليست مشبعة وليست على مستوى هذه الأحاديث عندما تحدث في الواقع فـ (عيسى) هنا يستخدم هذه الشخصية كمرآة لا أكثر لعرض أفكاره.

أما (الباجوري) فقد وفق بشكل كبير في صنع إيقاع تشويقي متصاعد من خلال المونتاج وشريط الصوت وعلى الرغم من الحيز المكاني الضيق للفيلم فأنه نجح في صنع صورة سينمائية متميزة عن طريق استخدام اللقطات القريبة لعرض ردة فعل الشخصيات، وقد نجح في ذلك بشكل كبير بسبب التمثيل، فمشاهد كل من (جميلة عوض) و(شيرين رضا)، كانت مشاهد رد فعل وقد أدياها بامتياز وخاصة (جميلة) والتي عوض أدائها عن ضعف بناء شخصيتها. أما (خالد الصاوى) فقد حصل على الجزء الأكبر من الحوار فغابت مشاهد رد الفعل تقريباً عن دوره وعندما أتت لم يوفق بها وفى العموم كان أداؤه كرتونياً بعض الشيء. (أحمد مالك) كان صاحب الأداء الأضعف فصحيح أن شخصيته عانت من عدم المنطقية لكن أدائه عانى بسبب نطقه وجمله كانت غير مفهومة وهي مشكلة كبيرة في فيلم حواري بالأساس.

إعادة بعث الفيلم الحواري

هذه النوعية من الأفلام الحوارية غير منتشر في السينما المصرية على الرغم من سهولة إنتاجه، فعادة ما يطلق على هذا النوع من الأفلام مصطلح فيلم (السهرة التليفزيونية)، ببساطة لأن الفيلم يعرض في التلفاز وليس في السينما، لذلك يكون الفيلم قليل التكلفة ويظهر ذلك بشدة في الديكورات وأسلوب التصوير ويكون معتمد بشكل كامل على الحوار، ولذلك لا تتجاوز مدة عرضه الساعتين في الأغلب ومن أشهر الأمثلة على هذا النموذج فيلم (أنا وأنت وساعات السفر) وهو فيلم يدور بالكامل عن حوار بين شخصين في قطار. لكن هذه النوعية اندثرت في مصر منذ أواخر التسعينات تقريبا.

فيلم (الضيف) هو فيلم تشويقي فعال عابه المباشرة وضعف بناء الشخصيات لكن يحسب له أنه فتح الباب لإنتاج هذه النوعية من الأفلام الحوارية في مصر بشكل قد يكون أفضل مما سبق خاصةً أنه ليس فيلماً تلفزيونيا ولا قليل التكلفة.

شاهد: مختلفة – طريفة – صادمة.. آراء المشاهير المثيرة للجدل