مازن فوزي يكتب: 122.. فيلم محبط وخطوة للوراء لكل صناعه

فيلم (122) هو فيلم رعب تشويقي ويعتبر من أفلام المكان الواحد فأغلب أحداث الفيلم تدور في ليلة واحدة في مستشفى ينقل إليها بطلانا بعد حادث، بطلانا هم (نصر) الشاب الفقير وزوجته الصماء (أمنية)، واللذان يجدا نفسهما في قبضة أحد الأطباء الذي يقوم بتجارة الأعضاء وهو (نبيل) ويتابع الفيلم محاولاتهما الهروب منه قبل أن يقتلهما.

لا منطقية الأحداث ولا منطقية الدوافع

لا منطقية الأحداث ممثلة في قدرة الشخصيات على الاستمرار في الحياة على الرغم من كل ما يحدث لهم، (فنصر) مثلا يبدأ الفيلم باصطدام سيارة به وهو في مقعد السيارة الأمامي ليستيقظ بعد عدة ساعات ويصاب بطلق ناري في ذراعه ويقفز من ماسورة مشتعلة وغيرها من المبالغات وعلى الرغم من كل ذلك فهو قادر على الجري والمبالغات لم تكتف بنصر فشخصية (نبيل) حصلت على قدر كبير منها فنبيل هو الشرير الرئيسي في الفيلم ومصدر التهديد لبطلينا لكنه يستمر للعودة حتى مع تهشم أنفه وضربه على الرأس عدة مرات، ويضاف إلى لا منطقية الأحداث، اختفاء المستشفى من كل المرضى والعاملين بها وقت المطاردة رغم أننا رأينا الكثير منهم في قسم الطوارئ بعد الحادث ولا يعقل إن اصطدام سيارتين لم ينتج عنه أي إصابات تتسبب في بقاء المرضى بالمستشفى.

نرشح لك.. فيلم 122.. ثلاثية التشويق والأخطاء واللامنطق

وإذا ما تجاهلنا مبالغات الأحداث فمن الصعب تجاهل لا منطقية الدوافع، فالفيلم بالكامل مبنى على التهديد الذي يمثله (نبيل) على (نصر) و(أمنية)، لكن ما هو دافع (نبيل) لقتلهما؟ فالدافع الوحيد الذي يتم ذكره هو خوفه من أن يبلغا عنه، ونتيجة لذلك يحول المستشفى إلى مقبرة مليئة بالجثث فكيف يخطط لإخفاء هذه الجثث وإعطاء أسباب لغياب زملائه؟ ويزداد الطين بلة عندما نراه وهو يجهز شنطة سفر مليئة بالمال ليسافر، فاذا كانت هذه خطته لماذا يتكبد كل هذا العناء لقتل (نصر) و(أمنية)؟

السيناريو لا يعرض ما يجعلنا نتساءل عن صحة عقل (نبيل) لعقله فكل ما يقوله السيناريو عنه أنه شخصية انتهازية، وحتى مع قيامه بعمليات تجارة الأعضاء فهو لم يقتل أحد من قبل وكل عمليات نقل الأعضاء التي قام بها كانت على أشخاص ماتوا بالفعل. فمن أين أتى بكل هذه الثقة والعزم لقتل كل هؤلاء البشر؟

بين مشاهد التوتر والابتذال

الفيلم أيضاً أكثر من الاعتماد على الصدف وتقنيات الخداع في صنع مشاهد موترة بدون داعي وذلك من خلال الاستخدام المبالغ فيه لشريط الصوت ووجود شخصيات كاملة لا ضرورة لها سوى صنع توتر زائف مثل شخصيات (الفيشاوى) و(محمد ممدوح) و(محمد لطفى) والذين يختفوا فور ظهورهما بعد أن أدوا المطلوب منهم في دفع الأحداث للأمام أو صنع توتر لكن دون إعطاء مبررات كافية، كذلك اختيار أن يكون أحد بطلي الفيلم من الصم والبكم هو لصنع توتر يكون مصدره عدم قدرة أمنية على معرفة اقتراب الخطر منها لكن حتى هذه الحيلة لم تستخدم بشكل مشبع فمع تقدم الأحداث تفقد أمنية سماعتها وينسى الفيلم ذلك تمام وحتى أنه لا يتم استخدام هذه الحدث لصنع توتر.

كما أن حوار الفيلم عانى من بعض الركاكة مثل تكرار نبيل لجملة (أصله كان يوم صعب أوى) أو مشهد لأحد الزبائن في محل (نصر) وهو يحاول أن يقنع زبون بأن يشترى حذاء أو مشاهد تعامل الناس مع حالة (أمنية) والتي اعتمدت على المبالغة في ردة فعلهم لصنع تعاطف مع أمنية وهو أسلوب مبتذل خاصة أننا في فيلم تشويقي فسيناريوهات (الجهينى) السابقة لم تخلو من مشاهد لا تحرك القصة للأمام لكنها على الأقل احتوت على قدر كبير من المتعة سواء في مشاهد الأكشن أو الكوميديا.

إخراج (الياسرى) أيضاً عانى من المبالغة في الاستعراض مثل الربط بين مشهدي (أمنية) وهي تغمض عينيها في الحادثة ثم فتحها لهما في غرفة المستشفى، (فالياسرى) لم يكتفى بدمج المشهدين لصنع قطعة مطابقة بل استخدم الجرافيك في ذلك وهو استخدام بدون داعي خاصة أنه لم يستخدمه بشكل مرضى في مشهد الحادثة فقد اكتفى بلقطة واحدة لها من داخل السيارة، هذا بالإضافة إلى المبالغة في استخدام مشاهد الحركة البطيئة لصنع التوتر. وهو أيضاً لم ينج من فخ الابتذال في صنع مشاهد مؤثرة على الرغم من أن الأداء التمثيلي وحده كان كافياً لصنع التعاطف فمن الإسراف في الاعتماد على الموسيقى التصويرية في المشاهد بين (نصر) و(أمنية)، إلى لقطات تظهر تعارفهما بعد موت (نصر) الزائف، والتي وإن قيمناها بالمنطق وحسب ما عرض فإن (أمنية) قد اعترفت (لنصر) بحبها له في أول لقاء بينهما

جاءت أداء كل من (أحمد داود) و(أمينة خليل) موفقاً وسدا فجوات كثيرة في منطقية علاقتهما و(أمينة) بالأخص كان المطلوب منها مضاعفاً فبجانب مشاهد التأثر الصعبة فقد أجادت أداء الفتاة الصماء بينما أثرت الا منطقية على تقبل كل من (طارق لطفي) و(أحمد الفيشاوى) في أدوراهما على رغم من المجهود الكبير الذي بذله (لطفى).

في النهاية ففيلم (122) هو للأسف، فيلم محبط وخطوة للوراء لكل صناعه والمشاركين فيه.

فيلم 122.. نقلة حضارية في التشويق