محمد غنيمة يكتب: عصر الظلام الرقمي

للتواصل مع الكاتب عبر فيس بوك اضغط هنا

لكل عصر تقدم ولكل تقدم آليات وأدوات وأسباب ولكل فترة هناك اختراع تتغير بسببه كل المفاهيم وآليات الإنتاج وتنبى عليه أسس العصر القادم، ودعني أبدأ معك صديقي القارئ قصة التكنولوجيا الرقمية في العالم في العصر الحديث التي لم يكن نصيب فيه!.

قبل أن نبدأ في سرد قصة ظهور الإنترنت لابد لنا معرفة بعض الجوانب التاريخية التي جعلت الإنترنت نموذجًا للاستخدام العالمي وعن الأسباب التي دعت لوجود الأنترنت في العالم، بدايةً ارتبط اسم التكنولوجيا ارتباطًا وثيقًا بزمن الحروب، ولعل الحرب العالمية الثانية هي بداية إرهاصات عصر التقدم الذي نعيش فيه الآن، كما كان هناك ارتباط وثيق بالتقدم التكنولوجي مع الاستخدام العسكري؛ فعندما اخترع الأخوان “رايت” الطائرة بدأت الولايات المتحدة الأمريكية في أخذ صور جوية؛ الهدف الرئيسي منها هو الاطلاع على أماكن تواجد القوات المعادية حتى يتم الهجوم عليها بشكل أسرع، وعندما اخترع “فرنر فون براون” الصاروخ المضاد للطائرة بدأ البحث في طرق جديدة للتجسس العسكري، وأطلق الاتحاد السوفيتي أول قمر صناعي “سبتونيك 1” القمر الذي غير مفاهيم العصر وبدأت الولايات المتحدة في أخذ هذا العسكري الذي صنع الصاروخ سابق الذكر وتضعه في مؤسسة الفضاء الأمريكي” Nasa ”؛ ومن هنا بدأ عصر جديد في التكنولوجيا مُخلفًا ورائه عصر الكمبيوتر، ثم عصر الروبوت ثم إلى أين ؟؟.

نرشح لك: محمد غنيمة يكتب: حمو بيكا و”شطة” وثقافة “الكيتش”

منذ فترة ليست ببعيدة فوجئت بتصريح من أبو الإنترنت “فنت كيرف” ونائب الرئيس التنفيذي لأكبر شركات صناعة البرمجيات والمسئولة عن أكبر محرك بحث على الشبكة العنكبوتية يقول “حافظوا على وثائقكم ورقيًا وإلا مصيرها الضياع”، فبدأت أتسأل هل معنى ذلك أن الوثائق والأشياء الرقمية إلى زوال أو أن العالم الرقمي سوف ينتهي، ومن هنا بدأت أدقق فيما كتبه لعلني أبعد هذه الفكرة من عقلي ولكن للأسف لم أجد ما يجيب عن سؤالي هذا داخل هذا المقال.

بدأت في البحث ووجدت أن معظم دول العالم الآن تذهب إلى “رقمنه” وثائقها والتعامل رقميًا مع كل شيء، مثلًا دولة الإمارات تقوم الآن بتدشين حكومة إلكترونية كاملة متكاملة: أي أنها تقوم بحفظ وتخزين بياناتها رقميًا وذلك للحفاظ عليها من التلف والتآكل، إلا أنه يجعلها معرضة للضياع مستقبلًا جراء انقراض التطبيقات التي تستطيع مشاهدتها (وبالتالي عدم اكتراث الأجيال المقبلة بتلك البيانات)، بالإضافة إلى أن الملفات معرضة للاختفاء جراء الحذف غير المقصود أو تعطل وسط التخزين (وحتى وسائط التخزين الاحتياطية) أو قرصنتها و”اختطافها” رقميًا لقاء فدية محددة.

ثم بدأت اتسائل لماذا دعا هذا العالم “كيرف” إلى مثل هذا الأمر، هل هناك احتمالية قريبة للعودة بنا إلى عصور الظلمة، أعلم جيدًا وتعلمون بأن شركة google هي شركة من أهم الشركات الرقمية في العالم ويتحكم بها أقوى جهاز مخابراتي بالعالم، وقد يكون التصريح بهذا الخبر نوعًا من أنواع الهيمنة على القلاع الرقمية القليلة في العالم، ولكنني ابتعدت كثيرًا عن هذا الأمر؛ وبدأت أتذكر موقع إلكتروني عربي لا داعي لذكره، كان يقوم بسرقة الأفلام الجديدة التي تُعرض في السينمات وتخزينها على سيرفر لأحدى الشركات التي تسرق حقوق الملكية مقابل أجر قليل؛ وبعد أن أغلقته حكومة الولايات المتحدة ومسحت كل ما كان مخزن عليها، بالتالي ضاعت كل هذه الأفلام والأغاني وغيرها ولما أذهب إلى مثل هذا البعد، فعندما أنكسر هاتفي المحمول فقدت كل البيانات المخزنة عليه وكل الأرقام والصور التي ظللت أحفظها لفترة طويلة ولم أستطع حتى الآن استرداد جزء صغير منها.

من الناحية الأخرى أصبح الشباب والكبار يسجلون لحظاتهم على موقع Facebook فيضعون صورهم وصور أصدقائهم ومقاطع الفيديو إلخ.. ولكن ماذا لو عطب سيرفر هذه الشركة بالتالي كل لحظات العالم سوف تضيع إلى الأبد.

وسؤالي لك صديقي القارئ هل فكرت يومًا بأن تسجل لحظات حياتك وأغانيك وأفلامك المحببة إليك بشكل صلب أو ورقي؟

شاهد: في يوم الرجل العالمي.. تابع أبرز صفات الرجل المصري