محمد غنيمة يكتب: إنكزني شكرا

انتشر في الأيام الأخيرة بمجتمع الفيسبوك المصري، مطالبات الأصدقاء والمستخدمين لنكز حساباتهم، باعتبار أن الفيسبوك يدبر مؤامرة كونية على مستخدميهم المصريين، ولم يتوقف الأمر على ذلك فتجد نفسك محاصرا عبر البريد الإلكتروني وصفحات الفيسبوك والواتسآب بأصدقاء يطلبون منك استخدام هذه الأداة حتى يتم حماية خصوصياتهم، وكأن الناس سوف يمنعون مؤسسة الفيسبوك التكنولوجية من هذه المؤامرة من خلال أداة النكز، ويبدو أن الشعب المصري؛ خلق نوعية جديدة من رهاب التكنولوجيا، وهي رهاب السوشيال ميديا، حيث لا تفتأ أن تظهر إشاعة إلا ويعقبها أخرى، ونجد المطالبات الغريبة باستخدام هذه الأداة تحديدا، قد يكون السبب في هذا الأمر هو عدم المعرفة بدور هذه الأداة من الأصل.
لا يتعدى دور هذه الأداة (النكز – poke) إلا للفت الانتباه وفقط، كأن تقول مرحبًا لأحد الأشخاص، أو أن الشخص يقدم زهرة كنوع من الترحيب لصديقه، وليس كما يشاع بأن هذه الخاصية أو الأداة هي لتفادي غلق الحساب أو انتهاكه.
وللأسف أصبح العالم الافتراضي بكل مداخله ومقوماته مصدرا لقلق الكثيرين وخاصة الجيل الأكبر سنا من الشباب، فمعظم المشاهدات التي أبداها المستخدمون بطلب استخدام هذه الخاصية، لم تكن من جيل الشباب أو الأصغر سنا، وإنما من الجيل الأكبر سنا، وإن دل هذا على شيء فإنه يدل على مستوى ثقافي تكنولوجي متدني، وأعتقد أن رهاب السوشيال ميديا هذا لا بد أن يٌحل من خلال رفع الثقافة التكنولوجية، فالعالم الرقمي عالم يجب أن نتعايش معه ونتعلم مقتضياته وكيفية استخدامه.
أما عن توقف بعض الخواص في الموقع فالأمر هنا لا يتعدى إلى أن إدارة الفيسبوك قررت تبديل لقاعدة بياناتها وبالتالي ظهر تعطل لبعض الخدمات التي يقدمها الموقع ليس إلا. وهذا الأمر يحيلنا إلى المشكلة الأكبر والمشكلات الرقمية بوجه خاص، حيث نستطيع أن نفهم ظهور مصطلح “Digital Gap” الفجوة الرقمية، هذه الفجوة التي تتزايد يومًا بعد يوم في وقت يثير فيه منتجو المعرفة الرقمية مشكلات مستمرة، مثل إخضاع الشبكات الرقمية لرقابة صارمة، وإثارة عقبات مثل حقوق الملكية الفكرية، وفرض أسعار مبالغ فيها على البرمجيات مما يحرم من لا يملك المال من امتلاك المعرفة العصرية.
ولا بد لنا أن نشير بقوة إلى أن هذه الفجوة الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي أدت إلى حدوث فجوة كبيرة بين الشباب الناظر إلى واقعه وواقع الأخر وبين الأكبر سنا منه، حيث بدأ الأكبر ينظر إليه كأنه مدمن على استخدام الكمبيوتر والانترنت، وبالتالي تلقي أفكار توثر على بيئته وتؤثر على معايير مجتمعه، أما جيل الانترنت بدأ ينظر إلى الأكبر سنا بأنه جيل ضعيف لا يعرف بواطن الأمور وغيرها، والجهل بالشيء لا يحرم من العقاب، والعقاب هنا هو تعذر الاتصال بالخادم والمنع من النكز.
للتواصل مع الكاتب هنا

محمد غنيمة يكتب: عالم بلا خصوصية

نقدم لك| الحلقة الثالثة من الخلاصة.. حزب أعداء حمو بيكا