البدلة.. هل تكفي الإيفيهات وحدها لنجاح الفيلم؟!

إنجى الطوخي

على الرغم من أن بداية ظهوره كانت في موسم عيد الأضحى، إلا أن فيلم “البدلة” لا يزال يعرض حتى الآن في دور العرض السينمائي، فعند الذهاب لأي سينما سيجد المشاهد أن بوستر الفيلم ما زال موجودا معلنا عن استمرار حفلاته رغم أن معظم الأفلام العربية التي صاحبت ظهوره في أغسطس الماضي تم رفعها، ليبقى هو الفيلم العربي الوحيد بين الأفلام الأجنبية المعروضة حديثا. أربعة شهور متواصلة من العرض تجعل السؤال المناسب هل يستحق الفيلم هذا الإقبال الجماهيرى بالفعل؟

يدور الفيلم في أطار كوميدي، حول “وليد” الذي يصادف عيد مولده، ميلاد ابن اخته “حماده”، ويتشارك الاثنان كل شئ فى الحياة، حتى عدم نجاحهما في الدراسة أو إيجاد عمل مناسب، وخلال حضورهما حفل أقامه أصدقاءهما منذ أيام المدرسة وهما يرتديان زي ضباط الشرطة بسبب اعتقادهما أنها حفلة تنكرية، يكتشفان خطأهما ويضطرهما ذلك إلى ادعاء أن وظيفتهما الحقيقية هى “ضباط شرطة”، وتتقاطع الأحداث مع قدوم مجرم خطير إلى مصر يسعى إلى بعض المعلومات المهمة وتتوالى الأحداث.

نرشح لك: جنة الإعلام: رحلتي مع فضائيات مصر.. في محبة حازم دياب

منذ اللحظات الأولى للفيلم تتصاعد ضحكات الجمهور الحقيقية والعفوية -حتى إنها أحيانا تعلو على صوت الفيلم نفسه- على الإفيهات التى يقدمها أكرم حسنى ويشاركه فيها تامر حسنى، فيبدو هو البطل الحقيقى بينما يتوارى الجميع في الخلفية، ومع اقتراب نهاية الفيلم يبدو أكليشيه “فيلم مناظر من غير قصة” مناسبا ولكن مع تغيير بسيط فهو “فيلم أفيهات من غير قصة”، فالحدوتة التى يقدمها الفيلم تبدو مخلخلة وينقصها الترابط والإقناع كما تظهر فيها بعض السذاجة خصوصا في مشاهد المطاردة بين الشابين وبين المجرم الذي يقوم بدوره ماجد المصري، أو مشاهد هروب تامر حسنى مع أمينة خليل”.

كان من الممكن أن يصبح فيلم “البدلة” أكثر إقناعا إذا اهتم مؤلفه أيمن بهجت قمر، بتقديم عمق للأحداث أو للشخصيات، فبدا أن التركيز كله كان منصبا على تقديم إفيهات كوميدية استغرق نصف الفيلم تقريبا، وفرض مساحة كبيرة لـ”تامر حسنى” ومعه “أكرم حسنى” على حساب باقى الشخصيات، فظهرت أمينة خليل باهتة بلا روح ولا خلفية عنها كشخصية إلا فى المشهد الأخير فى الفيلم، أما المجرم ماجد المصرى فكان وجوده كرتونى كأنه مقحم على الأحداث لاستكمال الثنائية الشهيرة بين البطل الطيب الذى ينقذ العالم والشرير الذى يخشاه الجميع ولكن يتم هزيمته.

وكما قال رفيق الصبان من قبل أن “لكل فيلم جماله الخاص، فلا يوجد فيلم سئ كليا” فجمال الفيلم الحقيقى ظهر فى شخصية دلال عبد العزيز التى قدمت لأول مرة مصممة ملابس أفلام سينمائية، وهى مهنة متعلقة بالجزء الخفي من عالم السينما والذى يندر الحديث عنه وهو كواليس صناعة أى فيلم سواء فى الملابس أو الديكورات أو الإضاءة أو غيرها من أساسيات تلك الصناعة، وقد تميز أداؤها بالسلاسة والنعومة التى تدخل القلب مباشرة، فذكرت المشاهد بنجمات أفلام الخمسينيات مثل ميمى شكيب، ومارى منيب، وزينات صدقى وغيرهم.

والملحوظة الأهم فى الفيلم هى اختيار مهنة ضابط الشرطة كوظيفة للبطلين وعلى الرغم أنها كانت موفقة فى التصاعد الدرامى للأحداث ومناسبة لحبكة الفيلم، إلا أنها بدت وكأنها استكمالا لسلسلة أفلام ضباط الشرطة التى غزت السينما المصرية خلال العامين أو الثلاث أعوام الماضية، وظهرت فى أفلام (جواب اعتقال، الخلية، أبو شنب، حرب كرموز، هروب اضطرارى، شد أجزاء، بث مباشر) وغيرها من الأفلام فتغيب الصدفة عن تفسير الأمر، ويبدو أن تغيير الصورة النمطية السائدة فى الأذهان عن جهاز الشرطة التى تتهمه بالفساد والسمعة السيئة هو الهدف المباشر بالإضافة إلى ترسيخ التقدير للدور الذى يقوم به الشرطى فى خدمة الوطن ومدى التضحية التى يقدمها بها.

وفى النهاية فيلم “البدلة” قد يكون مناسبا للحالة السياسية والاجتماعية التى يمر بها المجتمع المصرى، فيضفى بعضا من البهجة فى نهاية يوم ملئ بالتوتر والصراع من أجل العيش، ولكنه يبدو أن صناعه لم ينتبهوا “فخرجت المقاسات واسعة حبتين”!

شهرزاد العصر الحديث.. شريهان

شاهد: يحدث لأول مرة.. في اليوبيل الذهبي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب